عمل النعمة
إستهزأ ملحد مرة، بفكرة امكانية الخلاص
عند الساعة الأخيرة ، فقال لجاره المؤمن حقا بأن التوبة ساعة النزاع تكفّر عن
الماضي القاتم وتمحو الخطايا المتراكمة الكثيفة المقترفة طيلة الحياة السابقة ؟
فرد عليه المؤمن: لا ... انما دم المسيح
هو الذي يستطيع أن يفعل ذلك . دم المسيح ، وليس التوبة وحدها، فالخلاص أعلنه
الكتاب المقدس ان يكون بالنعمة، أي يقدم هدية مجانية
“ لانكم بالنعمة مخلّصون بالايمان وذلك
ليس منكم.هو عطية الله. ليس من اعمال كي لا يفتخر احد” (افسس 2: 8-9) فليس لأي خاطئ ، مهما تكدست خطاياه وكانت فظيعة،
ان يقنط من امكانية تطهيره بدم المسيح ، لأنه مكتوب ايضا في رسالة يوحنا الأولى 1
:7 ”ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية” . فيا لغنى هذه النعمة التي تدرك
الخاطئ في حالته القذرة لتغسله وترفعه الى مصاف القديسين.
فكل ما يطلبه الله منا أن نؤمن بعمل دم
المسيح المسفوك، ذلك العمل العظيم الذي تممه الفادي نيابة عن الخطاة، فلا حاجة
لأحد اذا ، الى عمل يعمله لكي يكفر عن خطاياه. وان فعل ذلك فعمله غير مقبول
للتفكير عن نفسه ، فكفارة الخطاة غير مرضي عنها عند الإله القدوس ، ولكن الرب يسوع
المسيح الشخص الذي عاش بدون خطية ، ابن الله الذي أخذ جسد بشريتنا لكي يضعه على
الصليب ، هو الذي كفّر عن الخطية ، لذلك فالعمل التكفيري قد عُمِلْ . والذي عَمِلَ
هذا العَمَل قال في آخر لحظاته على الصليب: ‘‘قد أُكْمِلْ‘‘ يوحنا
19 :30
لقد أكْمَلَ الرب يسوع المسيح المخلص عَمَلَهُ
الكفاري عن الخطاة وهو لا يطلب منهم إلا أن يأتوا اليه بالإيمان ، مؤمنين بما عَمِلَهُ
هو لأجلهم ، فينالون بالإيمان باسمه غفران الخطايا .
قال بطرس عن الرب يسوع المسيح في اعمال
الرسل “له يشهد جميع الانبياء ان كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا” (اعمال
10: 43)
وقال بطرس ايضا عن الرب يسوع المسيح “وليس
باحد غيره الخلاص. لان ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي ان
نخلص” (اعمال 4: 12)
أيام اضطهاد الكنيسة في عصورها الأولى
دخلت عقيدة التكفير بالإستشهاد ، ظنا ان الإستشهاد يعطي الشهيد حق مغفرة خطاياه ،
فصار المؤمنون يفتشون على مناسبات يموتون فيها مستشهدين لأجل ايمانهم ليحصلوا على الغفران
كما ظنوا خطأ . وتطورت هذه العقيدة الخاطئة حتى خيل لبعضهم انهم بتعذيب أجسادهم
يكسبون تكفيرا عن خطاياهم ، فكان يجتمع كثيرون في مكان واحد حيث يموتون جوعا ، او
يهيمون على وجوههم بلا طعام ولا نوم حتى توافيهم المنية . وعاش بعضهم منفردين في
صحراء او كهف موحش . وحمل واحد منهم سلاسل ثقيلة جدا ربطت يديه ورجليه ، وكان يزحف
بها من مكان الى مكان وآخر يلقي بنفسه في مستنقع لمدة ستة اشهر عاريا حتى يتورم من
وخز الحشرات . عملوا كل هذا للتكفير عن خطاياهم جاهلين ومتجاهلين عمل نعمة الله
التكفيري الذي حققه المسيح بنفسه حيث حمل دينونة الخطية عن كل من يؤمن به ، والذي
قال فيه بولس الرسول في رسالة كولوسي
“الذي لنا فيه (في المسيح) الفداء بدمه
غفران الخطايا.” (كولوسي 1:14)
وقد شهد بولس الرسول بعمل نعمة الله فيه
كخاطئ كبير ، فقال في رسالته الأولى لتموثاوس:
“صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان
المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلّص الخطاة الذين اولهم انا.” (1 تيموثاوس 1: 15)
وهكذا نرى ان النعمة خلصت خاطئا كبيرا
كبولس مضطهد المؤمنين والمقاوم ليسوع . فيها الكفاية للتكفير عنك ايضا.
