من وحي الكتاب
الاشعة الكونية والنور
فاخف الكلام واختم السفر الى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد"
(سفر دانيال 12: 4)
جمع وتقديم د. جورج رشيد خوري
وقال الله ليكن نور فكان نور
(سفر التكوين3:1).
هذا في اليوم الاول من ايام الخلق الستة. اما في اليوم الرابع فكتب رجل الوحي العظيم موسى: "وعمل الله النورين العظيمين.الشمس والقمر والنجوم لتكون لآياتٍ واوقاتٍ وايامٍ وسنينَ" (راجع تكوين ( 1: 14 – 19).
هنا يبرز امامنا اكثر من سؤال واحد, لماذا كتب رجل الوحي العظيم موسى : وقال الله ليكن نور في اليوم الاول, بينما يكتب : وعمل الله النورين العظيمين...والنجوم في اليوم الرابع ؟؟. هل من المعقول ان الله يصنع شيئا قبل ان يشير الى مصدره أولاً ؟. هذا اذا كان لهذا الشيء من مصدر سوى الله نفسه الذي خلقه لعمل معين.
ألا يأتي بنا هذا الى الدهشة حين نقرأ ما كتبه موسىمنذ اجيال قديمة ؟. هل ان موسىكان "إنشتابن" زمانه حتى أصر علىكتابة علمية معقدة كهذه. أو هل كانت كتابته هذه تخطر على بال بشر في تلك العصور البدائية ؟.
ومن الناحية الاخرى من كان يظن ان موسى, وهو ربيب قصر فرعون لمدة اربعين سنة. ومهذب بكل حكمة المصريين, يكتب كتابة كهذه لو إنه كان واعيا لنفسه. وبعد ان وعى نراه يصر على ما كتب. فهو هنا, بالنسبة الى المفهوم البشري, يضع الحصان وراء العربة وليس امامها كما في الوضع الصحيح.
فلو ان هنالك من قرأ لموسى بعد ان انهىكتابته وسأله بقوله: ماذا فعلت يا موسى؟, هل يصدق قولك هذا فيماكتبت؟. هل حقا ان الله قد خلق النور قبل ان يصنع الشمس والقمر والنجوم وكل ما هو مصدرا للنوركما نقرأ لك ؟, لقد أخطأت الكتابة يا موسى. إحذر.
ماذا تتوقعون من موسى بعد ذلك الانتقاد سوى السكوت والاصرارعلى ما قدكتبه. وان كان هنالك انتقادٌ واعتراضٌ فالامر لا يعود لموسى, بل الى الله الذي قاد موسى الى كتابةٍ مدهشة ومحيِّرَة مثل هذه.
عندما حاول دانيال النبي, وهو في حضرة الرب, ان يفهم ما كتبه في سفره بخصوص الايام الاخيرة منعه الرب في الحال بقوله: "اما انت يا دانيال فاخف الكلام واختم السفر الى وقت النهاية.كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد". وعندما كرر النبي سؤاله بقوله: "وانا سمعت وما فهمت. فقلت يا سيدي ما هي آخر هذه", فقال له الرب: "اذهب يا دانيال لان الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية. كثيرون يتطهرون ويبيضون ويمحصون. اما الاشرار فيفعلون شرا ولا يفهم احد الاشرار لكن الفاهمون يفهمون اما انت فاذهب الى النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الايام". ( راجع سفر دانيال 12: 4-الاخير).
واظن, وهذه هي الحقيقة عينها, ان موسى وهوكغيره من الانبياء ,لم يدرك ما كان قد كتبه وهو تحت الوحي المقدس في ذلك الحين, سوى انها الحقيقة من روح الله فكتبها. وقد استهزأ الملحدون والمستخفون بالوحي المقدس طويلا بما كتبه موسى دون سبب سوى جهلهم الحقيقة. وستبقىكتابات موسى ودانيال وغيرها من كتابات رجال الله, كأيوب واشعيا وارميا وحزقيال ورسل المسيح, صامدة امام كل الرياح العاصفة والصاخبة, التي هبت من فلاسفة الالحاد والمشككين بالكتاب المقدس الى هذا اليوم. ولم تزل تهب من كل جانب. السبب الوحيد هو جهلهم لحكمة الله, وعدم احترامهم كلام الوحي. سوى على مستوى مفهومهم البشري المغلوط. فيكتب رسول المسيح بولس: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه.ما ابعد احكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لان من عرف فكر الرب او من صار له مشيرا. او من سبق فاعطاه فيكافأ. لأن منه وبه وله كل الآشياء. له المجد الىالابد.آمين" (الانجيل رو33:11-36).
