Lebanese Communist Students Web Community |
Established on November, 16th 2002 |
||||
Main | Documents | Gallery | Links & Contacts | Activities | Downloads |
نحو حركة يسار ديمقراطي في لبنان |
|||||
نلتقي كأفراد وكمجموعات، منذ فترة غير بعيدة للبعض منا،
وفترة أطول للبعض الآخر، لنواجه مجموعة تحديات مطروحة علينا، ولتشكيل عناصر
مشتركة للمواجهة. ونتفاعل مع التغيرات المحيطة بنا في لبنان، والعالم العربي،
والساحة الدولية. وحتى اللحظة، ولّد التفاعل والحوار بيننا مجموعة من الأفكار
والتوجهات الفكرية على اثر ثلاثة تطورات هي : أولاً : إنتهاء الحرب الأهلية في لبنان وإقامة نظام الطائف. ثانياً : تفكك النظام العربي واحتلال العراق ومحاصرة الشعب الصامد في فلسطين. ثالثاً : إنهيار الإشتراكية السوفياتية ومنظومتها، واختلال موازين القوى العالمية لصالح هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. وما سنقدمه يعبر عن مجموعة مواقف مترابطة تستند إلى مفاهيم فكرية مشتركة في ما بيننا. أولاً : في تحديد طبيعة المرحلة في لبنان والمهام المرتبطة بها . أرست إتفاقية الطائف قواعد إنهاء الحرب الأهلية في لبنان، لكنها أخفقت في معالجة الإختلالات البنيوية العميقة في النظام الإقتصادي الإجتماعي، والنظام السياسي في لبنان، بل إنها أدت إلى مفاقمتها وصولاً إلى الوضع الحالي المأزوم. يعيش لبنان اليوم مرحلة خطيرة تهدد مصيره ومصير أبنائه ويمكن القول إن المرحلة هذه تقتضي برنامجاً وطنياً جامعاً للإنقاذ والتغيير. ومن جهة أخرى، لا تستقيم معركة الإنقاذ الوطني في غياب معارضة ديمقراطية يسارية، وفي ضعف اليسار عموماً ما ينتج حالة من اختلال التوازن الإجتماعي والسياسي في لبنان، يدفع بالأزمة قدماً نحو الإنهيار التام. إن برنامج التغيير الديمقراطي بحاجة إلى يسار ديمقراطي فاعل، يلعب دوره الوازن والضروري، لنقل المجتمع اللبناني من حالة الإنقسام والشرذمة والتبعية للوصاية الخارجية، إلى مسار التحول التدريجي نحو وفاق وطني فعلي، وتطبيق أمين ومتوازن لاتفاقية الطائف، وصولاً إلى نظام الدولة اللاطائفية دولة الحق والقانون والعدالة الإجتماعية، التي تؤمن الخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية، وترسي قواعد الإستقرار الإجتماعي، وتعيد النظر في أسس توزيع الثروة الوطنية، وفي قواعد التنمية الإنسانية، وتوقف النزف وهجرة الشباب، وتبني لبنان وطناً حقيقياً لجميع أبنائه. وترافقت هذه التطورات على الصعيد اللبناني، بتطورات أكثر خطراً على الصعيد العربي، والتي أدت إلى تفكك النظام العربي، وإلى إعادة الكولونيالية والإحتلال الكولونيالي إلى بلدانه بشكل مباشر، كما في العراق، وبشكل غير مباشر، عبر إنتشار القواعد العسكرية، وتعمق التبعية السياسية والإقتصادية لمعظم بلدان المنطقة. إن ما نعانيه اليوم، هو محصلة أكثر من نصف قرن من السياسات الفاشلة، على كل الصعد من التحرير إلى التنمية. إلا أن أخطرها، كان سيادة نمط الإستبداد العربي، الذي يؤدي في النهاية إلى التدمير، والتفريط بالسيادة الوطنية وبوحدة البلاد، ويهمش الجماهير والمجتمعات العربية ويقمعها. إن المجتمعات الحرة وحدها تستطيع مقاومة مخططات السيطرة الأمريكية الشاملة، وتستطيع الدفاع عن مصالحها، وعن ثرواتها الوطنية وكرامتها وتقدمها الإنساني. ومن جهة أخرى يتعاظم الخلل السياسي، على الصعيد الدولي، منذ أن هيمنت الولايات المتحدة الأمريكية، كزعيمة القوى الإمبريالية والرأسمالية، ومنذ أن سيطر نظام القطب الواحد، بعد انتهاء الحرب الباردة، وسقوط المنظومة الإشتراكية السوفياتية، ما