لا تهاجر ،
كل ما حولك غادر ،
لا تدع نفسك تدري بنواياك الدفينة ،
وعلى نفسك من نفسك حاذر ،
هذه الصحراء ماعادت أمينة ،
هذه الصحراء في صحرائها الكبرى سجينة ،
حولها ألف سفينة ،
وعلى أنفاسها مليون طائر ،
ترصد الجهر وما يخفى بأعماق الضمائر ،
وعلى باب المدينة ،
وقفت خمسون قينة ،
حسبما تقضي الأوامر ،
تضرب الدف وتشدو: " أنت مجنون وساحر" ،
لا تهاجر ،
أين تمضي ؟
رقم الناقة معروف ، وأوصافك في كل المخافر ،
وكلاب الريح تجري ولدى الرمل أوامر ،
أن يماشيك لكي يرفع بصمات الحوافر ،
خفف الوطء قليلا ، فأديم الأرض من هذي العساكر،
لا تهاجر ،
اخف إيمانك ، فالإيمان ــ أستغفرهم ــ إحدى الكبائر،
لا تقل إنك ذاكر ،
لا تقل إنك شاعر ،
تب فإن الشعر فحشاء وجرح للمشاعر ،
أنت أمي، فلا تقرأ، ولا تكتب ولا تحمل يراعا أو دفاتر،
سوف يلقونك في الحبس، ولن يطبع آياتك ناشر ،
إمض إن شئت وحيدا، لا تسل أين الرجال،
كل أصحابك رهن الإعتقال ،
فالذي نام بمأواك أجير متآمر ،
ورفيق الدرب جاسوس عميل للدوائر ،
وابن من نامت على جمر الرمال في سبيل الله: كافر ،
ندموا من غير ضغط ،
وأقروا بالضلال ،
رفعت أسماؤهم فوق المحاضر ،
وهوت أجسادهم تحت الحبال؛
إمض إن شئت وحيدا ، أنت مقتول على أية حال،
سترى غارا ، فلا تمش أمامه ،
ذلك الغار كمين ، يختفي حين تفوت ،
وترى لغما على شكل حمامة ،
وترى آلة تسجيل على هيئة بيت العنكبوت ،
تلقط الكلمة حتى في السكوت ،
ابتعد عنه ولا تدخل وإلا ستموت ،
قبل أن يلقي عليك القبض فرسان العشائر ،
أنت مطلوب على كل المحاور ،
لا تهاجر ،
اركب الناقة واشحن ألف طن ،
قف كما أنت ورتل آية النسف(1) على رأس الوثن،
إنهم قد جنحوا للسلم فاجنح للذخائر ،
.ليعود الوطن المنفي منصورا إلى أرض الوطن
آية النسف : "وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا، لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما." قرآن كريم