وكتب ايضا: "لأنه من عرف فكر الرب فيعلِّمه. وأما نحن فلنا فكر المسيح"(الانجيل1كو11:-1). ويكتب الرسول مزيدا فيقول: "لانه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء. أين الحكيم أين الكاتب أين مباحث هذا الدهر.ألم يجهل الله حكمة هذا العالم. لانه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة"(1كو19:1-25).
فان الايمان بالله هو ليس نظرية, ولا هو علم من العلوم الانسانية كعلم الطب مثلا,او علم الهندسة والاجتماع. بل هو ارادة طبيعية صادرة من قلب الانسان المخلوق على صورة الله سبحانه. ويريد من وقت الى آخر ان يقيِّم نفسه من جديد. حتى لا ينسى تلك الصورة الاصلية التي خلقه الله عليها . وهذا الايمان القلبي, لا يستطيع انسان ما ان يغرسَه في قلب انسان آخر, اذ هو من عمل روح الله لخلاص النفس التي ترغب في معرفة الاله الحقيقي وتقدِّرعمله للحصول على الحياة الابدية.
ومع ان الكتاب المقدس بطبيعته هو كتاب روحي, يتعامل مع قلوب البشر وضمائرهم, إلَّا اننا نراه احيانا يشير عَرَضاً في سياقِ كلامه كلما دعت الحاجة , الى بعض الامور العلمية العميقة التي حيرت العلم وعلماءه منذ زمان بعيد.
ذلك لانه في غاية المعقول ان نرى الله سبحانه الذي خلق الكون والانسان, يشير في كتابه الى بعض أسس هذه الحقائق العلمية المحيِّرَة للعقول. فنراه سبحانه وكأنه لا يريد احيانا ان يعلنَ ما يستطيع الانسان اكتشافه مع الوقت. والملاحظ ان معظم العلوم التي اكتشفت حتى اليوم لها اساسا في كلمة الله. ومن شأن الانسان العاقل ان يجدها ويمجد الله من هذا القبيل بقوله على الاقل: "ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت".لا ان يبقى هذا الانسان جاهلا, وينسب الجهل وعدم الحكمة لله وكتبه وأنبيائه. لكي يبرر نفسه ويبقى في جهله. بعيدا عن معرفة الإله الحقيقي وكتبه .
وموضوع النور, هو موضوع علميٌّ اساسي عميق قد شغل عقول علماء الطبيعة وفلاسفتها على مر الاجيال. والاعلان عنه في كتاب موسى والانبياء قد سبق العلوم جميعها. ففي هذا النور الكوني, تحيا الاكوان وتجدد نشاطها في كل يوم. بل كل لحظة.
والعجيب في هذا النور الكوني ان علماء الطبيعة لم يروا له مصدرا سوى انه موجود وكفى, وهو لا يحتاج الطبيعة بشيءٍ , بل الطبيعة تحتاجه في كل شيء في جهادها المستمر لبقائها. فان هدا النور , بحسبما كتب علماء الطبيعة, هو اساس القوة الكهراطيسية التي تتألف منها كافة العناصر التي يتركب منها الكون. بما فيه من شموس واقمار ونجوم. فلولاه لما كانت هناك نجوم, ولا شموس ولا اقمار .فهو يعوض عما تخسره الطبيعة من طاقة في كل لحظة.
وهذه العملية كما يكتب المختصون: هي ان العناصر الثقيلة في اوزانها الذرية, مثل اليورانيوم وغيره من العناصر المشعة, تنحل تلقائيا الى عناصر من وزن اقل. وتكون عملية الانحلال مصحوبة بانتشار دقائق الفا, أي نواة ذرة الهيليوم وفيتا, أي الالكترونات, وجاما, أي اشعة او طاقة .
فان المادة المعاكسة لبناء الكون من عناصر جديدة ابتداءا من البسيطة الى المركبة, لكي تجدد نشاط عناصر الطبيعة , فلا يلاحظ لها وجودا في الكون. ومن المرجح جدا,كما يكتب بعض علماء الطبيعة المؤمنون بالله, ان يكون هذا النور الاشعاعي نفسه,هو المادة المعاكسة لبناء الطبيعة, التي ما يزالون يبحثون عنها الى هذا اليوم.
