Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

موقـع المبدع و النــاقد خليفــة بباهـــــواري

موقــع متنــوع و شـــــــامل


 

 
 

الرئيسية

 صاحب الموقع

الإسلامي

FRANCAIS

واحة الأصدقاء

 


شعر

قصة

رواية
نــقد
دراسات
فلسفة
حوارات
مقالة
مسرح
دين

فنون

تراث









 



مسرح الجمهور ومسرح الهامش


 

 

        لا يمكن قياس التجربة المسرحية بالمغرب على أية تجربة أخرى في العالم. لأن خصوصياتها كثيرة جدا. فحداتها وصغر سنها لا يقارنان مثلا مع التجربة الغربية التي تمتد جذورها إلى ما قبل الميلاد. أو مع التجربة المصرية التي تعود إلى القرن الماضي. ولا يوجد في المغرب إلا مسرح واحد كفضاء للعب يمكن أن يحمل هذا الاسم: فالقاعات الأخرى ليست بناءات خاصة بالمسرح أما التكوين المسرحي فلم يصبح أكاديميا إلا في أواخر الثمانينات. ثم لا يمكن إلا نادرا لمسرحية ما أن تعرض في نفس القاعة أكثر من مرة.

         أما الخطاب المسرحي في المغرب فقد كان أكثر "تنظيرا" منه إبداعا. وهذا موطن الداء، وللأسف فهذه الظاهرة ليست مرتبطة بالمسرح وحده، بل بكل الأشكال الثقافية في بلادنا. وهي التي ميزت الفعل الثقافي لمدة تزيد عن أربعين سنة. وأخطر ما في هذه "التنظيرات" (التي ليست علمية في شيء) إنها اتبعت الأهواء لحد التطرف، وبذلك لا يمكن تسميتها نقدا. وقد نتج عن هذه التنظيرات وجود "مسرحين" مختلفين في المغرب اسميهما شخصيا مسرح الجمهور مسرح الهامش، وهي بالطبع تسمية غير علمية، لأنها رد فعل الخطاب السائد.

         فكعادة المثقفين المغاربة، بنى بعض المسرحيين قلاعهم العاجية وصعدوا إلى أعاليها وبدؤوا في إصدار الأحكام: هذا مسرح تجاري، هذا مسرح رسمي، هذا مسرح محترف. هذا مسرح هاو. وهذا مسرح استهلاكي، هذا مسرح جاد، هذا مسرح مبتذل، إلى غير ذلك من التصنيفات التي كانت تدفعني إلى العودة إلى ما تلقيته حول الأشكال المسرحية وأقول: هل أخطأ منظروا المسرح إذ لم يتحدثوا عن هذه التصنيفات. أم أن التصنيفات الكلاسيكية أصبحت متجاوزة. أم أن هناك خللا ما في فهمي الخاص لهذه الأسماء؟

         ثم أعود وأقول لنفسي: أين هي العلمية في هذا لأني أعرف أن هناك المسرح الأرسطي. والمسرح الملحمي، ومسرح العبث والمسرح التجريبي والتعليمي إلخ. وهذه الاختلافات لا تعطي مسارح بل مسرحا واحدا. فالاختلافات مضمونية وليست ضمنية. لأن كل هذه الأشكال والتي تنتمي للعائلة المسرحية ولا سرها الثلاث: التراجيديا أو المأساة والكوميديا أو الملهاة والدراما، لا تختلف أن تكون مسرحا بمعناه فن الفرجة.

        وفي غياب أو تغييب هذا الإدراك، يحق لنا أن نقول بأن كل الإسقاطات التي وقعت في المسرح المغربي والتي حرمته من دخول الحياة اليومية من بابها الواسع، هي نتيجة لصراع سياسي و إيديولوجي خفي لم يرد أن يفصح عن نفسه، ولذلك خسر الماضي والحاضر فخلاف المضمون، والاختلاف حول أسلوب طرح القضايا ضيع على الجمهور المغربي فرصة التمتع وطنيا بالماهية الحقيقية للمسرح، وفي نفس الوقت جعل جزءا غير يسير من المسرحيين المغاربة على الهامش لأنهم لم يحاولوا أن يتعاملوا مع المسرح كمسرح أي كفن للفرجة أولا ثم وفي موقع ثان، كوسيلة لتبليغ رسالة ما.

       وأريد أن أحيل أصدقاءنا الذين ينتقدون –ولا ينقدون- كل شيء لا يتماشى مع هواهم إلى قولتين الأولى لانطونان أرطو إذ يقول: "إنه لأمر بليد أن تؤاخذ العامة على فقدها لحس السمو، خصوصا عندما نخلط السمو مع إحدى تمظهراته الشكلية والتي هي دوما تمظهرات متجاوزة. فمثلا، إذا لم تفهم العامة اليوم "الملك أوديب" فسأجازف وأقول بأن الخطأ خطأ "الملك أوديب" وليس خطأ العامة".

        و القولة الثانية لكونستنتان ستانسلافسكي عملاق المسرح الروسي وجاء فيها: "نذهب إلى المسرح لكي نتمتع. ونخرج منه وقد ازددنا معرفة، أو حللنا بعض المشاكل أو نخرج منه وقد طرحنا مجموعة من الأسئلة التي يحاول كل منا أن يجد لها توضيحاته ونحن واعون بحقيقة يومية وحده عبقري ما استطاع أن يسجلها".

        هاتان قولتان نستشف منهما أنه يجب علينا إعادة النظر في تعاملنا مع انتاجاتنا المسرحية. فكلمات مثل "الميوعة" و "الساقطة" و "الجادة" و "المسؤولة" لا مكان لها في القاموس النقدي العلمي. لأن النقد ليس موقفا بقدر ما هو إفساح المجال لرؤية أعمق لعمل ما. ولأننا عندما نتوقف من شيء ما فأننا لن نعطيه حقه الطبيعي. ونستشف أيضا من هذه الكلمات أن المسرح ليس مكانا للمطاحنات والمشاحنات السياسية، بل هو مكان لبداية تأسيس المواقف وما أكثر المواقف التي تمررها بالابتسام أو بالضحك أو بالهزل، أو بالسخرية أو بالتهكم كما يمكن أن نمررها بالخطب والدموع. فلماذا لا تكون الكوميديا مسرحا مقبولا عندنا مع العلم أن الكوميديا ارتبطت عبر العصور بالفئات الشعبية العريضة التي كانت محتاجة إلى الضحك مع ظروف حياتها القاسية في حين أن التراجيديا ارتبطت بالفئات الغنية والحاكمة والتي كانت بدورها محتاجة للبكاء مع ظروف حياتها المريحة؟ ولماذا لا ندع المجال لكل الفرص وكل الأعمال حتى نتوفر على تراكم من شأنه أن يؤثت لوجود مسرح مغربي فعال؟ ولماذا لا نؤمن بأن الكيف لا ينتج إلا عن تراكمات الكم؟

 

 

 

 

 


 

 

 



عنوان المراسلة

kababama@gmail.com

kababama@yahoo.fr



 

 

 


إصدارات
 






مناقشات




ورشات
 


همسات