Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

  وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ...ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز
محمد الأحمد الرشيد

المعلم

مجلة تربوية ثقافية جامعة

  على الرغم من اهتمام التربية الحديثة بجوانب النمو الوجداني والمهاري إلى جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في المدرسة.
دليل المعلم

التعليم خيار استراتيجى

إن أهمية التعليم مسألة لم تعد اليوم محل جدل فى أى منطقة من العالم فالتجارب الدولية المعاصرة ثبتت بما لا يدع مجال للشك أن بداية التقدم الحقيقية بل والوحيد هى التعليم وإن محل الدول التى تقدمت كان التعليم بوابة ذلك التقدم ، وإن الدول المتقدمة تضع التعليم فى أولوية برامجها وسياستها .

يمثل التعليم الاستراتيجيات القومية الكبرى لدول العالم المتقدم والناس على حد سواء نظراً لما لمسته تلك الدول من أدوار ملموسة للتعليم فى العمليات التنموية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل وإسهاماتها الحقيقية فى حقيقة أمن الشعوب واستقرارها ورفاهيتها وتقدمها .

فلقد أصبح التعليم ضرورة من ضروريات الحياة وليست رفاهية اجتماعية وأصبح أساساً هاماً من الأسس الثقافية والحضارية فى المجتمعات الحديثة وأصبح العصر الذى تعيش فيه وما يتميز من تغيرات وأحداث وثورات ثقافية مستمرة لاكان فيه لأمى يستطيع أن يتكيف معه ويساير متغيراته ومتطلباته .

والواقع إذا نظرنا إلى مفهوم التنمية لوجدنا أن ذلك المفهوم هو تعبير معنوى يدل على العملية الديناميكية المكونة من سلسلة من التغيرات الوظيفية والبنائية اللازمة لبقاء الكائن الحى ونموه فى بيئته وتطبيقاً لمفهوم تنمية الكائن الحى على المجتمع يمكن تفسير مصطلح التنمية كمدلول لإحداث سلسلة التغيرات الوظيفية والبنائية لنمو المجتمع وذلك بزيادة قدرة أفراده على استغلال الطاقات المتاحة للمجتمع إلى أقصى حد ممكن وبطريقة تحقق له أهدافه ( 1 ، ص 87) .

ولقد ثبتت الدراسات المختصة تزايد دور عنصر العمل فى العملية الإنتاجية من خلال زيادة الإنتاجية وفق مؤشرات مختلفة ومن بين أهم هذه المؤشرات التعليم والتدريب ، حيث يعتبر التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته ومراحله ركنا أساسياً من أركان تنمية الموارد البشرية فقد أثبتت الدراسات أن العامل الحاصل على شهادة عليا يفوق بمقدار 75% عن قرينه والحاصل على شهادة الثانوية يفوق قرينه بمقدار 45% والحاصل على شهادة أدنى من الثانوية يفوق قرينه بمقدار 25% فى إنتاجية العمل ( 2، ص 12) .

بينما كشفت دراسات شولتتر ودينسون ومارى بومان وبيكر بالولايات المتحدة الأمريكية ما يفرز قيمة الاستثمار فى البشر فقد وجد من نتائج إحدى تلك الدراسات بأن ( 36% : 70% ) من الزيادة فى الدخل القومى للفترة من 1929 : 1957 تعود إلى تعليم العمال ، كما أشارت دراسة أخرى إلى أن 50% من الزيادة فى الدخل القومى للسنوات 1911-1961 تعود إلى تحسين مستوى التعليم وعززت ذلك نتائج دراسة أخرى بأن التعليم ساهم بنسبة 42% فى زيادة الدخل القومى (230 ص 16 ) .

ومن ذلك من منطلق أن من أهم مستلزمات التنمية الاقتصادية توفر القوى البشرية اللازمة لها بما تستلزمه من مهارات عقلية وعملية ثم أن الاتجاهات الحديثة فى التنمية الاقتصادية تعتمد على زيادة قدرة الفرد على التعامل مع الآلة من ناحية واكتساب الفرد الاتجاهات المناسبة والصحيحة نحو العمل وتقدير المسئولية والإحساس بالواجب من ناحية أخرى ، كما تتطلب التنمية الاقتصادية أيضاً توافر الاتجاهات الصحيحة نحو الاستثمار والادخار وتنظيم الاستهلاك وفى كل تلك الأمور نجد أن للمؤسسات التعليمية دور هام فى دعمها وتنميتها .

فإنه بدون تربية لا تكون معرفة ولا كفاءة ولا روح العمل المنتج ولا تنظيم للطاقات البشرية ولهذا فإن كل دولة أحرزت تقدماً ملموساً أعطت التربية أولوية ، من هذا يتأكد لنا أن التقدم المنشود يتطلب الاهتمام بالتعليم كيفاً وكما ، فالاعتماد على أحد عنصرى التنمية الأساسيين - رأس المال المادى أو رأس المال البشرى دون غيره ، يؤثر قدرة المجتمع على التنمية .