واذ تقرأ موضوع الاشعاع والنور هذا بروح الايمان والتأمل في اعمال الله واعلاناته المسبقة سبحانه, وبما قيل وكتب عن هذا النور من قِبَلِ علماء كثيرين, مؤمنين منهم وغير مؤمنين, فلا بد لك وان تتساءل باعجاب نظيرنا, عن معنى الآية التي كتبها نبي الله العظيم موسى بقوله :"وقال الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور إنه حسن...وكان مساءٌ وكان صباحٌ يوما واحدا. فهذا اليوم الواحدكما قرأنا, يختلف عن بقية الايام الخمسة التي تَلتْهُ.كونه دون شمس واقمار او نجوم. فهو يوم الطبيعة كلها وسبب احيائها وبقائها الى هذا اليوم.
كتب احد دكاترة العلوم الطبيعية الناشطين في كتاب (الاشعة الكونية قياسها وفعلها وصلتها ببداءة الكون ونهايته) مايلي:"النور الكوني او الاشعاع هو موضوع شائك وواسع النطاق في آن. فهو يشمل الكون كله بكل محتوياته المغناطيسية والكهربائية والمادية. وقلما يعرف الباحث او الكاتب, اذا حاول ان يكتب فصلا واحدا فيه, اين يبتديء واين ينتهي . فأمواج الاشعة المرئي منها والخفي , تحيط بالكون من كل ناحية وتؤثر في معظم وجوهه".
من هذه الامواج : الامواج اللاسلكية الطويلة والقصيرة , والامواج السبعة للطيف المرئي التي ندعوها نورا وهي ليست بنور العلماء والمجربين. ومنها ايضا امواج الاشعة الكيمائية التي فوق البنفسجي والامواج التي وراءها كالاشعة السينية واشعة غما, والامواج الحرارية التي تحت الاحمر, والنور الكوني الذي نحن في صدده الآن ومن المرجح جدا ان يكون له علاقة وثيقة بما جاء في العدد الاول من سفر التكوين في كتاب الله , حيث "قال الله ليكن نور فكان نور".
وموضوع النور الكوني او الاشعة الكونية الذي نحن في صدده الآن سيلقي لنا على الاقل ضوءًا لماذا خلق الله هذا النور مسبقا لما خلقه من انوار اخرى في اليوم الرابع . وكما يقول العلماء المختصون يستطيع هذا النور الكوني ( او الاشعة الكونية Cosmic Rays كما اطلقوا عليها العلماء سنة 1925), ان ينفذ من خلال الواح من الرصاص كثافتها ستون قدما او تزيد
جاء في كتاب آنشتاين والنظرية النسبية للدكنور عبد الرحمن مرحبا وجه ( 87إقرأ ايضا وجه114عن الاشعة الكونية ) ما يلي: فالازدواج في طبيعة الكهرب الذي يظهر على صورة مادة احيانا وعلى صورة كهرباء احيانا اخرى , والالكترون الموجي والفوتون, وامواج المادة. كل هذه اصبحت اقل غرابة..فالمادة والطاقة يستحيل احدهما الى الاخر. فاذا تعرت المادة عن كتلتها وسارت بسرعة النور نسميها اشعاعا وعلى العكس اذا بردت الطاقة وتخثَّرت وامكننا قياسها سميناها مادة. لقد كان ذلك الى عهد قريب من قبل التكهنات .ولكنه الان قد اصبح حقيقة ملموسة. وقد استطاع الانسان لأول مرة بالتاريخ ( في 16 تموز(يوليو) 1945 في الاموغوردو في ولاية المكسيك الجديدة في الولايات المتحدة الاميركية ان يحول كمية من المادة الى ذلك المركب من النور والحرارة والصوت والحركة مما نسميه الطاقة".
