Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

  وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ...ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز
محمد الأحمد الرشيد

المعلم

مجلة تربوية ثقافية جامعة

  على الرغم من اهتمام التربية الحديثة بجوانب النمو الوجداني والمهاري إلى جانب النمو العقلي المعرفي ، إلا أن المعرفة لاتزال -وسوف تظل - ذات أهمية خاصة للمعلم ولعمله في المدرسة.
دليل المعلم

 

التعلم الوجداني كمحتوى

إن البعد الوجداني أو العاطفي من المحتوى الذي يدرس في المدارس يتألف من القيم والمشاعر والحساسيات إنه يضم مفاهيم مثل الصواب والخطأ والجمال والخير والأولويات ومهارات مثل الاختيار بين البدائل، ولهذا البعد جوانبه المعرفية ويتضمن أحياناً ويتطلب مهارات، ويختلف عن البعدين الآخرين للتعلم بسبب صبغته الانفعالية وملامحه التقويممية.

إن التعلم الوجداني جزء من المحتوى لأن المدارس يتوقع منها أن تعلم التلاميذ أن يعملوا الشيء الصائب، أو أن يسلكوا سلوكاً صحيحاً وفقاً لمعايير المجتمع الذي يعيشون فيه. ولكي يفعلوا ذلك بفاعليته، ينبغي أن يدرس التلاميذ ما يأتي :

1ـ قيم ثقافتهم وثقافات الآخرين ، وكذلك نسقهم القيمي الشخصي.

2ـ مشاعر الآخرين ومشاعره.

3ـ إحساسات الآخرين، وما المقصود بأن يكون حساساً.

والقيم هي تلك الجوانب من الحياة التى يعتبرها الناس جديرة بالتقدير ،إنها معايير يتبناها الناس ويحافظون عليها ويحاولون أن يرقوا في عيشهم لمستواها ويلتزموا بها. وهي تنبثق من طبيعة المجتمعات والثقافات، وتنتقل إلى الأجيال الأحدث من خلال عملية التنشئة الاجتماعية. وهي تفيد كموجهات عامة للسلوك ومن القيم التي يحرص عليها مجتمعنا:

الكرامة الإنسانية

الأمانة

المساواة

التسامح

الحرية

حرية التعبير

الاجتهاد في العمل

الإنجاز

النجاح

الاعتماد المتبادل

موافقة المحكومين

مسايرة الآخر

الالتزام بالقانون

العدالة

الحق

ولما كانت هذه القيم مقبولة في مجتمعنا على نطاق واسع، فهناك قدر معقول من الاتفاق على دور المدارس في تدريسها. ولكن يبدو أن هناك قيماً موضع جدل لأنها كثيراً ماتبدو متصارعة الواحدة مع الأخرى أو مع المعايير الثقافية العامة والتقاليد. وحين يحدث هذا فإن دور المدارس في تعليمها كثيراً ما يكون موضع تساؤل وتشكك. فمن المتوقع أن تدرس المدارس هذه المثل العليا التي تبدو متضاربة:

التعاون ـ التنافس

الإخلاص للأصدقاء ، إبلاغ الأفعال الخاطئة للآخرين .

النجاح الشخصي مقابل رعاية صالح الآخرين ومشاعرهم.

مسايرة المعايير الاجتماعية ـ الابتكار والتفرد والاستقلال الذاتي.

الإخلاص للمعتقدات الدينية ـ والتسامح مع معتقدات الآخرين.

الحرية في التعبير السياسي ـ الوطنية والإخلاص.

القومية ـ التعاون السلمي بين الأمم .

عدم العنف ـ الدفاع عما يعتقده الفرد.

تقدير التنوع ـ رفض السلوك المنحرف.

والمشاعر هي إحساسات داخلية أخلاقية وانفعالية يخبرها الناس وهم يستجيبون ويتجاوبون مع الآخرين ومع الأحداث والظروف . ويكتسب الناس مشاعر من تفاعلهم مع بيئاتهم الاجتماعية والثقافية. وهي عادة ما تكون تعبيرات عن القيم التي يتمسك بها الأفراد والاحساسات التي يمتلكونها . ولما كانت المشاعر داخلية وفردية، فنحن نتعلمها بطرق مختلفة عن تعلمنا للمعرفة . فنحن نكشفها، ونولدها وننميها ونمدها وأحياناً نكتبها في خبراتنا الحياتية. ومن المشاعر العامة والمشتركة ما يأتي :

