Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

أســـــفار


This page contains some notes from my travel book in Morocco.

تتضمن هذه الصفحة مقتطفات من بعض أبواب كتابي (تحت الإعداد) حول زيارتي الأولى للمغرب

© Mussa Yousef 2001

all rights reserved جميع حقوق المؤلف محفوظة

مقتطفات من الفصل الأول : في الباخرة

في اللحظة التي إنضمت فيها سيارتنا إلى الصف الطويل المتجه نحو الباخرة أدركت بأنني اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من المغرب. فقد تزايد عدد المغاربة حتى كاد أن يطغى على عدد الموجودين في المكان من أسبان وجنسيات أخرى متفرقة. وكانت تقف على رصيف الميناء باخرتان كبيرتان تحمل إحداهما العلم المغربي الأحمر اللون تتوسطه النجمة الخضراء والأخرى يرفرف فوقها العلم الأسباني بلونيه الأصفر والأحمر وشعاره الملوكي. وطال إنتظارنا على الرصيف فرأيت أن أتجه نحو المقهى الملاصق لقاعة المسافرين ولم أجد من أتحدث معه فقد كان الكل مشغولاً يشيء لا أدري ما هو بالضبط ولم يكن لدي من الفضول حينئذ ما يكفي للسعي وراء التعرف على ما يشغل الملأ . كل ما كنت أريده هو الراحة بعد عناء سفر طويل استغرق 38 ساعة متواصلة بلا إنقطاع عبر هضبة ايبيريا الجرداء.. كنت أريد الإسراع نحو الباخرة لكي أخلد إلى نوم عميق عميق .. لكن الكل تقريبا كان مشغولا يغدو ويروح حول المكان . ومن لم يكن على ذلك فقد جلس ليعاقر نبيذا بين كؤوس وقوارير أو أخذ يرشف جرعات الشاي والقهوة بصوت ملفت للنظر أو قد إتخذ من الأرصفة مجلساً ومن الجدران متكأ بينما لزمت النسوة وأطفالهن مقصورات الشاحنات والمركبات المختلفة المكدسة بالبضائع إيما تكديس

وفجأة بدأت الصفوف تتحرك رويدا رويدا نحو الأمام وسادت المكان جلبة وضوضاء وتعالت أصوات محركات السيارات ونفث الدخان وفاحت روائح المحروقات النفاذة فأسرعت الخطى نحو السيارة وجاء رفيقي في الرحلة ليقودها .. وتحركنا مع المتحركين وإتجهنا مع المتجهين إلأى داخل الرصيف . ولكن إلى أية باخرة؟ تساءلت أنا وأقترحت عليه بأن نستقل الباخرة المكتوب اسمها بالعربية: المسطرال والتي تحمل العلم المغربي مما يعني إنها أرضا مغربية على الأقل.. لكن مرافقي لم يشاطرني الرأي وهداه تفكيره إلى الإنضمام إلى الصف المتجه نحو الباخرة الأخرى الأسيانية وهي الباخرة الخطا.. إنتابني بعض الإستياء الذي حاولت مداراته لأنني كنت على حق عندما طلبت منه الإستفسار عن هوية الباخرة التي كنا بصدد التوجه نحوها وتولد لدي شعور بالخوف لأنني كنت لا أريد المكوث ليلة ثالثة قبل وصولي إلى أرض ميعادي.. وحاول هو إزالة تبرمي بالقول : إن كل الطرق تؤدي إلى روما وكلا الباخرتين تؤديان إلى المغرب ثم ساقني نحو مقصورة ذات مقاعد بالية وقد إنتشر عليها المسافرون بلا نسق وفهمت منه إن هذا المكان هو مكان مرقدنا . فعاودني التبرم مرة أخرى لأنني كنت أريد أن أنعم بنوم طويل بعد سهر دام أكثر من يومين متتاليين. وإعترضت على المبيت في ذلك المكان فإضطررنا إلى الذهاب إلى حجرة الجلوس بالباخرة وكانت تلك أكثر نظافة وأهدأ حركة فإفترشنا أرضها لنغرق في نوم عميق

مقتطفات من الفصل السادس : رباط الفتح وباب الحد

... في تقاطع مدينة سيدي سليمان توقف القطار طويلاً في إنتظار قطار آخر قادم من الإتجاه العكس .. ولعل أجمل ما في هذا المكان هو تواجد الباعة المتجولين الذين يتهافتون حول نوافذ القطار يعرضون سلعهم من البيض المسلوق والخبز المحمص والشاي بالنعناع الأخضر والحمضيات .. وما أكثر الحمضيات في هذه المنطقة وما أرخص ثمنها ...