وقد قرأت في كتاب تحت عنوان الاشعة الكونية مامختصره: "ان البحث في الاشعة الكونية من اجمل البحوث الطبيعية الحديثة فهي اذا قيست بالمالوف من ضروب الاشعة, كانت اقواها واشدها نفوذا في الاجسام. والنظريات الخاصة بطبيعتها واصلها ومصدرها وصلتها ببداءة الكون ونهايته مختلفة ومتناقضة احيانا. ففريق يقول انها تحمل في طياتها انباء الخليقة في رحاب الكون المادي, وفريق يذهب الى انها تنطوي على رسالة الفناء. ثم ان قوما منهم يقول انها امواج او مقادير من الضوء تعرف باسم الفوتونات او الضويئات. ويعارضهم آخرون فيقولون انها كهيربات. ويزعم بعضهم انها صادرة الينا من رحاب الفضاء من بين النجوم والسدم. ويكتفي غيرهم بانها لا تتعدى في تكوينها ومصدرها حدود الغلاف الغازي الذي يحيط بالارض" .
علاوة على ما تقدم وحيث انه لا يوجد في هذا المجال حدود جغرافية او فواصل سياسية يكتب ايضا : "فتحت لواء الاشعة الكونية, انضوى علماء اعلام من المانيا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا وروسيا والولايات المتحدة وكندا وغيرها"
وقد اجمعوا على ان تكون سنة 1955-56 سنة بحث وتفتيش. "ولم تقتصر مياحثهم على البحث من وراء الجدران فقط, بل اقتضت من بعضهم جرأة واقداما في التحليق الى اعلى طبقات الجو والصعود الىاوعر الجبال واصعبها , وطمر ادوات البحث في ثلوج القمم العالية او تدليتها في اعماق اعلى البحيرات. ولم يأبهوا بالصعوبات بل مضوا في طريقهم نحو هدفهم غير عابئين بالقيظ ولا بالزمهرير", وقد قُتل اثنان منهم على الاقل "مستصغرين في سبيل الحقيقة العلمية كل خطر".
"ففي سنة 1900 أشار الاستاذ ولسن "مكتشف الغرفة الغائمة لتبيين مسارات الدقائق المادية التي لا ترى بالعين المجرده ولا بالمجهر" الى انه من
خلال بحثه في ايصال الهواء للكهرباءية, وجد ان مقدرة الهواء على ايصال الكهربائية, قد يكون بعضها ناشئا عن فاعل كهربائيٍّ خارجي, وان ذلك الفاعل في ظنه قد يكون اشعاعا خارجا عن نطاق الارض. ويتابع الكاتب قائلا: وفي سنة 1902 كان العلامه رذرفورد يجرب التجارب في اشعة جما - وهي احدى طوائف الاشعة التي تنطلق من الراديوم وغيره من المواد المشعة-. هذه الاشعة شديدة النفوذ في الاجسام, وفي وسع الباحث ان يتبينها بما لها من الاثر في الهواء. لانها اذا اخترقت قدرا من الهواء محفوظا في كرة مقفلة من المعدن, فرقت بعض ذراته فتنطلق كهيرباتها حرة ويصبح الهواء موصلا جيدا بعض الشيء للكهربائية".وبعد موالاة التجربة واعادتها مرارا وتدوين مشاهدتهما, كتبا في المجلة الطبيعية ما يلي: "نحو 30 في المائة من تأين الهواء-اي انطلاق الكهيربات من دقائقه-في الكرة المقفلة, سببه اشعاع خارجي شديد النفوذ. هذا الاشعاع يأتي على ما يبدوا لنا من جميع الجهات.ولا يمكن ان يكون سببه وجود عنصري الثوريوم والراديوم في حجرة في المعمل لاننا حصلنا على مثل هذه النتائج في حجرة خالية من اي اثر للمواد المشعة كما نعلم ".
