أرسل الله-تعالى-يونس بن متى-عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل بالعراق. وقد دعا يونس-عليه السلام-قومه إلى الإيمان بالله تعالى، و عدم الإشراك به، و الابتعاد عن عبادة الأصنام، و لكنهم رفضوا دعوة رسولهم للإيمان وكذبوه، ووصفوه بأنه ساحر ومجنون، ومع هذا استمر يونس في دعوته وأصر عليها. وعندما اشتد عنادهم وتكذيبهم ليونس-عليه السلام-، توعدهم بالعذاب بعد ثلاثة أيام وغضب الله جل وعز،كما أنه ابتعد عنهم وخرجشعر قوم يونس عندما خرج رسولهم من بينهم بالذنب وبأنهم ظلموا نبي الله وكفروا بربهم،وأحسوا بأن العذاب سيأتيهم لا محالة. فأخذوا يستغفرون ربهم ويستغيثون به، ويطلبون الرحمة و العفو منه، فتابوا إلى الله. استجاب الله تعالى لهذه التوبة الصادقة، ورفع الله عن تلك القرية العذاب الذي وقع بالفعل، وشاهدوه، ومر على رؤوسهم كقطع الليل المظلم، واستحقت تلك القرية -التي كان عددها أكثر من(مائة ألف)، وكانت القرية الوحيدة التي آمنت بكاملها- أن يسجل القرآن إيمانهم ليصل إلى القرون الأخرى ليكون عبرة وموعظة لهم.قال تعالى:(إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين). بينما كان قوم يونس قد تابوا إلى الله، توجه يونس إلى شاطئ البحر، وهناك وجد سفينة تستعد للسفر، فأراد أن يسافر فيها، ولكن السفينة لا تحتمل من فيها فكيف تحتمل شخصاً آخر؟، فنادى البحارة قائدهم يعرضون عليه الأمر، ولكن القائد اعتذر لنبي الله للسبب نفسه، بعد ذلك تراجع القائد عندما وجد يونس-عليه السلام- لا يحمل أمتعةً ولا زاداً
صعد نبي الله إلى ظهر السفينة وهو يذكر الله. سارت السفينة في البحر وقد كانت الأمواج هادئة والريح ساكنة حتى انقلب الطقس فجأة وأصبح الجو صاخباً والريح شديدة والأمواج متقلبة، وأصبحت السفينة تواجه عاصفة شديدة لا تقوى عليها، فأمر القائد البحارة بإلقاء أحمال السفينة، ولكن لم يخفف هذا من ثقل السفينة. أيقن القائد أن على أحد من الركاب إلقاء نفسه في البحر وذلك بعد عمل قرعة بينهم. قاموا بهذه القرعة، وقدر الله أن تصيب القرعة يونس –عليه السلام- فألقى بنفسه في البحر بعد أن سلم ورضا بقضاء الله. وقد كان الحوت يتجول في البحر فالتقم نبي الله، فدخل فمه، و وصل إلى جوفه في أمان ودون أذى "سبحان الله"
أوحى الله جل وعز للحوت أن يكون مستقراً آمناً هادئاً مريحاً لبني الله يونس –عليه السلام- وهكذا كان يونس في بطن الحوت في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، والبحر، وجوف الحوت، فأخذ يونس يتضرع إلى الله بالدعاء وكان يقول"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين". أمضى يونس –عليه السلام- مدة في بطن الحوت، روي أنها ثلاثة أيام، أو سبعة أيام، وقيل إنها كانت أربعين يوما، "ومنهم من قال: إن الحوت التقمه ضحى ولفظه عشية". بعد كل هذا الدعاء والتسبيح والصلاة لله جل وعز، أمر الله الحوت بإلقائه على الأرض في العراء، فخرج من جوفه ضعيفا منهكا، فكافأه الله بأن أنبت له شجرة اليقطين (القرع)، وهكذا نجا يونس –عليه السلام- من بلاء الله –سبحانه وتعالى-. إن هذه القصة عبرة وموعظة للمؤمنين، ومثالاً على الصبر على بلاء الله، والرجوع إليه سواء أكان خيراً أم شراً----------------------------------------------------------------------------------------------------------------- ندى المزروعي ومريم العقيلي