والرباط هي العاصمة الملوكية البيضاء .. وهي وإن كانت تفقد رونق العواصم الأخرى القديمة مثل فاس ومكناس ولكنها بلا شك مدينة متعددة المزايا ويعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي .. وكانت تسمى آنذاك باب الفتح. تيمنا بفتح الأندلس .. ولعل من المفارقات أن معالمها البارزة تقع في الأحياء والأسواق الجديدة لأن كل ما يمت إلى الرباط المدينة هو السور العتيق " باب الحد " وخلفه الشوارع الضيقة القديمة فالزائر إليها لا يرى فيها مدينة تاريخية لأن العمارة الحديثة القائمة على نمط مدن الجنوب الفرنسي هي أول ما تجذب عينه مع وجود تنسيق تام في المباني الإدارية والحكومية التي تميزها مبانيها الحديثة البيضاء اللون والمزدانة بزخارف عربية ذات لون بني فاتح. وأما الرباط القديمة أي الرباط المدينة كما تسمى فهي تقبع خلف المدينة الحديثة وسط السور العتيق بلون الشيكولاتة وتتميز بطرقاتها الضيقة المكدسة بالمارة والدواب بحيث لا تستطيع السيارات الكبيرة المرور عبرها. وفي داخل المدينة القديمة يوجد حي الأودية وهو يشكل معلماً قائماً بذاته... ويطغو على المنظر العام للمدينة بناء مربع الشكل يلاحظه القادم إليها من على البعد وهو صومعة حسان ويشكل رابع أجمل مآذن من نوعها: الكتبية في مراكش وخيرالدا في اشبيلية وصومعة مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء. لكن ما يميز صومعة حسان هو أن بنائها لم يكتمل إذ يغيب عنه الجزء العلوي الأصغر والقبة التي تعلوه ومع ذلك فإن الزخرفة المعمارية الرائعة على البناية تعطي إنطباعا لحلم جميل راود المهندس الذي خطط لها . وتنتشر في الساحة التي تقوم عليها الصومعة يقايا أعمدة لمسجد ضخم لم يكتمل بناؤه. وأميز ما في هذا المكان هو الجزء الغربي حيث أقيم ضريحاً مرمريا أبيض اللون تعلوه قبة هرمية الشكل من القرميد الأخضر وتحتها يرقد جثمان الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني . ويعتبر الضريح من الداخل تحفة فنية رائعة من المعمار المغربي الراقي



الزخرفة المعمارية الرائعة على بناية صومعة حسان التي لم يكتمل بناءها تعطي إنطباعا لحلم جميل راود المهندس الذي خطط لها

الفصل العاشر: مراكش محطة بساط الريح

بساط الريح .. مراكش فين؟ .. مراكش فين؟ بلاد الغلة والزيتون " قال المغني في المشرق العربي . وتعرفنا على إسم مراكش بالمدارس القرآنية في الصغر وفي منشورات السياحة الدولية وكتب التاريخ عند الكبر .. ويرتبط إسم مراكش (بضم الميم وتشديد الراء وضم الكاف وتسكين الشين) ارتباطاً لصيقاً بالمغرب التاريخي والمغرب الثقافي وكذلك المغرب السياحي بل أن المغرب كله كان في يوم من الأيام يسمى مراكش... ويثير إسم مراكش في خيال المتجه نحوها أشجار النخيل وقوافل التجارة والأسواق والمدارس القديمة .. وإذا كانت فاس قد برزت عاصمة للأدارسة والميرينيين والعلويين فإن مراكش كانت المدينة الأولى في عهد المرابطين والموحدين والسعديين وكانت تتنافس مع فاس في جذب مقر الحكم إليها حتى حسمت ذلك الرباط نهائياً في عام 1913 ويقال أن مراكش ظهرت أول ما ظهرت على سطح الأرض سنة 1062 عندما شيد المرابطون قلعة تسمى قصر الحجر في مكان قريب من المكان الذي يقوم عليه الآن مسجد الكتبية. لكن الأب الحقيقي لمراكش هو يوسف بن تشفين الذي خلفه إبنه سيدي علي ين يوسف في تعمير المدينة وتوسعت مراكش في عهد المرابطين وإزدهرت ليؤمها الفلاسفة والعطارين والأطباء والشعراء من كافة أنحاء العالم الإسلامي .