وفي المجلة الطبيعية نفسها كتب الاستاذ مكلنن الكندي ومساعده بارتون في خلال وصفهما لنفس التجربة ما يلي: "ان زيادة التأين يجب ان تسند الى وجود فاعل خارجي لانستطيع السيطرة عليه.لقد ثبت للعالم ملكن, وهو اسبق علماء النصف الاول في القرن العشرين لكثرة تجاربه وخبرته الطويلة في هذا المضمار, ان الاشعة الكونية اصلها في الفضاء . وتاتي الى ارضنا هذه من جميع اتجاهاتها. وان هذه الاشعة التي دعاها العالم الاميركي ملكن الاشعة الكونية . هي دليل على ان العناصر الثقيلة تتكون في رحاب الفضاء من العناصر الخفيفة, وان هذا يدل, كما تابع قائلا: على ان الكون لا نهاية له في الزمان. وكان رأيه والذين ناصروه , ان الكون يبتديء حيث ينتهي
. “قوة الاشعة الكونية واصلها وقياسها
."ان النور كائنا ما كان سطوعه, سواء اكان نور الشمس ام نور مصباح, فان ورقة رقيقة تحجبه. اما الاشعة السينبة, او اشعة رنتجن فاقوى من نور الشمس نفوذا في الاجسام فتنفذ من مواد كثيرة لا ينفذ منها نور الشمس ونستطيع ان نرى بها عظام الانسان لانها تنفذ من اللحم ولا تنفذ من العظم. والاشعة السينية تنفذ من لوح من الرصاص سماكته نصف بوصة. واما الاشعة الكونية فاشد نفوذا عشرات المرات بل مئاتها.فتنفذ من لوح من الرصاص سماكته امتار. ومن اغرب ما يذكر في هذا الصدد ان العالم الالماني ركْنَرْ اعلن سنة 1931 نتائج تجاربه في بحيرة كونستاس. وقد اظهرت اجهزته وصول اثر هذه الاشعة الى عمق 280 مترا من الماء . فقال لنفسه , في الطبيعة اذا مصدر يطلق اشعة اقوى من اشعة الراديوم اضعافا كثيرة فما هو ؟"
"قد بنى العالم ملكن نظريته على ان الاشعة الكونية هي من قبيل الاشعاع الكهرطيسي او مقادير
من الضوء تعرف باسم فوتونات من قبيل الاشعة السينية واشعة غما, وانما هي اقصر من جميع هؤلاء امواجا واعظم طاقة واشد نفاذا للاجسام. وكان هذا الفرض طبيعيا بالنسبة لشدة نفوذ الاشعة الكونية.من ثم عمد ملكن الى الرياضه العالية والطبيعية, فبين ان اشعة لها هذا النفاذ لا يمكن ان تتولد من فعل طبيعي معروف . وعلى هذا القياس , قال العالم ملكن : ان تولد ذرات من هذا القبيل تفوق في وزنها الذري الاكسجين والسلكون والحديد, ينشيء اشعة كونية على درجات متقاوتة في قوتها ومقدرتها على اختراق الاجسام, وان هذه الذرات تتقارب متجاذبة فتتكون السدم ثم النجوم ثم تشع طاقتها بتحولها الى ضوء وحرارة وتنطلق الطاقة في رحاب الفضاء فتتحول في خلال رحلتها الطويلة الى طاقه لطيفة اذ تتحول الىكهيربات وبروتونات , ثم تتالف ذرة الايدروجين من بروتون واحد وكهيرب واحد. ثم تندمج ذرات الايدروجين فتتالف منها ذرات الهيليوم وهكذا فالكون بحسب نظرية العلم وعلمائه يبتديء من حيث ينتهي .فهو بحسب رأيهم ابدي ودائم الوجود.
وقد خالف العلامة جينز رأي الاستاذ ملكن وقال : ان اشد الاشعة الكونية نفاذا يقابل الطاقة التي تنطلق عند فناء ذرات الايدروجين نفسها, اي عندما يلاشي الكهيرب البروتون ومع ان هذه الطاقة التي اشار اليها جينز هي ليست بكونية ولكن جينز اتخذها دليلا على ان الكون يتدرج انحطاطا في قوة الطاقة التي فيه وشدة فعلها".
وكتب الدكتور حسن الشريف في الكتاب الذي صدر عن دار السفارة الليبية في لبنان تحت عنوان في رحاب الفضاء وجه 116 عن الاشعة الكونية يقول: (" ان الاشعة الكونية هي جسيمات مشحونة. هائلة في طاقتها وعظيمة في سرعتها. وبعض هذه الاشعاعات ياتينا من الشمس, وتشتد كثافته بازدياد النشاطات الكهرطيسية العاصفة عل سطحها, وتسمى الرياح الشمسية. وهنالك انواركونية تصلنا من مصادر غير الشمس ايضا اهمها سديم السرطان وكل النجوم المستعرة. وخاصة المتفجرة منها تكون مصدرا لهذه الاشعاعات, تنفث في الجو رياحا عاصفة. تنطلق بالجو بسرعة عظيمة جدا لا يعترضها حاجز".)
