وراء كل أمة
عظيمة تربية عظيمة ...ووراء كل
تربية عظيمة معلم متميز |
المعلم مجلة تربوية ثقافية جامعة |
على الرغم من اهتمام
التربية الحديثة بجوانب النمو
الوجداني والمهاري إلى جانب
النمو العقلي المعرفي ، إلا أن
المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات
أهمية خاصة للمعلم ولعمله في
المدرسة. |
التواصل
من طبيعة المعارف
الإنسانية أن لها مفاهيمها
ومصطلحاتها وأسسها ومبادئها الخاصة
بها ، فهناك المفاهيم العلمية ،
والمصطلحات الطبية ، والأسس
الاقتصادية ، والمبادئ السياسية ، …
وهذه العناصر تعرف بمكونات البناء
المعرفي أو محتواه .
ويعتبر علم الإدارة واحدا من مجالات
المعرفة الإنسانية الغنية بالمفاهيم
، وقد ازداد الطلب على هذا العلم
بدرجة لم يسبق لها مثيل في التاريخ
الإنساني لما حققه هذا العلم من
انجازات وانتصارات على مستوى
الأفراد والدول والمؤسسات ، لدرجة
أنه بات يقال : " أن أزمة
الدول المتخلفة هي أزمة
إدارية " .
ويقول ابن خلدون في
مقدمته : " أن الاجتماع
الإنساني ضروري " بمعنى أن
حياة الإنسان لا تستقيم إلا بتعاونه
مع أبناء جنسه ؛ لتوفير الغذاء
والملبس والمأوي ، ولدفع الأعداء من
وحوش كاسرة ، وطيور جارحة ، ومن هنا
تتجلى أهمية التواصل بين الأفراد في
المجتمع سواء أكانوا تابعين أو
متبوعين ، رؤساء أو مرؤوسين ، وذلك من
أجل حفظ النوع وتأمين البقاء ..
إن التواصل في
اللغة مأخوذ من الصلة ، كالتي
جاء ذكرها في شكوى صحابي لرسول الله
صلى الله عليه وسلم : "يا رسول
الله : إن لي قرابة ؛ أصلهم ويقطعونني
، …" والتواصل إصطلاحا
هو تبادل الرسائل المنطوقة أو
المكتوبة أو المرمَّزة (بالشيفرة أو
بالإشارة ) ، بحيث تتضمن هذه الرسائل
الحقائق والأفكار والمشاعر .
إن فعالية المسئول في
أي مستوى ، إنما يتوقف على قدرته على
التواصل مع من هم تحت إمرته أو في
نطاق مسئوليته ، إذ يتوقف على هذا
التواصل كم الإنتاج ونوعه في
المؤسسات ، وتحقيق الرضي الوظيفي
للعاملين ، وزياد التحصيل للمتعلمين
، …
وفي العرف الإداري
هناك فرق بين الاتصال و التواصل ،
فالاتصال يعني توجيه رسالة من طرف
لآخر دون تلقي أي رد عليها ، كما هو
الحال في المحاضرات التي لا يشارك
فيها أحد من المستمعين ، أو خطب
الأئمة للمصلين ، أو خطب الرؤساء
للجماهير ، بينما التواصل يعني
الرد على المحاضرين والأئمة
والرؤساء .
والاتصال إما أن يكون كاملا ، إذا فهم المستمع الرسالة فهما تاما ورد عليها ردا علميا ، منطقيا ، مقنعا ، وقد يكون الاتصال جزئيا إذا كان الفهم ناقصا ، وكان الرد ليس شافيا أوتضمن دعوة للإعادة ، أو احتمل التأويل ، ويمكننا ملاحظة هذين النوعين من التواصل في المواقف الحياتية المختلفة ؛ كالمواقف الصفية ، وفي لجان مقابلات الموظفين ، وفي مكاتب الاستشارات الهندسية والقضائية والفنية ، …
وفي هذا المقال سوف
نجيب عن التساؤلات التالية : لماذا
يتواصل المتواصلون ؟ بماذا يتواصلون
؟ وما المعوقات التي تعترضهم ؟ كيف
نحقق التواصل الأمثل ؟
ثانيا : بماذا
يتواصل المتواصلون ؟
o محادثة فرد لفرد بصورة غير مخططة ؛ كسائح في المنطقة يبحث عن عنوان ، هنا يتوجب أن نتواصل معه بما يعكس أخلاقنا وقيمنا النبيلة .