انعكس سلباً على الشعوب جميعاً، وخاصة على شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، وعلى كل الدول الآخذة بالنمو والضعيفة والمهمشة في هذا النظام العالمي. ولقد أدى طغيان الهجوم الرأسمالي إلى انفلات مرحلة من العولمة المفروضة، على كل أصقاع الأرض وشعوبها، إقتصادياً في أغلب الأحيان، وسياسياً وعسكرياً في الآونة الأخيرة. إلا أن حركة العولمة البديلة، تتنامى كذلك، ومعها تتنامى، حركة الإعتراض والممانعة، من قبل الكثير من الدول المتضررة، والعديد من الحركات الإجتماعية والنقابات والأحزاب. ويشهد على ذلك تنامي الشعور ضد الحرب، والمظاهرات الصاخبة التي شهدها العالم ضد الحرب على العراق، وضد منطق الحروب بالإجمال. كما يشهد على ذلك، موقف الحركات الإجتماعية، والحركات النقابية والسياسية المنخرطة في نشاطات العولمة البديلة، وإلى تزايد التنسيق والمواجهة بين دول وازنة مثل الصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، بإسم حماية مصالح دول الجنوب كلها. ثانياً : المهام المطروحة أمامنا في هذه المرحلة . يمكن تحديد ثلاثة مسائل أساسية ومترابطة لبناء برنامجنا السياسي عليها، ونقلها من كونها أهدافاً إلى مجموعة برامج وأنشطة ملموسة، تساهم في تراكمها بتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود في لبنان . هذه المسائل هي : أ ـ المسألة الوطنية بما هي تحقيق لاستعادة سيادة لبنان واستقلاله، وبما يثبت انتماءه العربي دون أن يكون هذا الإنتماء بحاجة إلى شهادة الآخرين، أو تشكيكهم به، وإعادة النظر في مسألة الهوية والإنتماء والعروبة وإرسائها على قاعدة التطور الحر والديمقراطي للبلدان العربية، وتكاملها الإقتصادي التدريجي، وتضامنها من أجل نصرة قضاياها المشتركة، وعلى رأسها قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني. إن الهوية والإنتماء هما خياران طوعيان حران لأبناء لبنان، ومن أجل مصلحة لبنان ووحدته. ب ـ المسألة الديمقراطية : وتتضمن مجموعة قضايا، تبدأ من الدفاع عن الحريات والإصلاح الإداري والسياسي، واستقلالية القضاء، إلى أن تصل إلى برنامج الإنتقال الديمقراطي من دولة الطوائف إلى الدولة المدنية العلمانية، أي البرنامج الديمقراطي التدريجي لتجاوز الطائفية. ج ـ المسألة الإقتصادية ـ الإجتماعية : والتي تتضمن برنامج الإنقاذ الإقتصادي والبرنامج الإجتماعي، واللذان يجب أن يكونا معنيان ليس فقط بالتوزيع العادل، وبتوازن القطاعات، وبالتخطيط، بل كذلك، بالإنتاج وزيادة الإنتاجية، كما أنه يتطلب إعادة الإعتبار إلى الحركة النقابية والعمالية منها بشكل خاص، إثر التشوهات التي أصابتها، ودعم مطالب العمال والمزارعين والمعلمين والطلاب وأساتذة الجامعة اللبنانية، وإعطاء حيز لتوفير فرص العمل والتقليل من البطالة والحد من الهجرة. ويتطلب كذلك اهتماماً خاصاً بالموضوع البيئي الذي أضحى موضوعاً حياتياً خطيراً له أبعاده الإقتصادية والصحية والسياسية. ويتطلب أيضاً اهتماماً مركزاً لموضوع مساواة المرأة وتحسين تمثيلها، ورفع الظلم الواقع عليها في العديد من القوانين والممارسات الإجتماعية. وأخيراً إعادة النظر في قانون الضرائب، وفي الضرائب على الثروة والفوائد والأرباح لخلق توازن إجتماعي مفقود، في برنامج تحميل أوزار الأزمة الإقتصادية والتي يتحملها الأكثر فقراً والأقل دخلاً في لبنان. ثالثاً : طبيعة الأداة والوسائل والنهج الديمقراطي. إن تحديد طبيعة المرحلة والمهام التي يواجهها لبنان، وهي ملتصقة بمرحلة بناء الدولة الديمقراطية، وتستند إلى برنامج التغيير الديمقراطي، يدفعنا إلى التفكير بحركة يسار