وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ...ووراء
كل تربية عظيمة معلم متميز |
المعلم مجلة تربوية ثقافية جامعة |
على الرغم من
اهتمام التربية الحديثة بجوانب
النمو الوجداني والمهاري إلى
جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا
أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل -
ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في
المدرسة. |
هل تعاني من ( الفوبيا ) دون أن تدري ؟
من منا لم يشعر
بالخوف يوما ؟ طبعا لا أحد . الخوف
غريزة .. هذا ما نعرفه جميعا . لكن ماذا
عندما يصبح الخوف مرضيا ، ماذا عندما
تصاب (بالفوبيا) ؟و الفوبيا –
باختصار مخلّ – هي نوع من الخوف
المرضي . مثلا : الخوف من الأماكن
المغلقة،الخوف من الأماكن
المرتفعة،الخوف من حيوانات معينة...
هذا الخوف يتضخم ليصبح حالة من الرعب
والذعر قد تصل لفقدان الوعي ويصبح
هاجسا،ثم ما يلبث أن يتحول إلى مرض
نفسي يسبب ضغطا رهيبا على المريض
بالدرجة الأولى ثم على المحيطين به .
فلماذا يا ترى هذا الخوف ؟ و كيف يصبح
مرضيا ؟ قبل الإجابة عن هذه الأسئلة
كان لا بد لنا من مساءلة البعض ممن
يعانون من هذا المرض ..
تقول منى ش،26 سنة: لا
أحتمل رؤية فأر أو ذكر اسمه
أمامي،تصيبني مباشرة حالة غريبة من
الرعب تصل إلى حد البكاء الهستيري...أذكر
أنني ذات يوم رأيته أمامي فرفض عقلي
في بداية الأمر الاعتراف بوجوده
ووجدت نفسي أخبر من حولي بأن سنجاب قد
دخل إلى البيت وما أن سمعتهم يقولون
إنه فأر حتى انتابتني هذه الحالة
وبدأت لا شعورياً (أهرش) جسدي حتى
كادت الدماء أن تتصبب مني....وإلى
اليوم أعاني من هذا الرعب ولا أعرف
سببه.
يقول محمد س ، 20 سنة ، طالب : أخاف من
القطط كثيرا .. هو ليس خوفا بالمعنى
المتعارف عليه . لا أستطيع أن أصف لك
شعوري بالضبط ، أنا لا أحب أن أراها
أمامي ، أما وجودها بقربي فيثير في
نفسي التقزز و النفور رغم أنني شجاع
بشهادة الجميع .
و يقول عبد الواحد الحسين ، 23 سنة ،
تقني : أخشى المستقبل كثيرا .. يبدو لي
ضبابيا أكثر مما يجب . لا شيء واضح .
أخشى – أيضا – المناسبات كالكسوف و
دخول عام جديد ، يخيل لي وقتها أن
حدثا جللا سيقع . أعرف أنه لا أساس
لمخاوفي لكنها تسيطر علي فتقهر
إرادتي الشخصية .
عبد الفتاح عبد الله
، 23 سنة ، طالب ، يبدو على وعي بمشكلته
. يبتسم بهدوء قائلا : أخاف من الكلاب
بشدة ، مهما كانت نوعيتها حتى
الصغيرة منها أو الأليفة . يمكن أن
أخمن سبب هذا .. ففي طفولتي عضني كلب
متشرد ، و شعرت وقتها بهلع كبير حيث
تم نقلي إلى المستشفى لحقني . و من
يومها و أنا أهاب الكلاب .
نجاة محمد ، 19 سنة ، طالبة بإسبانيا ،
تقول : مخاوفي كثيرة ، لكنني أخاف
الصراصير بالدرجة الأولى ، فهي تثير
في نفسي ذعرا لا حدود له يمكن أن
أسميه مرضا نفسيا .
و تقول نجوى ، 20 سنة ، طالبة : أشعر
بالخوف من الوحدة و من الأماكن
المظلمة . أحتاج دائما إلى من يكون
معي ، لا أستطيع الدخول إلى مكان غير
مضاء لوحدي مهما كانت الأسباب .
أما رنا د ، 35 سنة : فتقول أخاف من
الزحام خاصة في الشوارع لا أعرف
لماذا أشعر بالاختناق كلما وجدت نفسي
في سيارتي وسط زحام يحيط بي من الأمام
والخلف وابدأ بالصراخ حتى أن الساق
اضطر في أحد المرات لاجتياز الرصيف
والخروج من الزحام بسبب الحالة
العصبية التي أصابتني.
هذه بعض النماذج لمخاوف قد تبدو
غريبة ، لكنها موجودة فعلا و
الكثيرون يعلنون عنها . و يعزو أطباء
علم النفس أسباب الفوبيا إلى بعض
رواسب الطفولة.فمن خلال بعض التجارب
الميدانية اتضح أن هذه المخاوف هي
فعلا ناتجة عن ذكرى سيئة تترسخ في
العقل الباطن للطفل الذي ينسى –
جزئيا – ما حدث لكن الذكرى لا تلبث أن
تظهر فيما بعد عند أول مواجهة مع هذا
العامل.
فمثلا : إحدى المريضات كانت تخشى
اللون الأحمر بشدة،و بعد جلسة تحليل
نفسية اتضح أنها شهدت اعتداء تعرض له
أحد أفراد عائلتها و كان المعتدي
وقتها يلبس معطفا أحمر اللون ،فارتبط
اللون الأحمر – لا شعوريا – عند
الطفلة بالحدث الذي أصبح خوفا مرضيا
مع مرور الأيام .
يقول الدكتور عادل صادق في كتابه(حكايات
نفسية)العلاج يستلزم دراسة كاملة
لطفولة المريض والمواقف والصدمات
التي تعرض لها...وهناك نوع من العلاج
يسمى(العلاج السلوكي) ومعناه إعادة
تدريب وتعليم المريض أنماطاً جديدة
من السلوك لكي يكون قادراً على
مواجهة المشاكل دون خوف...ويتم ذلك عن
طريق تعريضه تدريجياً أو بشكل مفاجئ
للموقف الذي يثير مخاوفه).
وهكذا يتضح أن (الفوبيا) مرض نفسي ، و
بالتالي يجب أولاً التفريق بينها
وبين الخوف العادي وبعدها يأتي دور
التحليل لمعرفة مسببات نشأتها
والتخلص منها،و إن كنت تعاني من شيء
كهذا فلا تتردد في زيارة الطبيب
النفسي و لا تعتقد أن ذلك ترف لا يقوم
به إلا من أوتي سعة من الرزق .
فالأمراض النفسية كالأمراض العضوية
تحتاج إلى فحص و علاج ، و هذا ما لا
يختلف حوله اثنان.
إعداد الأستاذة / نشوى السيد