دكتور إبراهيم فهمى المنياوى
Dr.Ibrahim Fahmy El Meniawy
من أوائل أساتذة الجراحة
وأحد مؤسسى المستشفى القبطى بالقاهرة
(1887-1957)
نشأته وتعليمه ولد إبراهيم المنياوى بالمنيا فى 15 مارس 1887م وتلقى علومه بالمرحلة الابتدائية فى مدرسة أسيوط الابتدائية ثم انتقل إلى الإسكندرية حيث تلقى علومه بالمرحلة الثانوية و بعد اجتيازه امتحان البكالوريا التحق بمدرسة الطب المصرية و تخرج فيها 1907م وكان عدد الخريجين فى ذلك الوقت ثمانية عشر طالبا منهم سبعة عشر مصرياً وطالب واحد يهودى الجنسية أما الأول بينهم فكان إبراهيم المنياوى لذلك أرسلته الحكومة المصرية إلى لندن لاستكمال دراسته مع زميله المرحوم الأستاذ احمد شفيق فكان أول مصرى ينال زمالة كلية الجراحين الملكية من لندن مع زميله الدكتور أحمد شفيق عام 1912م.
عمله بمجال الطب كان بارعاً فى مجال الجراحة فتخرج على يديه معظم أساتذة الجراحة من الجيل الأول. يذكر عنه أن المندوب السامى البريطانى وقتذاك أصيب وكان طبيبه الإنجليزي الخاص فى أجازة خارج مصر فلم يأمن لأى طبيب يعالجه حتى ذكر له اسم الدكتور إبراهيم فهمى المنياوى فوثق به وتولى علاجه وقد سجل المندوب السامى البريطانى هذه الواقعة فى أوراقه الخاصة التى كان يسجلها عن مصر. كانت الجمعية الخيرية القبطية الكبرى قد أسست مستوصفا فى سنة 1908 فى منزل بشق الثعبان بشارع كلوت بك وجعلته قاصرا على معالجة فقراء الجمعية، وفى أوائل عام 1911 رأت الجمعية أن الحاجة ماسة لإنشاء أقسام داخلية للجراحة و التمريض فجهزت جميع شقق المنزل بأدواره الثلاثة بالأسرة و الأثاث و الآلات الجراحية اللازمة وتولى الإدارة الدكتور حبيب الخياط و الدكتور ملتون. وعندما ضاق هذا المستشفى عن قبول المرضى بالأقسام المختلفة استأجرت منزلاً كبيراً بالشارع العباسى (أمام محطة كوبرى الليمون ) وبعد أن أصلحته إصلاحا تاما افتتحته فى 14 يونيو 1913 وأسند قسم الجراحة إلى الدكتور حبيب خياط وكان نائبه الدكتور إبراهيم المنياوى طوال الفترة من 1913 حتى 1926 وعندما تعذر مجئ الممرضات الأجنبيات بسبب الحرب العالمية الأولى، شرعت إدارة المستشفى فى إنشاء قسم لتعليم الفتيات المصريات فن التمريض، وكان الإقبال عليه عظيما، وتولى الدكتور المنياوى مسئولية تدريس التمريض الجراحى والتعقيم. وعندما عزمت الجمعية على بناء مستشفى كبير وهو المستشفى القبطى الذى تم أفتتاحه عام 1926 تولى الدكتور إبراهيم المنياوى رئاسة قسم الجراحة به واصبح عضوا بالمجلس العام للجمعية فى خلال الفترة 1936-1940 وكان هذا المستشفى قد جمع خيرة الأساتذة الأطباء و الأقباط كما كان محط أنظار المرضى حتى صار من المعالم القبطية فى القاهرة. وظل الدكتور المنياوى فى مهنته بالقصر العينى جراحاً ممتازاً يرفض الظلم على نفسه أو زملائه أو طلبته. يدفع ظلم الإنجليز عن مساعدى الأساتذة المصرين و يدفع ظلم حديثى التخرج وكان يحرص كل عام أن يسافر إلى أوربا ليزور مستشفياتها ويقف على كل جديد فى علم الجراحة وكذلك كان حرصه على زيارة القدس و الأماكن المقدسة بها
دوره فى العمل الوطنى كان عضوا فى مجلس الشيوخ له مكانته المرموقة و مواقفه المشرفة. فلما قامت ثورة 1952 حاز الدكتور المنياوى على ثقة رجالها فكان بين الأعضاء الذين عهد إليهم وضع مشروع الدستور وكان العضو الذى وقع عليه الاختيار ليمثل الأقباط فى مجلس الأمة وعن المصرين عموماً عن قسم الأزبكية.