الفرح الألم الاشمئزاز الحزن
والخوف الانتماء الاغتراب القلق
والوحدة أو الشعور التقبل خيبة الأمل الإعجاب

والحساسية هي القدرة على الاستجابة للآخرين وللمواقف بطريقة إنسانية مستبصرةمتعاطفة ومشاركة وجدانياً. إنها تتضمن وتتطلب القدرة على رؤيةكما يرون أنفسهم، ووضع نفسك في موضع الاخر، والتواصل الآخرين والاتصالإيجابياً عبر القيود والعوائق الشخصية والثقافية. إنها خاصية تعارضالتعصب والتحيز ونبذ القيم والأنماط السلوكية لمجرد أنها مختلفة لدىالفرد. إن الحساسين من الناس يفهمون القيم والمشاعر وطموحات الآخرين وقادرين على التعاطف معهم.

تدريس القيم والمشاعر والحساسيات :

إن المجال الوجداني جزء من المحتوى الذي يدرس في المدارس لأن ما يحتاج التلاميذ تعلمه في هذا المجال هام جداً بحيث لا يجوز أن يترك للصدفة. ويحتاج الطلاب إلى المساعدة ليفهموا الجوانب الانفعالية والتقويمية من حياتهم، وليتقبلوا ويمدوا ويعدلوا معتقداتهم ومشاعرهم ، وليكونوا قادرين على اتخاذ قرارات جيدة. وتدرس المدارس مثل هذه الجوانب بتوفير معلومات وخبرات تشجع على تنمية القيم والحساسيات والمشاعر ، وكذلك تشجع على تحقيق الاختيارات المناسبة من بينها وهي حين تفعل هذا تساعد التلاميذ على تحليل قيمهم وتنميتها وعلى فحص مشاعرهم وتقبلها، وعلى تنمية وتعميق حساسيتهم وعلى ممارسة اتخاذ القرارات.

وحين يهتم الجمهور بتدريس القيم والجوانب الأخرى من المجال العاطفي ، فإن اهتمامهم يكون دائماً ليس على ما إذا كان ينبغي على المدارس أن تدرس القيم وإنما على أي القيم هي التي ينبغي أن تدرسها. وحين يتفق معظم المجتمع أو المجتمع المحلي على قيمة، فإن من المتوقع أن ندرسها وأن نتبناها أو ننبذها، وعلى سبيل المثال فإن من المتوقع أن تدعم المدارس قيم العدل والمساواة، والأمانة ، وأن تعارض الجريمة والتمييز الجنسي أو النوعي والغش. وإذا كانت قيمة معينة أقل تقبلاً أو نبذا في مجتمع محلي، فيتوقع من المدارس أن تدرسها دون أن تتبناها أو ترفضها. فقد تدرس المدارس مواقف أو توجهات الأحزاب السياسية المختلفة دون أن تتبنى أيا منها. أو تدرس المواقف الجدلية التي نمت وتطورت نتيجة تقاليد ثقافية، مثل مدى صرامة والوالدين أو تسامحهما في تنشئة الطفل. وحين ينقسم المجتمع في تنشئة الطفل. وحين ينقسم المجتمع المحلي حول قيم معينة، فإن المدارس تتجنب عادة الموضوع.

والمدارس مسئولة مسئولية كبيرة عن التعلم الوجداني . فلقد أنشئت المدارس عبر التاريخ وفي الثقافات والمجتمعات المختلفة كمؤسسات للتطبيع الاجتماعي، لكي تنقل إلى الأجيال الصغيرة القيم الثقافية ولكي تغرس فيها الالتزام بهذا القيم. وبالإضافة إلى تدريس التلاميذ المعرفة والمهارات فإنها تستهدف تدريسهم التوقعات الثقافية.

والمدارس بطبيعة الحال ليست المؤسسة الوحيدة التي توفر التعلم الوجداني ، ذلك أن الأسر ودور العبادة وجماعات الأتراب والأجيال الأكبر سناً والتقاليد والطقوس ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة كلها تشارك في التعلم العاطفي .غير أنه في البيئة المتغيرة على نحو سريع في العصر الحديث ومع تعقد هذه البيئة، تغيرت كثير من هذه المؤسسات، وأصبحت أدوارها الاجتماعية أقل وضوحاً عما كانت عليه في الماضي. وبالمثل فإن بعض هذه المؤسسات كالتليفزيون ازدادت قوته عما كان عليه في الماضي. واستجابة لهذه التغيرات اتجهت المجتمعات وركزت بدرجة أكبر على نحو مباشر على المدارس.