أول ما اصطدمت به عيناي في مراكش هو اللون الأحمر ومشتقاته الذي يسود أبنية المدينة كلها تقريباً فأضفى عليها طابعاً تميزت به عن غيرها من سائر المدائن. وقد اختلف الناس في تفسير اسم مراكش كما هو العادة في اسماء الأماكن القديمة. وتتفق الروايات على أن أصل الكلمة بربري ولكنها إختلفت في تأويله. فتقول إحدى الروايات أن الإسم مركب من لفظين: الأول "مرا" أي ذهب واللفظ الثاني "كش" إي إنصرف دلالة على الغادي والرائح إلى السوق . وتذهب رواية إخرى إلى أن الكلمة اشتقت من عبارة "تا مورث إن واكوش " التي حرفت لاحقاً إلى "أمور كش " .ولفظ تمورث تعني في الأمازبغية الأرض وأكوش يرادف الإله وبذلك تترجم الكلمة إلى أرض الله أو كما يحلو للبعض تأويلها "أم الدنيا" دلالة على عظمة المدينة في عصورها الغابرة. ومن أبرز معالم المدينة ساحة جامع الفنا وهو عبارة عن سوق مفتوح بلا أقبية أو أسقف ومسرحا لفنون الهواة في الهواء الطلق يمتد في مساحة واسعة ربما تصل إلى 1500 متر مربع وشكلها الهندسي غير منتظم وفي الطرف الجنوبي منها يوجد شارع يشكل إمتداداً لها وتمر عليه السيارات والناس والدراجات والدواب بحرية دون خطوط مميزة كما تحف بها حوانيت ومخفر شرطة وموقف لسيارات الأجرة والعربات التي تجرها الخيول ومصرف ومكتب بريد ومساجد ابرزها مسجد الكتبية ومكتبة ومنتزه عام وفنادق ومقاهي.. ومقاهي .. ومقاهي .ويقال بأن الساحة قديمة قدم جامع الكتيبة وهذا يعني أنها شيدت إعتباراً من القرن الثاني عشر الميلادي وقد تم رصفها الآن بالبلاط الجميل ولكنها لم تكن أبداً خالية من الناس منذ تأسيسهافي ذلك الحين بل كانت ولا تزال حاشدة بالناس فقد كانت في السابق تشهد قطع رؤوس المحكوم عليه بالإعدام في القرون المنصرمة ومن هنا جاءت التسمية جامع الفنا أي مجمع الفناء أو الموت وقد تحولت اليوم إلى ساحة تعج بالحياة و سوق تعمل بحرية مطلقة تعرض فها الآراء والفنون بعفوية وبساطة وبهدف الترويح عن الواقفين حول حلقاته وغدت معلما انسانيا بارزا سجلته منظمة اليونسكو بحق ضمن التراث العالمي للبشرية . ويمتاز المراكشيين بخفة الدم والظرف الراقي ويمكن ملاحظة درجة الوعي الكبير بينهم .


ساحة جامع الفنا.. أبرز معالم المدينة الحمراء



احدى حلقات جامع الفنا الساحرة

نزلت في إحدى الفنادق القريبة من الساحة وذهبت إليها في الصباح الباكر وكانت كالعادة مكتظة بالناس . فرأيت مجموعة تتكون من خمسة أو ستة شبان في العقد الثاني والثالث من العمر يضربون الدفوف وينفخون على المزامير وأمامهم سلال داخلها حيات ترقص وبالقرب منها أفعى صحراوية ترقب الإيقاع وكأنها مايسترو الحفل وإقتربت منهم فقام أحدهم بوضع ثعبانا غير سام بطبيعة الحال حول عنقي والتقط لي صورة معه ثم بدأ يساومني في المقابل . وعلى مقربة منهم يقوم شاب آخر برقصات بهلوانية وقد وضع على رأسه طربوشاً عليه خيط سميك يحركه بهزات من رأسه كالدرويش في حلقة ذكر. وبعد فترة من الوقت ظهر رجل اسمر البشرة يرتدي جلبابا مغربيا وبدأ يتكلم بصوت جهوري جميل وقد برز إحد أنيابه المكسو بالذهب وأخذ يرسل الكلام مدرارا حتى بدأ ثغره يرغي ويزبد وكان يعرض أدوية وعطور تشفي كل عاهة كما يقول محاولاً إقناع مستمعيه الذين تجمهروا حوله