فالتعليم يتحمل مسئولية هائلة فى تحقيق التنمية التى نرجوها التنمية الشاملة ، التنمية بمعناها الواسع التى شمل كل أنواع الحياة التنمية البشرية بكل ما تحتويه من اكتشاف ورعاية وتدعيم وتعظيم للقوى البشرية وللخبرات والقدرات التى يمتلكها الإنسان وتوجيهها بما يخدم هذا الإنسان نفسه وفى إطار المجتمع الذى يعيش فيه ، كما تشمل التنمية كذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكل ما يدعم نواحى أنشطة الحياة المادية والبشرية كافة وإذ نظرنا إلى التجارب الإنسانية الناجمة التى تمت فى العقود الماضية والتى حققت تقدماً ملموساً ومحسوباً فى كافة هذه المجالات شرقاً وغرباً نجدها تمت بلا استثناء من بوابة التعليم .

وإذا نظرنا إلى الدول الكبرى التى تتصارع على القمة اليوم ، نجدها تطور من نظم تعليمها باستمرار وتحاول أن تدرس نظم التعليم الأخرى الموجودة وتوجه معظم جهودها لتطوير التعليم .

ففى إنجلترا أكدت دراسة جوردن كينيجها على أن تنمية الثروة البشرية عن طريق التعليم لها أكبر مردود اقتصادى وقد حظى على دراسة مارجريت تاتشر على أهمية المراجعة المستمرة لنظام التعليم فى بريطانيا لكى يوائم التطورات الحديثة فى مجال التكنولوجيا .

كما أكد تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا على ضرورة الاهتمام بالتعليم فلقد ظل طوال حملته الانتخابية يردد دائما تسألوننى عن الأولوية فى برنامج الحكومة إنه التعليم التعليم التعليم ( 40 ، ص 16) .

وفى الولايات المتحدة الأمريكية حدثت ثورة تعليمية ومراجعة شاملة لنظام التعليم فى عام 1957م وذلك عندما أطلقت روسيا أول قمر صناعى لها وفى عام 1983م أصدر الرئيس الأمريكى الأسبق ريجان تقريره المشهور أمة فى خطة ثم تابع بوش اهتمامه بالتعليم وكان برنامجه شعب من الطلاب ثم صدر أخيراً تقرير آخر لبوش الابن أمه مازالت فى خطة من كل هذا نجد أن الولايات المتحدة تعطى اهتماماً متزايداً للعملية التعليمية أكثر من اهتمامها بالمصانع وغيرها .

وفى حديثه للتليفزيون الإسرائيلى أشار شيمون بيريز إلى تكوين الدولة اليهودية القوية بقوله " إذا كانت هناك دولاً حولنا تكرس الدين الإسلامى تملك الثروات الطبيعية والبترولية فإننا نستطيع أن نحسم الصراع لصالح إسرائيل عن طريق التعليم وعن طريق الثروة البشرية المدربة والتى نملكها وإتاحة التعليم العالى والجامعى لكل فتى وفتاه إسرائيلية وبما يتلاءم مع تغيرات العصر (4،ص17) .

وإذا كانت الأمة العربية تواجه العديد من التحديات الدولية والإقليمية والمحلية والتى تجعل من تطوير التعليم خياراً استراتيجياً لا بديل عنه ، فالوطن العربى لا يعيش بمعزل عن باقى دول العالم ، بل يعيش منفتح على العالم كله بماله من تراث ثقافى وحضارى يؤهله للانفتاح على ثقافات العالم والتكيف مع متغيراته ، ولعل تطوير التعليم فى الوطن العربى من حيث الشكل والمضمون يتخذ ملامحه الأساسية من طبيعة التحديات الدولية والمحلية التى يواجهها الوطن العربى من مشرقه إلى مغربه .

ولكن المأساة التى يعيشها جملة البلاد العربية هى أنها فى الوقت الذى تمتلك فيه موارد اقتصادية وإمكانات مادية مذهلة وتراثاً حضارياً عريقاً ، فضلاً عما يتوافر حولها من أسباب المدنية الحديثة ، فإن جمهرة أبنائها لا يقوون بمستوياتهم الثقافية المنخفضة على استثمار هذه الموارد والإمكانات والتراث بما يدفعهم على طريق التقدم بالسرعة المطلوبة .

ولقد بدأت معظم الدول العربية فى مراجعة نظامها التعليمى بما يتلاءم مع متغيرات العصر فلقد حدثت بعض الإصلاحات والتجديدات التعليمية فى مصر والأردن وغيرها من الدول العربية حتى تثبت للعالم كله أننا وطن له حضارة وله تاريخ وله عراقة وليس كما يقول حاييم وايزمان أننا نصرخ ولا نعض ولكننا سوف نثبته له أننا لا نصرخ ولا نعض بل نقطع الرقاب وسيفنا الذى سنستخدمه هو التعليم ، يا ترى هل توقظ هذه المقولة أمتنا العربية من غفوتها التى طالت ومن فرقتها التى هانت وتجمع كلمتها تحت راية واحدة ؟ أتمنى .

بقلم / دكتور عنتر عبدالعال

المصادر

(1) جلال مدبولى ، المجتمعات الريفية المستحدثة - تخطيطها وتنميتها ، القاهرة : دار النهضة العربية ، 1979.
(2)
Dave Altuinsonce, The Economic Case Far Past - School Education, INFOR, Development Agency, 1999

(3)محمد متولى غنيمه ، التربية والعمل: وحتمية تطوير سوق العمالة العربية ، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية ، 1996م.
(4) حسين كامل بهاء الدين ، التعليم والمستقبل ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1999 .

الفهرس

إرسال مقال