o محادثة فرد
لفرد بصورة مخططة ؛ كاستدعاء
المدير لموظف جديد ، هنا يتوجب أن
يتركز التواصل معه حول طبيعة العمل ،
وعن استعداداته ، وحاجاته ، والإجابة
عن تساؤلاته واستفسارته .
o محادثة فرد
لجماعة بصورة غير مخططة ؛
كمجموعة من أولياء الأمور جاؤوا
ليسألوا عن مستويات أبنائهم
التحصيلية ، هنا يتوجب استقبالهم
كضيوف ، وتعريفهم بدور المدرسة في
خدمة أبنائهم ، وتوثيق العلاقة بهم
لدعم المدرسة من خلال العناية المثلى
بأبنائهم ، ثم العمل على رفع
معنوياتهم بحيث يعودوا متفائلين
واثقين من أن أبناءهم في أيد أمينة …
o محادثة فرد
لجماعة بصورة مخططة ؛ كاجتماع
مدير المدرسة بالهيئة التدريسية ،
وهنا يجب أن يحترم المدير المعلمين
بحيث يقدم لهم المعلومات أو
التعليمات ، ويتلقى منهم الرد
والملاحظات بما يعكس احترامه
لقدراتهم ، وتقديره لأوقاتهم ،
وتطلعاتهم .
o المحادثة
بالهاتف ؛ هذا النوع من
التواصل – كبقية الأنواع الأخرى - له
آدابه ؛ كطلب الإذن في طرح الموضوع ،
والاعتذار على المفاجأة ، وأن تدع
الطرف الآخر يتحكم في زمن المحادثة
إذا كنت أنت الذي بدأ بها ، والافتتاح
بالتحية والاختتام بالتحية ، …
وضع مقترحات
في صندوق الاقتراحات .
وضع ملاحظات على لوحة الإعلانات .
إرسال رسائل أو تقارير .
كتابة مقالات في مجلة أو صحيفة .
المهم في هذا الأسلوب
من التواصل أن يحرص الفرد على اعتماد
مجموعة من المعايير ليزيد من فاعلية
التواصل الذي يكون طرفا فيه :
- أن تختار الكلمات
بعناية .
- أن تساعد الرسالة في طرح الموضوع
أو توضيحه بشكل دقيق وموضوعي .
- أن تكون موجهة للجهة المعنية بها
في الوقت المحدد .
- أن تعبر عن المشاعر والأفكار
بدون تأثير من طرف ثالث .
o في هذه الحالة يجب
الالتفات إلى نغمة الصوت
فهي تمثل تعبيرا محمولا بالكلمات ،
وذلك لتمييز القول المعبر عن الحرص
والاهتمام من القول المعبر عن
الاستهتار واللامبالاة ، أو
الازدراء والاحتقار ، ومثال على ذلك
المدير الذي يرفض منح الموظف إجازة
طارئة ، فيقول الموظف له : حاضر ،
إن هذه الكلمة يمكن أن تحمل أي معنى
من المعاني المذكورة أعلاه .
o وكذلك يلزم
الالتفات إلى الصمت الذي
يتخلل عملية التواصل ، ومثال على ذلك
المدير الذي يسأل المعلمين عن أحد
جرحى الانتفاضة من الطلاب في مدرسته :
فيصمت المعلمون ، فيضطر أن يسأل : ألا
يزال على قيد الحياة ؟
ثالثا : ما
المعوقات التي تعترض المتواصلين ؟
- عدم وضوح
الرسالة ؛ غموض الأفكار ، استخدام
كلمات جوفاء أو كلمات رنانة.
- التقديم غير
المناسب للرسالة ؛ وسيط غير مناسب ،
قنوات غير قانونية ، …
- القدرة
المحدودة للمستقبل ؛ لغة المرسل فوق
مستوى لغة المستقبل …
- اختلاف الأطر
المرجعية للمتواصلين ؛ الاختلاف في
تفسير المصطلحات والقيم.
- اختلاف وجهات النظر
(مع الاتفاق في الإطار المرجعي) ؛
كاتخاذ مواقف متباينة من قضية جديدة
مطروحة أمام أعضاء تنظيم معين ،
فهناك المؤيد ، وهناك المعارض ،
وهناك الواقف بين بين … " كل حزب
بما لديهم فرحون "
- التمويه / والزيف ؛
هناك من يجد أن من مصلحته أن يخفي ما
يجيش في صدره من مشاعر أو أفكار مما
يجعل نتيجة التواصل محفوفة بالمخاطر
.
بقلم / محمد أحمد
مقبل
رئيس مركز التطوير التربوي
الوكالة - غزة