والمدارس التي توفر أكثر أنواع التعليم فاعلية في مجال القيم والمشاعر والحساسيات تخطط على نحو دقيق ومعتنى به لذلك، وتتبع أنماطاً معينة، وهي تدرك أن أساليب الوعظ والغرس العقيدي لها قيمة محدودة في المواقف المدرسية وكثيرا ما لا تكون منتجة. وكثيراً ما تدرس هذه المدارس عن طريق المثال، ودراسات الحالة، والتوقعات التى يحددونها لتلاميذهم. وهي حين تعمل هذا، تضع تلاميذها في مواقف يخبرون فيها ويشاهدون شروطاً وظروفاً ذات صبغة قيمية وانفعالية في المحتوى وفي الاستجابة. وهي حين ترتب خبرات للتلاميذ تتطلب منهم أن:

وعلى الرغم من التخطيط المعتنى به، فإن التعليم في معظم الموضوعات والمواد الدراسية وفي معظم السنوات أو الصفوف الدراسية لا ينظم حول الأهداف الوجدانية أو العاطفية أساساً. إن مخططي المنهج التعليمي والمدرسين يخططون دروسهم على أساس المعرفة .. المفاهيم والتعميمات، ثم يضيفون إلى هذا التعلم الوجداني الذي يعتقدون أنه ينبغي أن يحدث في هذا السياق . وعلى سبيل المثال مدرسوا التاريخ يقررون أن يدرسوا حدثاً تاريخياً ماضياً أساساً ليحصل التلاميذ معرفة عنه، ثم يحددون كيف يمكن لهم أن يدرسوا القيم والمشاعر والحساسيات في نفس العملية. وبالمثل كثير من مدرسي الفنون اللغوية يدرسون عملاً أدبياً معيناً لأنهم يريدون لتلاميذهم أن يعرفوا العمل وكاتبه قبل أن يلتفتوا إلى الدروس القيمية في هذا العمل. ولسوء الحظ فإن وضع قرارات التعليم الوجداني في المرتبة الثانية في تخطيط الدروس قد أدى ببعض المربين إلى الاعتقاد بأنها تجيء في المرتبة الثانية من حيث الأهمية. والحقيقة أنها ليست كذلك.

ويستخدم المدرسون استراتيجيات تدريس كثيرة لتدريس الأبعاد الوجدانية للمادة الدراسية. وبعضها أكثر ملائمة لمستويات صفية معينة ، وموضوعات أو مواد دراسية بعينها، ولأساليب تدريس عن ملائمتها لأخرى. وسنذكر فيما يلي مثالين : الأول يساعد التلاميذ على فحص المشاعر، والثاني يساعدهم على تحليل القيم. وحين يستخدم المدرسون أياً من هذين الأسلوبين، فإنهم يدرسون ثلاثة أنواع من التعلم :

1ـ معرفة عن المشاعر والقيم.

2ـ مهارات تحليلية يستطيع التلاميذ استخدامها لدراسة مشاعرهم وقيمهم ومشاعر الآخرين وقيمهم.

3ـ الصبغات الانفعالية والتقويمية للمشاعر والقيم .

وهاتان الاستراتيجيتان تستندان إلى عمل " نابا " في تطوير المناهج مع أعوانها في مركز تطوير المناهج، وهما تعرضان هنا كمثالين لأنهما قد استخدمتا لفترة طويلة أي أنهما اختبرتا عبر فترات زمنية طويلة في حجرات دراسية فعلية، ويمكن استخدامهما في العديد من المواد الدراسية والموضوعات، والمستويات الصفية ، وهما تلائمان التعليم في أي وقت يمس موضوع الدرس المشاعر والقيم وتعملان عملهما مع أي تلاميذ يستطيعون أن يناقشوا الأفكار في موقف مناقشة جماعية.

مثال : فحص المشاعر

يعرض المدرسون على التلاميذ قطعة تصف أناساً في موقف يتضمن ويتطلب مشاعر لها مغزاها. والمواقف المثالية يمكن أن توصف وتحكي للتلاميذ ، ويمكن أن يقرأوها أو يشاهدونها على شرائط فيديو

موضوع الدرس الموقف

درس مواد اجتماعية للصف الثاني الابتدائي

عن الجيرة

عن الجيرة ( الحي ) .

