Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

موقـع المبدع و النــاقد خليفــة بباهـــــواري

موقــع متنــوع و شـــــــامل


 

 
 

الرئيسية

 صاحب الموقع

الإسلامي

FRANCAIS

واحة الأصدقاء

 


شعر

قصة

رواية
نــقد
دراسات
فلسفة
حوارات
مقالة
مسرح
دين

فنون

تراث









 



تجاذبات الحزن و الأمل في قصيدة "قطرةُ ضــــَوْء" لمحمد بلمو


 

إلى محمد ادارغة، صديقنا المشترك

 

نص القصيدة:

قطرة ضوء

يجيءُ الزقاقُ
يَمْـشي
نحوَ قاعِ المقهى
وُريقاتِ الظلْ
للريح تهدي نوافذها الطرقاتُ
كيْ يختبرَ شرفتي
زمهريرُ الحزنْ
فليَمْضِ مَطر ُُ
إلى آخر البكاءِ
ليسَ إلا قَطرة ضوءٍ
لينضَحَ الكأسُ
يـنهـَرِقَ المُدام
على الترابِ
أو على رعشاتِ يديكْ

يجيءُ الزقاقُ
يمشي
نحو حُدودِ الأرض
والْـعـتـباتُ تأخذني
للعـتماتْ
فأي معنى للمعنى
أي وَجهٍ للكلمات
أي هذا الذي يستدرجُ بني عمار
لمجازر الزيتونْ
لمزادِ الشهواتِ
………….
ليكنْ حِـبْـرُ كِ ملحَ الانزياح
وشعْركِ وطْنَ اليتامى
وحدكِ
في اندلاق السيولِ
على جبلٍ النسيان
وَحدكِ
ليس إلا قطْرةُ ضوءٍ
لينضحَ الكأسُ
ينهَرقَ المدامُ
على الترابِ
أو على رعشاتِ يديكْ

سلا في : 10-6-1998

المقاربة النقدية

 

تنفتح القصيدة على بوابتين متقابلتين و متضادتين، و كلاهما تجدب المعنى في اتجاهها محاولة إعطاء بعدها و إضفاء صياغتها على المعنى الكلي للنص. المعنى بدوره يحاول أن يتملص من مسؤولياته التعبيرية عندما يوافق على لعبة الجدب التي تساهم في تشكيل الازدواجية.

يحذرنا الشاعر – و كأنه يساهم في تأسيس بنية التيه الذي يوازي هنا الضياع مرة و مرة أخرى مقدمات العشق- من الاعتقاد بأننا سنقبض على المعنى بمجرد القراءة، يقول:

فأي معنى للمعنى
أي وَجهٍ للكلمات

يحاول ، من خلال السؤال أن يبرز لنا بأن القضية ليست من صنعه و أنه يقاسمنا هذه الحيرة...

 

مسارات الحزن و الأمل

 

ما يدفعنا لبناء مقاربتنا النقدية على هذه الشاكلة هو سيطرة نغمتين متعارضتين على جو القصيدة و يظهر ذلك جليا من خلال المعجم المستعمل و الذي ينقسم بوضوح تام إلى حقلين دلاليين واضحي التركيب و المعالم.

1-      الحزن:

قاع المقهى، زمهرير الحزن، آخر البكاء، ينهرق المدام، رعشات يديك، العتمات، مجازر الزيتون، وطن اليتامى، وحدك، جبل النسيان

 

2-      الأمل:

يجيء الزقاق يمشي، وريقات الظل، تهدي، قطرة ضوء، ينضح الكأس، ملح الانزياح.

 

لو اعتمدنا على الإحصاء لخرجنا مباشرة بالانطباع أن الحزن يسيطر على فضاء الشاعر الذي يشكله المقهى في البداية ثم "بني عمار" في مرحلة ثانية.

لو اعتمدنا على حمولة المعنى في الكلمات التي تؤثث كلا الحقلين سنتأكد مرة أخرى من أن الحزن له الغلبة في هذه الموازنة.

لكن إذا أخذنا في الاعتبار ترتيب الحقلين داخل صياغة النص و بنائه العام فإن تشكيلة الأمل التي تتموقع في البدايات يكون لها التفوق.

و إذا أخذنا في الاعتبار العنوان كاختيار واعي من طرف الشاعر فستكون الغلبة للأمل مرة أخرى.

