Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

  وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ...ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز
محمد الأحمد الرشيد

المعلم

مجلة تربوية ثقافية جامعة

  على الرغم من اهتمام التربية الحديثة بجوانب النمو الوجداني والمهاري إلى جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في المدرسة.
دليل المعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

قضية للمناقشة

كتاب زوال إسرائيل عام 2022

و قرار مجمع البحوث بالأزهر

أصدر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر قراراً يدعو فيه إلى منع تداول كتاب " زوال إسرائيل 2022، نبوءة أم صدف رقمية " للمفكر الإسلامي الفلسطيني بسام جرار،بدعوى أن الكتاب من قبيل التنبؤ بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية في عددها الصادر يوم 13/8/2002.

والحق أنه منذ نشر الأستاذ بسام جرار بحثه ذاك في العام 1993، والموضوع بين أخذ ورد من قبل الكثيرين في الساحة العربية والإسلامية .. فمن جهة لقي البحث قبولاً عريضاً وواسعاً لدى أوساط فكرية وشعبية نتيجة لقراءة الكتاب أو الاتصال المباشر بالمؤلف، إضافة إلى ما أشاعه البحث من أمل وتفاؤل في الشارع الفلسطيني والعربي، ومن جهة أخرى فقد قوبل الكتاب بالاستغراب والانتقاد وأحياناً الهجوم من بعض الجهات الإسلامية والعلمانية.

نعم قد نتفق أو نختلف مع النتائج التي رجحها الاستاذ بسام جرار، ولكن هل المنهج الذي اتبعه الكاتب في بحثه مقبول عقلاً وشرعاً أم لا ؟

إن هذا السؤال الكبير يستدعي عدداً من الأسئلة الهامة من مثل:

المُطالع لكتاب "زوال إسرائيل 2022م نبوءة أم صُدَف رقمية" يجد أن الكتاب ينقسم إلى قسمين رئيسين أولهما في تفسير فواتح سورة الإسراء، حيث يرى المؤلف كما يرى الكثير من المفسرين والمفكرين الإسلاميين المعاصرين ،أنّ الفساد الأول لبني إسرائيل والعقاب الإلهي عليه (وعد أولاهما) قد مضى وانقضى، وأنّ الإفساد الثاني (وعد الآخرة) يشير إلى دولة إسرائيل الحالية، حيث قضى الله تعالى أن يسوء وجوههم بأيدي المؤمنين الذين سيدخلون المسجد ويتبرون ما علو تتبيرا.. وحتى المعاصرون الذين يقولون مع المفسرين القدامى بأن الإفسادتين الإسرائيليتين قد مضتا، فإنهم لا يقولون بأن هذه الدولة ستبقى أبد الدهر ولا سبيل لهزيمتها ، وذلك بسبب الآيات والأحاديث الكثيرة التي تؤكد أن الله تعالى سيُظهر هذا الدين على الدين كله، وأنّه سيبلُغ ما بلغ الليل والنهار وأن خلافة راشدة تعُمّ الأرض لا محالة قادمة بعد زوال المُلك العضوض والحُكم الجبري.

إذن الفكرة أساساً.. فكرة زوال دولة إسرائيل، هي مما فهمه الكاتب من فواتح الإسراء وهو فهم يشاركه فيه الكثيرون حتى مع وجود بعض الاختلاف في التفصيلات ، .. هذا ما يتعلق بالقسم الأول من الكتاب أي القسم التفسيري لفواتح الإسراء ، والسؤال التالي: هل في القرآن حديث عن الغيب ؟ وهو سؤال غير منطقي بالتأكيد فالإعجاز الغيبي مشهور ومعروف للجميع وبداية سورة الروم لا تخفى على مسلم ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) ، وغني عن البيان حديث القرآن والسنّة عن أمور الغيب منذ بدء الدعوة وحتى القيامة وأماراتها .. وبالتأكيد فالمنتقدون لم يخطر ببالهم هذا السؤال ،وكأني بهم يعترضون بأن الكتاب والسنة قد أخبرا بغيوب،ولكن دون تحديد زماني لها.

لنرجع إلى القرآن ... أليس قد تحدث عن رؤيا ملك مصر والبقرات السبع السمان اللاتي يأكلهن سبع عجاف؟ ... الرؤيا هذه وحي من الله تعالى فيها رمز إلى غيب يمتد أربعة عشر عاماً.

إن كثيراً من المسلمين ينسون أخبار السيرة العديدة المرهصة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ..لقد كان اليهود يقولون لأهل المدينة إنّه قد أظلنا زمان نبي، الأمر الذي كان سبباً في إسلام الخزرجيين الستّة حيث قال بعضهم لبعض: (إنّه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه)، ولا ننسى الراهب النصراني الذي أخبر سلمان الفارسي بأن نبياً قد أظلّ زمانه سيُهاجر إلى أرضٍ ذات نخل كثير ، حيث لم يتوانَ سلمان بل سافر للقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة. لقد وردت البشارات في التوراة والإنجيل بالرسول عليه السلام تحدد صفاته الكريمة وعلامات نبوته ومكان بعثته ودار هجرته، بل وصفات أصحابه عليه السلام الذين أورد القرآن الكريم مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، حيث أبقى الله تعالى كل ذلك في التوراة والإنجيل بالرغم مما أصابهما من تحريف .. وأبقى إشارات تحدد وتعيّن (زمان البعثة والهجرة) دون أن ننسى أن بين عيسى ومحمد عليهما السلام حوالي ستة قرون، في حين أن بين موسى ومحمد عليهما السلام حوالي ثمانية عشر قرناً ، فكيف تأتّى لليهود والنصارى أن يُحددوا زمان بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