درس علوم عن التلوث.

درس بالمدرسة الثانوية في التاريخ عن الحرب.

طفل جديد يصل إلى حينا ولا يعرف أحداً.

امرأة عجوز وسط الزحام في حديقة حيوان تتزلج وتقع بسبب مراهق رمى قشرة موز.

قصة مأزق أسرة بعد أن قتل ابن لها في معركة، وتصبح الأم (أو جميع أعضاء الأسرة )

ثم يدير المدرس مناقشة باتباع الخطوات الآتية :

أسئلة المدرس استجابات التلميذ

1ـ ماذا حدث في هذه الواقعة أوالقطعة ؟

ماذا فعل (س) 000000000 ؟

2ـ كيف شعر ( الشخص ) في اعتقادك حين ……….

يعدد الحقائق من الواقعة أو من القطعة

يستنبط المشاعر.

يكرر المدرس السؤال الثاني بالنسبة لكل شخصية رئيسية في الواقعة

3ـ هل تعرف موقفاً حدث في شيء مثل هذا لشخص تعرفه ؟

هل تحب أن تحدثنا عنه ؟

4ـ كيف شعر الشخص في اعتقادك حين …

يصف موقفاً مشابهاً

مشاعر داخلية

يكرر المدرس السؤال (4) بالنسبة لكل شخصية مفتاحية يحكي عنها التلميذ في الوقعة .

5ـ على أساس مناقشتك كلها ماذا تستطيع أن تقول عن كيف شعر الناس حين ….. ؟ عمم عن المشاعر

ويتابع المدرس استجابات التلميذ أثناء المناقشة بأن يطرح السؤال " لماذا تعتقد أن … شعر بهذا الشعور أوعلى هذا النحو ؟

مثال توضيحي تحليل القيم

يعرض المدرس على تلاميذ الفصل قطعة تصف شخصاً أو مجموعة من الأشخاص في موقف يتطلب اختياراً أو قراراً له صبغة قيمية . مواقف مثل تلك التي تلي يمكن أن تحكي للتلاميذ، أو يستطيع التلاميذ قراءتها أو مشاهدتها على شريط فيديو.

موضوع الدرس الموقف

درس في القراءة للصف الثالث الابتدائي عن أطفال يسرقون الحلوى من الدكان.

درس في بيولوجيا الإنسان بالمدرسة الثانوية.

يسأل أحد الأطفال عما إذا كان يعرف الطفل الذي سرق الحلوى، وينبغي أن يقرر كيف يستجيب.

طالب رياضي بالمدرسة الثانوية يتدرب لمباراة كرة القدم التالية ، وهي المباراة النهائية ويخشى أنه ليس بالقوة والاستعداد الكافي ويريد أن يستخدم حبوباً مقوية ممنوعة. ويجادله صديقه ضد هذا .

ثم يدير المدرس مناقشة ، باستخدام الخطوات المتتابعة الآتية :

1ـ ماذا حدث في الواقعة أو القطعة ؟

2ـ لماذا تعتقد أن الشخص عمل هذا أو قرر هذا؟

3ـ إذا كان هذا هو السبب الذي دفع الشخص إلى عمل هذا، ما الذي يعتقد أنه هام ؟

4ـ إذا كنت في هذا الموقف ، ماذا كنت ستفعل.

5ـ هل تحب أن تخبرنا عنه ؟ ماذا عمل …..؟

6ـ لماذا تعتقد أن الشخص عمل هذا أو اتخذ هذا القرار ؟

7ـ إذا كان هذا هو السبب في هذا العمل أو القرار، ما الذي يعتبره هاماً فيما تعتقد؟

8 ـ على أساس مناقشتنا كلها، ما الذي تستطيع قوله عما يعتقد الناس بأهميته؟

عدد الحقائق الواردة في القطعة .

يستنبط أسباب الأفعال أو القرارات.

يستنبط القيم وراء السبب.

يتنبأ بسلوكه.

صف موقفاً مشابها.

يستنبط أسباب الأفعال.

يستنبط فيما وراء الأفعال.

يعمم عن القيم .

 يتابع المدرسة استجابات التلميذ أثناء المناقشة بأن يسأل .. لماذا تفكر على هذا النحو؟

خالص تمنياتى بدوام الفائدة .

 

دكتور /صلاح عبد السميع عبد الرازق

كلية التربية ـ جامعة حلوان

 

الصفحة الرئيسة

إرسال مقال