"ولكن التجارب المكلفة التي اجربت لقياس تفاوت الاشعة الكونية في ساعات مختلفة من الليل والنهار تنطوي نتائجها على نقض نظرية ورأي جينز والشريف. فقد اثبتت هذه التجارب الى ان الجانب القوي النفوذ من مجموعة الاشعة التي يطلق عليها اسم الاشعة الكونية لا يتفاوت فعله اكثر من جزء من واحد في المائة في اوقات مختلفة من الليل والنهار . وهذا مؤيد لتجارب هس الاولى وهي ان الشمس لا يمكن ان تكون مصدرا لهذه الاشعة ولا النجوم ايضا.لانه لو كان هذا مصدرها لحدث تفاوت في قوتها اثناء ساعات مختلفة من النهار والليل. والواقع ان هذه التجارب تدل على ان الاشعة الكونية تصل كرة الارض من جميع الجهات على السواء, لانه لو كانت من جهة دون اخرى لظهر ذلك في القياس في وقت ما لدوران الارض على محورها وتعرضها في وقت ما من ساعات النهار والليل لتأثير الاشعة الواردة من ناحية خاصة في الفضاء
. “نتائج التجارب
"يتضح مما تقدم ان جانبا على الاقل من الاشعة الكونية مؤلف من دقائق مكهربة , ولكن جانبا منها لا يتأثر بفعل الارض المغناطيسي, فهو مؤلف من فوتونات وهو والضوء سواء . ولا يبعد ان يكون جانب منها كذلك مؤلفا من ذرات نوى بعض العناصر الخفيفة وهذا اقرب الى رأي ليمتر منه الى اي رأي آخر".
ان نتائج التجارب التي جربت لمعرفة التفاوت الزمني في قوة الاشعة الكونية تثبت ان الشمس لا يمكن ان تكون مصدرها. اذًا هل مصدرها من المجرة التي شمسنا احدى شموسها ؟ والتجارب اثبتت ان الرد سيكون على الغالب بالنفي . اذاً يجب ان نبحث عن مصدر هذه الاشعة في الرحاب خارج المجرة. فهل تصدر هذه الاشعة من السدم الحلزونية التي خارج المجرة. ؟
يكتب نفس المصدر: "لا يكاد الذهن يرسم هذا السؤال حتى يقوم عليه اعتراض بديهي وهو اذا كانت مجرتنا بنظر العلماء عاجزة عن ان تكون مصدرا لهذه الاشعة الكونية فكيف تستطيع ان تكون المجرات الاخرى, وهي شبيهة بمجرتنا, مصدرا لها".
الرجوع الى سفر التكوين
واذا رجعنا الى الاصحاح الاول من سفر التكوين كما ذكرنا اعلاه. والى ما كتب موسى عن النور الذي نقرأ: ان وجوده قد سبق وجود الخليقة كلها بما فيها الشمس والقمر وجميع الكواكب والنجوم التي كما عرفنا اليوم انها مصدر لكل نور وليست كذلك.
الا يأتي بنا هذا الى الدهش مما كتب موسي من اجيال قديمة ؟ هل كانت تخطر كتابة كهذه على بال احد في تلك العصور؟. ومن الناحية الاخرى, من كان يظن ان موسى وهو ربيب قصر فرعون لمدة اربعين سنة,وقد تهذب بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الاقوال والاعمال كما نقرأ في (اع7)
من كان يصدق ان موسى يكتب كتابة "مشقلبة" كهذه لو انه كان واعيا لما كتبه؟؟. لقد استهزأ الملحدون والمشككون طويلا بموسى وكُتُب موسى بلا سبب. سوى انهم قد جهلوا الحقائق وما عرفه موسى وغيره من انبياء الله بالوحي الالهي وكَتَبوه. وستبقى كتابات موسى وبشوع وأيوب.واشعيا ويعقوب وغيرهم من انبياء الله ورسل المسيح التي ثبتت حقيقتها العلمية واحدة بعد الاخرىكل هذه الدهور الطويلة, صامدة امام كل الارياح
الصاخبة التي هبت عليها من كل جانب. لماذا ؟ السبب وحيد انها كتابات الله وليست كتابات بشر, فانه مكتوب: "لانه لم تأتي نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (الانجيل2بط21:1) آمين .فانه مكتوب :لا تكونوا حكماء عند انفسكم . وانما ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيِّر فسيعطى له. (الانجيل رو 16:12و يع5:1).