عمله بالمجلس الملى العام طالب الأقباط بإعادة لائحة المجلس الملى العام التى صدرت عام 1883 ليتمكنوا من إدارة الأوقاف و كان إبراهيم المنياوى من أبرز المطالبين بذلك وتكلل مجودهم بالنجاح بصدور القانون رقم 19 سنة 1927 محققا لأملهم معطيا المجلس الملى الحق فى إدارة الأوقاف وتنفيذاً لهذا أجريت انتخابات المجلس الملى سنة 1928 فكان الدكتور المنياوى فى طليعة المنتخبين لعضوية المجلس و ظل فى عضويته ست دورات كاملة أى ما يقرب من الثلاثين عاما. وفى عام 1944 انتخب وكيلاً للمجلس الملى. كذلك ركز جهوده لترشيح الأنبا مكاريوس- مطران أسيوط – للكرسى البابوى لما رأى فيه من قداسة وتقوى وميل للإصلاح فتزعم السعى لنجاحه فى الانتخبات وما أن استقر الأنبا مكاريوس على كرسى القديس مرقس حتى حصل منه الدكتور المنياوى على وثيقة الإصلاح الأولى التى تمكن المجلس الملى من إدارة الأوقاف وصرف إيرادها على أوجه الإصلاح ولو أن انحياز الدكتور المنياوى لترشيح الأساقفة والمطارنة للكرسى البابوى كان نقطة خلاف بينة وبين الأستاذ حبيب المصرى الذى كان يرى ضرورة التمسك بالتقاليد الكنسية العريقة، وعلى اثر ذلك بعد اختيار الأنبا مكاريوس ليكون البطريك 144 تقدم حبيب المصرى باستقالته من عضوية المجلس الملى العام واستمر الدكتور المنياوى فى المجلس لكن المشاكل التى حدثت فى عصر البابا مكاريوس حالت دون قيام الدكتور المنياوى بتنفيذ المشاريع الإصلاحية التى كان ينشدها. وبعد نياحة البابا مكاريوس اتجه المجلس الملى ووكيلة الدكتور المنياوى إلى تدبير المال اللازم للقيام بما يمكن عمله من إصلاح، فباع الكثير من الخرائب المملوكة للمجلس وابتنى بقيمتها دار الأنبا رويس (الكائنة الآن ) وقد تكلفت حوالى 120 ألف جنيه ووضع فيها الأساس للأصلاح: مدرسة ثانوية على غرار مدرسة سان مارك بالإسكندرية لتكون عنوانا للأقباط ونشاطهم العملى وتتدرج إلى كلية أهلية ومدرسة أكليريكية تكون نواة إصلاح الأكليروس وتخرج رجال كهنوت مثقفين يتولون رعاية الشعب القبطى رعاية واعية بدلا من أسلوب الوعظ الخالى من التعليم، كذاك أسس بها قاعة كبرى للاجتماعات تلقى فيها المحاضرات الثقافية العامة و الاجتماعية.وفى عام 1953 اختير من قبل الحكومة ليكون عضوا فى لجنة سن لائحة جديدة للشئون القبطية، كما كان حريصا كل الحرص على علاقة الكنيسة القبطية الأم بالكنيسة اللآثيوبية، فذهب إلى أثيوبيا ساعيا فى ذلك لتوثيق العلاقة بين الكنيستين. وعندما اضطربت أحوال الكنيسة فى عهد البابا يوساب الثانى البطريرك 115 حرص على إصلاح الحال ولكنة يئس من الإصلاح فانتحى جانبا حتى تنصلح لاحوال. والذى يثير الإعجاب فى شخصيته انه برغم اختلافه مع المجلس الملى فى موضوع الإصلاح هذا لم يتخل إطلاقا عن واجباته فتعاون مع المجلس فى كل أمور الأقباط ماعدا هذا الأمر.
غروب شمس الحياة الأرضية وطنيته المخلصة وبراعته فى مجال الطب يسجلان بكل الفخر فى تاريخ مصر، وتفانيه فى خدمة الكنيسة أيضا يسجل فى تاريخ الكنيسة فقد ظل يعمل بشجاعة حتى أنتقل إلى عالم الخلود فى يوليو 1957م.فبكاه الأقباط لما عرفوه فيه من زعامة وشجاعة بل وبكاه المصريون جميعا لما وجدوه فيه من إخلاص وحب صادق للوطن حمل فى داخلة قلبا رقيقاً رءوفا، يعمل للناس جميعا أكثر مما يعمل لنفسه عاملا بالقول:"ما استحق أن يولد من عاش لنفسه".
المراجع: 1- مجلة التوفيق – عدد أكتوبر 1959 2- كتاب اليوبيل الذهبى للجمعية الخيرية القبطية –(1930) 3- رياض سوريال: المجتمع القبطى فى مصر فى القرن 19- مكتبة المحبة – (1984)
|