ديمقراطي واسعة التعبير إجتماعياً عن مصالح مجموع الفئات المتضررة من عمال وكادحين وصغار مزارعين، وكسبة وحرفيين ومهنيين وطلاب، وأصحاب أعمال حرة، متضررين من التمركز، والتوسع الرأسمالي الكبير وأنشطته، ومصالح الطبقة الوسطى التي تتعرض للإندحار وللتهميش والتقليص، وحتى فئات من الصناعيين المنتجين المرتبطين بالسوق الوطنية، ويتعرضون للمزاحمة من قبل رأسمال معولم، كما أنها حركة تعبر عن تطلعات جمهور الشباب الواسع والنساء والقوى المدافعة عن البيئة والتراث والحركات الإجتماعية والمدنية، المحتجة على سيادة نظام المحاصصة الطائفية الفاسد والمفسد، والمتطلعة إلى بناء نظام ديمقراطي لا طائفي، يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، وتبنى فيه المؤسسات وتنتظم على أساس الكفاءة ودولة الحق. إلا أن حركة يسار ديمقراطي في لبنان، هي حركة ديمقراطية كذلك، وتتطلع إلى بناء ثقافة ديمقراطية على مستوى التعبير والتغيير، وتنبذ العنف، وتبحث عن الحلول السلمية والديمقراطية في الصراعات الداخلية. لعل هذا من أهم دروس الحروب الأهلية الأخيرة. وبذلك تكون منفتحة على الحوار مع الآخرين، ومبنية على أساس السماح بتعدد الآراء والتيارات بداخلها، مع احترام الفرد في كينونته، واحترام الجماعة في قدرتها على التعبير عن التنوع، وليس في قتل التنوع. وينتظم في قلب حركة يسار ديمقراطي لبناني مجموعة من التيارات والأشخاص والمجموعات، وهو منفتح على قبول انضمام الأفراد والمجموعات، بل يدعو من أجل ذلك إلى ورشة الحوار من أجل تطوير البرنامج الديمقراطي للتغيير. إن الديمقراطية المرجوة ليست فقط نظام علاقات ما بين البشر، بل هي قيم وممارسات، ويجب أن تنعكس في الفكر والممارسة. وغني عن القول إن تطوير هذه الأفكار، سيستند إلى نقد المركزية المتشددة في الأحزاب، ونقد وحدانية القرار والبحث عن آليات التمثيل المتعدد والمتنوع في طرق تشكيل الجمعيات العامة وعقد المؤتمرات. رابعاً : إعادة تعريف اليسار . إن أولى نقاط الإنطلاق نحو إعادة تعريف اليسار، هي تعريفه خارج إطار المفاهيم الضيقة والفئوية، التي سادت في حقبة الإشتراكية السوفياتية. وهذا يتطلب، ليس فقط النظر إلى الماركسية كمنهج، وغير وحيد للتفسير، من ضمن مناهج علمية أخرى، بل أيضاً عدم اعتبار الماركسية شرطاً ضرورياً ولازماً، وليس تحويلها إلى عقيدة جامدة ومفاهيم راكدة. فاليسار أوسع من الماركسيين، ويمكن أن يحمل في حركته ماركسيين وغير ماركسيين. إن نقطة الإلتقاء بين المناضلين في حركة اليسار هي الإتفاق، من ضمن فكر نقدي وعلمي، على مناهضة الرأسمالية السائدة، والعمل من أجل تجاوزها لصالح مجتمعات إنسانية عادلة تحترم الإنسان وحقوقه وعمله، وتقوم على التوزيع العادل للثروات الطبيعية، وعلى العدالة الإجتماعية، وتؤمن بالديمقراطية وتمارسها. إن هذا يتطلب، منا ومن غيرنا من قوى اليسار في العالم، إعادة درس تجربة الإشتراكية، والفكر الإشتراكي عموماً، بعقل نقدي ومنفتح على كل الأفكار، وكل التجارب في أوروبا الشرقية والغربية، وفي العالم النامي، وخصوصاً جنوب أفريقيا والبرازيل، وعلى كل الأفكار والنظريات، والمفاهيم دون أحكام إيديولوجية مسبقة. كما أنه يتطلب منا تحديداً دقيقاً لطبيعة المرحلة التي نخوضها، وهي مرحلة بناء ديمقراطي أو تحول ديمقراطي، ولو تداخلت معها مهمات التحرر الوطني، واستعادة السيادة والإستقلال في المنطقة العربية. إن العقل النقدي والمراجعة الشاملة، التي نريدها لا تبحث عن نقد سطحي، وخروج لفظي من إطار الجمود، الذي طبع الحركة الشيوعية التي ارتبطت بالإتحاد السوفياتي كمركز، وبالتجربة الستالينية كمرجع