والسؤال الذي نطرحه خاصّة لأهل العلم الشرعي : إذا كان الله تعالى قد ادّخر في التوراة والإنجيل بالرغم من تحريفهما، رموزاً وإشارات دالّة على حوادث ستقع بعد قرون طويلة .. فما الذي يمنع أن يكون سبحانه قد ادّخر في القرآن الكريم أيضاً إشارات زمنية ، وهو الوحيد الذي تعهّد رب العزّة بحفظه ؟؟

وبعد ذلك يبقى السؤال: هل في القرآن الكريم إعجاز عددي أو أنظمة عددية ؟ وهل موضوع العدد القرآني من البدع المعاصرة أم أنّ له أصلاً في الفكر الإسلامي ؟

قسم كبير من المفسرين، على سبيل المثال، عند تفسيرهم لسورة القدر، ينقلون عن أبي بكر الوراق ، أنّ ليلة القدر هي الليلة (27) من شهر رمضان المبارك ، حيث أن السورة (30) كلمة بعدد ليالي الشهر ، وكلمة (هي) الدالّة على ليلة القدر هي الكلمة رقم (27) في السورة ، إضافة إلى أن عبارة (ليلة القدر) مكوّنة من (9) أحرف وقد تكررت (3) مرّات حاصل ضربهما يساوي (27) .. ومن اللطيف أيضاً أن كلمة القدر التي وردت (3) مرّات في السورة قد جاء ترتيبها في المرات الثلاث (5)،(10)،(12) على التوالي، ومجموع الترتيب كما هو واضح يساوي (27) . وبإمكان القارئ لتفسير (نظم الدرر) للبقاعي مثلاً ، أن يجد فيه الكثير من الوقفات العددية بغض النظر عن اقتناعه أو عدم اقتناعه بها.

ومن الكشوف المعاصرة في الموضوع أن ترتيب سورة الحديد في المصحف هو (57)، والعجيب أنّ الوزن الذري الأوسط لأحد نظائر عنصر الحديد هو (57)، إضافة إلى أنّ كلمة الحديد بحساب الجُمّل هو أيضاً يساوي (57) .

المجموع

ا

ل

ح

د

ي

د

57

1

30

8

4

10

4

بينما حساب كلمة حديد بدون (ال) التعريف يساوي (26)، وهو العدد الذري للحديد ، فهل كل ذلك مصادفة؟

وكذلك فإن سورة النحل رقمها (16)، والمعروف أن ملكة النحل تحتاج ما معدله (16) يوماً للتحول من بويضة مخصّبة إلى حشرة كاملة، والأهم من ذلك أن عدد كروموسومات ذكر النحل هو أيضاً (16) كروموسوماً، في حين أن لأنثى النحل ضعفي هذا العدد .

وقد لوحظ أيضا بأن حساب كلمة ( ءادم ) بالرسم العثماني ،الذي يرى جمهور العلماء بأنه توقيفي، أي كتب بإرشاد الوحي، يساوي (46) ، وهو عدد كروموسومات الإنسان ، وهنا يستوقفنا حديث الرسول عليه السلام بأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة .. وقد استوقف الرقم (46) علماءنا من قديم وحاولوا الإجابة عليه بأن مدة الرؤيا الصادقة إلى سنوات النبوة ال(23) ، هي( 46:1 ) لأن الرؤيا امتدت ستة أشهر كما قالوا، والذي أراه أقرب إلى الصواب أنها إشارة إلى كروموسومات الإنسان بدليل قوله تعالى ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) ، فهذه الآية ربطت بين الدين ،الذي هو الوحي، والفطرة التي فطر الناس عليها.. ثم انظر التعقيب بقوله تعالى (لا تبديل لخلق الله ) وأي شيء أكثر ثباتاً من الكروموسومات في الخلق ؟.

ألا تكفي هذه الإشارات وكثير غيرها، لتنبهنا إلى وجود أنظمة عددية أو على الأقل لطائف عددية؟؟ أو لنقل مع الشيخ  بسّام جرّار أن هناك (إرهاصات) ومقدمات للإعجاز العددي في القرآن الكريم ؟ كما جاء في كتاب (إرهاصات الإعجاز العددي)  الصادر عن مركز نون للدراسات القرآنية في فلسطين.والموجود على صفحة المركز الإلكترونية.

إذن ما الذي قام به الأستاذ بسّام جرّار في كتابه (زوال إسرائيل 2022 م)؟

إنّه بعد أن فسّر فواتح سورة الإسراء، لاحظ في الآيات حشداً من الوقفات واللفتات العددية كلها تصب في أن عمر دولة إسرائيل هو (76) سنة قمرية أو (74) سنة شمسية تنتهي عام 2022م ، وحتى بعد أن أثبت هذه الملاحظات في كتابه لم يجزم بحتمية زوال إسرائيل في ذلك العام بل جعل الحكم النهائي للقارئ وفق قناعاته، وترك السؤال الكبير عنواناً للكتاب (زوال إسرائيل 2022م ، نبوءة أم صُدَف رقمية؟) .

من الواضح أن الشيخ جرار لم يتنبأ بالغيب وإنما فسر كلام علام الغيوب بيانياً ، وعددياً ..

إنّ هذه المقالة تهدف إلى إعادة النظر في موضوع العدد القرآني من جهة ، وهل يمكن، من الناحية النظرية على الأقل ، تحديد عمر (إسرائيل) ؟؟ ، ، وهي ليست بالضرورة تزكية ،أو تأييداً للبحث .

ولموضوع الإعجاز العددي ، وزوال (إسرائيل) عودة بإذن الله .

إعداد / طارق حميدة
فلسطين

الصفحة الرئيسة

إرسال مقال