واذا انتبهنا للنوعية النحوية للكلمات المشكلة لكل حقل، فسنلاحظ أن حقل الأمل يضم أربعة أفعال في حين لا يضم حقل الحزن الا فعلا واحدا مما يؤكد انتصار الأمل على الحزن مرة أخرى.

 

 

ترتيبات البناء الشعري

 

تنقسم القصيدة إلى جزأين غير متساويين – و كأن البناء يساهم في التأكيد على الثنائية التي أشرنا إليها سابقا ، و يتأكد أيضا من خلال عدم الموازاة بين القسمين ما ذهبنا إليه من وجود أفضلية لأحد العنصرين ( الأمل و الحزن) على الآخر.

و رغم عدم التوازي الكمي فإن القسمين بنيا على نفس الشاكلة: فكلاهما يبدأ ب

 

يجيءُ الزقاقُ
يَمْـشي
نحوَ...

و ينتهي ب

ليسَ إلا قَطرة ضوءٍ
لينضَحَ الكأسُ
يـنهـَرِقَ المُدام
على الترابِ
أو على رعشاتِ يديكْ

و إذا نظرنا إلى تأطير النص بهذين المقطعين فإننا نخلص إلى النتيجة أن الأمل يسيطر على الحزن من خلال الحركية و الأفعال و من خلال الضوء الذي يظهر على شكل قطرة نظرا لوجود العتمة التي يؤسس لها الحزن.

تتخلل المقطع الثاني نقاط حذف تشطره شطرين متوازيين ( 10/11). و تأتي مباشرة بعد

لمزادِ الشهواتِ

و قبل

ليكنْ حِـبْـرُ كِ ملحَ الانزياح

و كأنها تساهم بدورها في دفعنا للوقوف أمام هذين السطرين لتكسير بنية الحزن في الأول و التهييئ لاستقبال بنية الأمل في الثاني.

و من خلال ترتيبات البناء الشعري توقفنا جمالية الجملة الشعرية التالية:

للريح تهدي نوافذها الطرقاتُ

مؤسسة لانزياح أضاف الجمال إلى عمق البلاغة المعنوية حين صنع للطرقات نوافذ يمكن أن يطل منها السابق بمضمونه الإيجابي

وُريقاتِ الظلْ

أو اللاحق بمضمونه السلبي

كيْ يختبرَ شرفتي
زمهريرُ الحزنْ

 

 

المضارع و اسم المصدر

 

ضمت القصيدة أحد عشر (11) فعلا تكرر منها خمسة أفعال ليكون مجمل أفعال القصيدة ستة عشر فعلا:

يجيءُ(2)، يَمْـشي(2)، تهدي، يختبرَ، فليَمْضِ، ليسَ(2)، لينضَحَ(2)، يـنهـَرِقَ(2)، تأخذني، يستدرجُ، ليكنْ.

و قد جاءت الأفعال كلها في المضارع  إلا الفعل الناقص "ليس" الذي صُرف في الماضي. و هي ملاحظة تساعدنا على التأكيد على ما ذهبنا إليه في تأويلنا للعلاقة بين الحزن و الأمل الذين يسكنان القصيدة و يتجاذبان أطرافها للسيطرة على المضمون.

 

إن قرية بني عمار التي سكنت هذه القصيدة و تسكن أيضا دواخل الشاعر محمد بلمو، رغم الأزمات و الجراح و "المجازر"، تعلن من خلال تركيبة الصراع في هذا النص الجدلي في خفاءه و تجليه أنها واقفة أمام كل التيارات و المشاكل مستمدة قوتها من "قطرة ضوء" هي في الحقيقة مصدر إشعاع يغالب و يغلب العتمة التي تريد الجغرافيا و السياسة  أن تغلفها بها.

و أعتقد أن تأكيد ما وصلنا إليه من خلال نص محمد بلمو "قطرة ضوء" يؤكده عزم أبناء القرية على جعلها منطقة إشعاع ثقافي من خلال المهرجان الذي ينظمونه سنويا.

 

 

 

 

 

 


 

 

 



عنوان المراسلة

kababama@gmail.com

kababama@yahoo.fr



 

 

 


إصدارات
 






مناقشات




ورشات
 


همسات