في السياسة والتنظيم. بل نريدها أن تقطع قطعاً شاملاً وكاملاً مع هذه التجربة، وتتجاوزها على كل الصعد الفكرية والعملية في السياسة والتنظيم. إن تراث الإشتراكية، هو تراثنا، وتراث الإنسانية جمعاء. ويجب أن نفهمه بنجاحاته المحدودة، وبإخفاقاته من أجل نجاحنا في تجاوز الرأسمالية، التي هي نظام القهر والإستغلال التي نواجهه. ونحن نحتاج في هذا المجال، ثانياً، إلى توطين الفكر الإشتراكي في بلادنا، وإلى إعادة قراءة تراثنا الإنساني العربي في هذا المجال، وإلى الإستفادة من تجاربنا العربية على صعيد الدول والأحزاب وأسباب فشلها، وذلك من أجل إعادة الإعتبار، ليس فقط للفكر الإشتراكي العربي، بل لكل التجارب العربية المقاومة للإستعمار، وللهيمنة الإمبريالية، والباحثة عن بناء الإستقلال الوطني والتنمية والتقدم الإنساني، والعدالة الإجتماعية. كما أنه يتطلب منا النظر في تجارب اليسار الجديد في أميركا الجنوبية، وفي افريقيا وآسيا، والإطلاع على المشرق والمضيء في الأفكار الإشتراكية الأوروبية، وحركات الإحتجاج السياسي والحركات الإجتماعية العالمية. وتحضرنا هنا تجربة جنوب أفريقيا، والمؤتمر الوطني الإفريقي في التخلص من نظام التمييز العنصري، وبناء دولة ديمقراطية، وتجربة البرازيل، وحزب العمال البرازيلي لبناء نظام إجتماعي بديل، يقوم على أولويات مختلفة، وأهمها محاربة الفقر والتنمية، وتجربة بعض الأحزاب السياسية والحركات الإجتماعية في الهند، وخصوصاً في الحكم المحلي، كما تجارب بلدان أخرى تعيش أوضاعاً متشابهة مع أوضاع بلداننا العربية. ومن جهة أخرى، لا يمكننا أن نهمل تجربة بعض الدول الأوروبية، وخصوصاً الدول الإسكندنافية في السويد والدانمارك والنروج على أسس إيديولوجية إتهامية بمحاباة الرأسمالية، دون التطرق إلى إنجازات الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية، في خلق مجتمعات تنعم بالتطور والتكافؤ، والمساواة والعدالة في التوزيع. إن محاولتنا هذه، ليست جديدة ولا نهائية، ولا نعتبر أنها مهمتنا لوحدنا، بل هي مهمة تقتضي مراجعة شاملة من قبل كل قوى اليسار في العالم، والعالم العربي منه، ولبنان كذلك. إن حركة يسار ديمقراطي لبناني، ما هي إلا فصيل من اليسار الجديد الذي يحاول أن يفك الطوق الفكري والسياسي الخانق، الذي فرض على اليسار في القرن المنصرم، نحو فتح الآفاق الجديدة، والإنطلاق لهدم الأسوار والأبواب المحكمة الإغلاق أمام الأجيال الشابة الجديدة، وأمام القوى الإجتماعية، صاحبة المصلحة في التغيير الديمقراطي والإجتماعي، وأمام شعوبنا المحاصرة بمأزق الإستبداد الداخلي، والإحتلال الخارجي، ومأزق أنظمة الإستبداد من جهة، وعقم وماضوية ورجعية حركات الإحتجاج والممانعة. لكن التحول الذي نأمله، لا يعني تنصلنا من تجارب اليسار السابقة، وإرثها العظيم الذي نعتز به، وبصفحاته المضيئة والمشرقة، ونعتبر أننا ورثة هذه التجربة المجددين دون أن نقطع معها، أو أن نتنكر لها، ولكن دون أن نقف عندها رافضين التطوير والتغيير والتقدم. على ضوء هذه التحديدات، نقول إن اليسار في لبنان هو الجمهور العلماني الديمقراطي، الذي يبحث عن صون الإستقلال الوطني، والدفاع عنه، وعن تجاوز الطائفية وبناء دولة مدنية علمانية ديمقراطية، ويدافع عن مصالح الفئات الإجتماعية الفقيرة والمهمشة والمتضررة، ويتطلع إلى بناء عدالة إجتماعية، على طريق النضال من أجل تجاوز شامل للرأسمالية، بما هي نظام إستغلال، نحو اشتراكية ديمقراطية إنسانية. أخيراً، سيتم إصدار برنامج سياسي تفصيلي لاحقاً، وصيغة تنظيمية تعتمد الديمقراطية والإنتخابات المفتوحة. |
|||||
19/2/2004 | |||||