مراكش .. عبق التاريخ


الفصل الثاني عشر : على أعتاب فراديس الأطلس المتوسط

كان الطريق في الأطلس المتوسط يمر بمنطقة جبلية جميلة بشكل لا يوصف إذ تمتد الجبال أمام ناظريك جبلا وراء جبل كأنها أعمدة سميكة تحمل السماء أو كتل هائلة تثيت البسيطة وترى الأودية تجري منسابة تشق طريقها بين الصخور والهضاب مسطحة كمناضد من حجر وفي السماء سحاب ابيض شفاف يهبط حينا ويصعد أحياناُ كأنه يسابق أعيننا في التمعن على هذه الطبيعة الجميلة التي حبا الله بها بلاد المغرب.. ويسير هذا الطريق بمحازاة وادي أم الربيع الذي يجري هنا صافياُ أخضر اللون . وإذا لم يكن هناك ضباب كثيف أو مطر فإنك لا محالة ستشاهد واحد من أجمل مناظر الطبيعة وأروع تضاريس البسيطة في افريقيا.. كل من يمر هناك في الربيع يدرك هذا الشعور بالجمال الفطري للطبيعة التي لم تمسسها يد أنس بعد ولا جان.

فجأة برزت لنا من نافذة الحافلة معالم مدينة كبيرة نظيفة وجميلة وتبدو مدللة لكثرة أعمال الزينة في شوارعها واشجارها المبيضة السيقان وأرصفتها المتجددة الطلاء .. وظننتها خنيفرة في باديء الأمر ولم يكن هناك من يجاورني في المقعد حتى أسأله مستدركا ولكني سمعت مساعد الحافلة يكرر إسم "تادلا". وقلت لنفسي : تادلا ..؟ هذه لم اسمع بها؟ من أين جاءت ؟ورغم جهلي الكبير بها فإن تادلا (وإسمها بالكامل قصبة تا دلا ) أشهر من نار على علم . ولقصبة تادلا تاريخا بطولياً حافلاً بالأحداث. وقد بنى فيها السلطان مولاي اسماعيل قلعة ليقيم بها فرسانه ثم احتلها الفرنسيون لموقعها الإستراتيجي فهي تقع على مرتفع يطل على واد هو وادي أم الربيع أطول أنها المغرب وأهمها ويجري طول السنة لأن روافده تتغذى من مياه الأمطار والثلوج الذائية المنسابة من قمم الجبال

ويقطع الطريق الجميل جبال الأطلس المتوسط ونتبع وادي أم الربيع على قدم وساق ونترك القصيبة لنتوقف في تغسالين فيكتمل عرسنا بدفوف أمازيغ الأطلس وأهازيج رجالهم وزغاريد نسائهم وهن يهللن ويصلين على النبي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وإشرأبت أعناق ركاب الحافلة نحو النوافذ لترى موكب العروس التي جلست على هودج يغطي وجهها وشاحاُ ويكسو جسدها دثاراً وقد حمل الهودج أربعة فتية أقوياء الساعد وخلفهم موكب تزفه النساء بالزغاريد والدفوف. وتوقفت الحافلة لينزل بعض الركاب. هل جاءوا يا ترى للمشاركة في أفراح أهل العرس؟ لا أحد يستطيع أن يجيب على سؤالي هذا . وتركنا تغسالين وعرسها ولا يزال جمال الطبيعة يسير معنا ويتبعنا كالظل في منطقة كل شيء فيها ناعم وجميل حتى الشمس وقد توشحت ضفاف الأودية بلون الزيتون الأخضر وانتشرت غابات الأرز والبلوط على اسطح الجبال وبدت علامات الطريق تمهد لنا بعنقود من عناقيد الأطلس: خنيفرة... ويمر الطريق الجميل فوق هضبة معشوشية مخضوضرة وترى الأخاديد والنجود واسعة ويمر نسيم عليل يبعث الراحة على النفوس والكل صامت في الحافلة مستغرق في نفسه ولا تسمع سوى صوت محرك السيارة يطن في الآذان وكلما تقدم الطريق وخطت الحافلة خطوات وئيدة نحو الأمام كلما ارتفعت الهضاب وسمقت الجبال وإزدادت الغابات كثافة واسودت الأحراش وبدت السحب داكنة حبلى وإزدادت المدن روعة والدواب جمالا والناس أنسا حتى توقف ركبنا عند آزرو . مدينة الصخرة




