Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

جُلِدَ لأجلي

حدث قبل سنوات عديدة وفي احدى المدن الجبلية النائية انه كانت توجد مدرسة لم يستطع أي معلم ان يسوس تلاميذها الذين كانوا فضين وشرسين للغاية ، ولذا كان المعلمون يفضلون الإستقالة على البقاء فيها .

وفي احدى الأيام تقدم معلم اشهب العينين في مقتبل العمر طالباً ان يُقبل كمعلم في المدرسة ، فتفرس مدير المدرسة العجوز بوجهه وبادره بقوله : "ايها الزميل الشاب ، أتعلم ما طلبت ؟ قتلة مؤلة ! جميع الذين علَّموا عندنا منذ سنوات لم يسلموا منها - أي من "القتلة" . فاجاب المعلم على الفور : "سأغامر" .

واخيراً ظهر في غرفة الصف ليبدأ التعليم . عندما همس احد التلاميذ الضخام الجثة ولنقل ان اسمه زياد قائلاً : "لن أطلب أية مساعدة منكم ، بامكاني ان أغلبه لوحدي ".

قال المعلم : صباح الخير يا اولاد ، لقد أتينا لنباشر الدراسة ! فزعقوا بأعلى صوتهم رادين له التحية . " انني اريد مدرسة جديدة لكن لن اكتم عليكم انني لا اعرف كيف ما لم تساعدوني انتم . اعتقد انه ينبغي ان يكون لنا بعض القوانين . انتم اذكروها وانا اسجلها على اللوح الاسود .

زأر احدهم قائلاً: "السرقة ممنوعة ! " وزعق آخر قائلاً "ينبغي الحضور الى المدرسة في الوقت المعيَّن دون تأخير" . وهكذا سجلوا عشرة مواد في القانون الجديد للمدرسة .

" والآن" قال المعلم ، " لا فائدة من القانون ما لم يرتبط بعقاب للمخالف . ماذا سنفعل بالذي يخالف احد هذه البنود من القانون ؟"

"اجلده عشرة جلدات على ظهره ، على ان يكون بلا معطف ".

"هذا العقاب شديد وموجع يا اولاد ، فهل انتم على استعداد لتطبيقه ؟ " فزعق الجميع بصوت واحد "موافقين" . فقال المعلم عندها " اذاَ ، يعتبر هذا النظام ساري المفعول من هذه اللحظة في المدرسة " .

بعد مضي يوم واحد او يومين وجد "زياد البدين" ان طعامه قد اختلس ، وبعد التحقيق الدقيق ظهر السارق ـ انه احد التلاميذ الصغار ، في العاشرة من عمره . في صباح اليوم التالي اعلن المعلم قائلاً : "لقد وجدنا السارق ، وبموجب القانون الذي وضعتموه ، يجب ان يعاقب بجلده عشرة جدات على ظهره ! تعال الى هنا يا فريد !"

تقدم الفتى الصغير مرتجفاً وهو يسير ببطء . وكان يلبس معطفاً فضفاضاً ومقفل الأزرار حتى الرقبة ، ويتوسل الى المعلم قائلاً "بامكانك ان تجلدني بأقسى الشدة ، لكن ارجوك ، لا تطلب مني ان اخلع معطفي ! "

" بل يجب ان تخلع معطفك ، لقد كنت انت احد واضعي هذا القانون ! "

" آه ، يا معلمي ارجوك ان تعفيني من ذلك ! " ولما لم يجد استجابة لتوسلاته ابتدأ يفك ازرار المعطف ، ويا لهول ما رأى المعلم ! لم يكن المسكين يلبس قميصاً تحت المعطف بل كانت هناك سيور حمالة سرواله على جسده النحيل وعظامه بارزة لشدة هزاله .

" كيف يمكن جلد هذا الصبي ؟ " فكر المعلم في نفسه ، " لكن يجب ان اتخذ أي اجراء ان كنت اريد الابقاء على هذه المدرسة " . خيم الصمت والرهيب وبدى الإنذهال على الجميع . "كيف حدث انك بدون قميص يا فريد ؟ "

" لقد توفى والدي " قال فريد ، و "والدتي فقيرة جداً ، وليس عندي سوى قميص واحد ، وهي تغسله اليوم ، لقد ارتديت معطف اخي الكبير لاستدفئ به " .

تلعثم المعلم واحتار في أمره ، بينما كان القضيب ما زال في يده . وعندها قفز "زياد البدين" وافقاً يقول : " ان كنت لا تمانع ، اجلدني انا نيابة عن فريد . "

" حسن جداً ، هناك قاعدة ثابتة تقول ان بامكان الشخص ان ينوب عن شخص آخر . فهل كلكم موافقون على ذلك ؟ "

خلع "زياد البدين" معطفه ، وبعد خمس جلدات على ظهره انكسر القضيب ! عندها وضع المعلم راسه بين راحتيه ، مفكراً في نفسه . "كيف استطيع ان انهي هذه المهمة المريعة ؟ "

ثم سمعه الصف كله يشهق مسترداً انفاسه ، فماذا رأى امامه ؟ "فريد الصغير" يهرع الى زياد ويلف ذراعه حول عنقه قائلاً: " انا متأسف يا زياد لأني اختلست طعامك . لكني كنت جائعاً جداً . سأحبك يا زياد الى آخر يوم من حياتي لأنك قبلت ان تجلد نيابة عني ! نعم سوف أحبك الى الأبد ! "

قارئي العزيز ، هل حدث ان احسست ان حالك هو نفس الحال الذي كان فيه فريد ؟ تعديت وكسرت الشرائع والقوانين ، وانك تقف مذنباً في نظر الله كخاطئ " لأن الجميع اخطأوا " وتستحق العقاب الأبدي " فالنفس التي تخطئ هي تموت " . لكن يسوع المسيح رضي ان يجلد نيابة عنك وهذا ما فعله على الصليب ، وها هو الآن يقدم لك رداء الخلاص ليسترك به "

فهل ستقبله كنائب عنك ! معترفاً بخطاياك : " ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل ان يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم . " الا تقع عند قدميه وتقول له انك ستحبه وتتبعه الى الأبد ؟

دمي الثمين قد ــــــ ارقت من أجلك

فدى لكي تنجو ــــــ من صولة المهلك

وأنت ماذا يا ترى ــــ فعلت من أجلي

Back