آه . هي النعمة ! ‘‘ليس أننا نحن احببنا
الله ، بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة
لخطايانا‘‘. رسالة يوحنا الأولى 4 :10
بإخلاص ومحبة وعن إختبار أخاطبك عزيزي
القارئ يا أخي في الإنسانية ورفيقي على درب الحياة في هذه الأرض ، أرجوك أن تكف عن
كل محاولاتك الشخصية فلا تتوقع أية فائدة من مجهودك لكي تُخلِّص نفسك بنفسك ، بل توجه
الى ذلك الذي تعيَّن من الله لأجل خلاصك فتتخذه مُخلِّص لك واثقا بعمل الرب يسوع
الكفاري في موته لأجلك على الصليب . ولا تثق بصلاحك لأنه ليس بإمكانك إصلاح نفسك ،
لأن برّك ، مهما حاولت ومهما عملت ، لن يرضي الله القدوس . لأن الله اعلن رضاه فقط
على عمل ابنه الذي بذل نفسه فدية عن الخطاة ، فأقبل اليه كما انت كخاطئ عاجز عن
تخليص نفسك من الخطية وسلطتها ونتائجها المدمرة للحياة الحاضرة والتي تجلب عليك
دينونة الله وحكمه الأبدي وتزجك في جهنم النار الى ابد الآبدين حيث العذاب والحسرة
والندم الذي لا ينقطع ، والبكاء وصرير الأسنان , أقبل الى الرب يسوع المسيح وحده
ليشفيك من داء الخطية القتّال فلا تُطرح في مكان العذاب الذي لا نهاية له, اسرع
اليه ، قبل ان يداهمك الأجل وتباغتك المنية بدون انذار ولا إخطار , لأن ما من أحد
يعرف متى تأتي ساعته . فما هي الا لحظة خاطفة ليطبق الموت الزوءام العينين لتنفتحا
في الأبدية المخيفة , اقرأ: لوقا 16
:19-31 . هذا هو بالتأكيد مصريك المحتوم أن اهملت الإستفادة من نعمة الله الذي يمد
يده اليك ليقدم لك هبة الخلاص مجانا .
آه . من يتجاسر أن يرفض ؟ او من يتجرأ أن يتجاهل محبة كهذه ؟ أو من يخاطر ويؤجل طلب
خلاص نفسه الغالية من المخلص، لا تتردد في موضوع الخلاص والإفلات من سعير نار جهنم
فلا تاكلك الندامة الى الأبد ؟
تعال اليه ، وقل له بإيمان حي: يا رب ،
انا خاطئ خاطئ خاطئ , ارحمني, هاأنذا أقرر قبول نعمتك واتخذك مخلص لي ، واعتمد
عليك , لا على نفسي .. عليك وحدك ، انت الذي مت على الصليب بدلي حتى لا أهلك في
العذاب الأبدي ، آمنت بموتك الكفاري عني وآمنت بك مُخلصا وربا على حياتي ، وها أنا
أفتح لك قلبي ، فادخل اليه وتسلمه وامتلك ارادتي ، واغسلني وخلصني لتكون لي حياة
أبدية حسب كلمتك :
“لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه
الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.” (يوحنا 3: 16)