آزرو… الصخرة صاحبة الإسم

إفران:سويسرا المغربية

وكان الطريق من مكناس نحو إفران يمر بالحاجب الجميلة وسط لوحة خريفية رائعة على أرض ترتدي حلية خضراء موشحة بمختلف أنواع النور البري الزاهي الألوان ودنا السحاب المنفوش في الأفق وتدلى. وتقاطر رذاذ المطر على زجاج نوافذ سيارة الأجرة وكنا مع ثلاثة ركاب آخرين لا نحس بالضيق ولا بالضجر فأصدقائي فرحون بي وأنا بهم فرحا ولكننا لم نك نرغب في تلك الفينة أن نتسامر بالعربية الفصحى وغيرنا يصغي أو أن نصمت طول الرحلة وكان الحل عند عز الدين عو اللجوء إلى اللغة الإنجليزية وبدا واضحا للغير بأنني السائح الأجنبي :أمريكي أم إنجليزي؟ وواقع الحال إن الحديث لم يكن سوى ملاحظات وتساؤلات أبديها أنا عن المشاهد التي تصطدم بها مقلتي عبر نافذة السيارة الهرمة ودخان محركها الذي بدأ يسد منافذ أنوفنا كلما ارتفعت التضاريس وسمقت الجبال. وكان منظر الطبيعة في بوادي إفران منظرا لا يوصف حتى بدت لنا مباني المدينة الفريدة من على البعد وأشار إليها عز الدين بإصبعه. ودخلنا إفران أو الغار كما يعني اللفظ الأمازيغي ويكتبونها ايفراني (بالتهجئة الفرنسية) ويفرن بالأحرف العربية وينطقونها إ ـ يفرن بإضغام الألف في الياء . وعندما دخلناها ألفيناها نمطا آخر من المدن: المعمار أوروبي بلمسات مغربية والجو أوروبي قاري بلمسات أطلسية. وواقع الحال أن كل شيء فيها أوروبيا حتى المناخ. فوجدنا أشجار البلوط الكبيرة وقد تساقطت أوراقها المصفرة والمحمرة في ذلك الشهر الشتوي من شهور السنة ووجدنا الفيلات مشيدة بالقرميد الأحمر على الطراز الأوروبي والشوارع نظيفة تجرى بانسياب فوق البلدة الجبلية وقد خلت من المارة والسيارات لأن الوقت كان صباح يوم أحد . عجبي! لكأني في لاهاي أو بيرن .

وكان عز الدين يعرف البلدة جيدا أما عبد العظيم فهو كمثلي يزورها لأول مرة هو كمثلي بدا مشدوها بكل شيء في هذه المدينة الفاتنة ”السويسرية المصغرة” في المغرب . ولاحظت أن المغاربة في الداخل أم الخارج يحبون إفران هذه. ولإسمها سحرا في نفوسهم . فيبدون إعجابهم عندما يعرفون أنك زرتها أو تنوي زيارتها ومما لا يرتاب فيه المرء أن سكان البلدة من الأثرياء جدا أو ربما من الشخصيات المرموقة في البلاد وهو سرعان ما يلاحظه المرء من أبنية البلدة التي لم نقابل في طرقاتها من الناس ما لا يتعدى أصابع اليد الخمسة. وسقنا أدراجنا نحو جامعة الأخوين. ولجامعة الأخوين قصة معي. فقد كنت ازور المواقع الإلكترونية لأساتذتها وطلابها عبر شبكة الإنترنت باستمرار وها أنا الآن في طريقي إليها. وحاول عز الدين أن يمزح معنا بعض الشيء فأخبرنا بأن الجامعة بعيدة ولا بد من الذهاب إليها سيرا على الأقدام لأن هذه البلدة الثرية لا تعرف سيارات الأجرة فالكل يملك سيارته الخاصة أو دراجته النارية . ولم أشتر أنا منه هذه القصة لكن عبد العظيم أبدى بعض القلق عن بعد المسافة . وفي الطريق التقينا بفتاتين وطلبنا منهن التقاط صورة جماعية لنا وتحدث معهما صديقاي كثيرا ولم أدر ماذا كانا يقولان إلا أن الفتاتين كانتا في حالة سرور .

وتوقفنا عند تمثال السبع المشهور في إفران. وهو تمثال صغير من الأسمنت الأبيض الخشن تحت ظلال شجر الصنوبر السامق وقد تساقطت أوراقه المصفرة على الأرض والتقطنا هناك صورا تذكارية ثم واصلنا السير حتى بلغنا سور جامعة الأخوين ووقفنا عند الحاجب الأنيق الزي . وكانت الجامعة التي تعد كلية داخلية في منتهى الرقي وفي غاية الرونق. وكان اليوم يوم عطلة والوقت نهاية دوام النوبة الصباحية فلم يسمح لنا بدخول الحرم الجامعي وطلب منا أن نتصل بالإدارة لتحديد موعد للزيارة .





إيفران .. الأسد



إيفران .. الجامعة


بقية الرحلة

Top

Back to Arabic Page

Back to Travelling and Photography

Next Page

Home

free counters