Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

تاجر المدينة

حمل التاجر ملاءته المقصبه وتراقص في سماء الخيلاء ، ورسم لوحةً مخملية اللون في سوق التجار ووضع نفسه في مقعدٍ يحوي أول الصفوف وكتب في نفسه قصائد المديح الزائفة الكلمات . والتي تعبر عن زيف بضاعته وعدم المصداقية ،فإذا به يغدر بهذا , ويخدع ذاك , ويضحك على ذلك , ويبتسم لتلك ولكنه في واقعة وعلى هيئته في جسمه النحيل ومنظره الكئيب يضرب أسفاً على الفاني وندماً على غيره أبناء جيله ممن علت بهم الدرجات وسمت بهم الغايات وعلت بهم الدرجات وجلت لهم الأماني وسرعان ما يستقبل نهاراً في بداية يوم جديد ، يذهب إلى دكانه ليطرح أمام عينيه المليئتين بلجامٍ من الخدع والغش التجاري والدنو الأخلاقي ويزعم أمام أصدقاءه ومن حوله حتى أهل منزله أنه ذلك رجل الأعمال الناجح الذي لا يبرح أن يستقر في بلدٍ حتى يرتفع صوت رنين الهاتف طالباً إياه في بلدٍ آخر ، وهو يسافر لكي ينعم أعينه المتحرقة بملذات الدنيا ونزواتها ويعود إلى موطنه مستقبلاً بحفاوةٍ كما ودع تماماً ولكنه لا يقابل بها دائماً لأن الله لا يكسب محبة الناس إلا لمن أحبه وكيف يكسب هذا محبة الله بعمله ودناءة أخلاقه فإذا به يدخل غرفته من جديد ويرضخ في فراشٍ حريري تتطاير منه ريش النعام خوفاً من تلك الجثة الهامدة والتي أصابت أرجل السرير باعوجاج من شدة هول مطرحها عليه ويصحو في الصباح ليطمئن على بضاعته ويفاجأ بحريقٍ قد أصاب دكانه أناء الليل وإذا به غضب الرحمن يتصاعد من ذلك الحريق قائلاً هذا ما جنت يداك فالحرام لا يدوم ، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة فهو اغتصبَ أموال الناس وسرق عرضهم وذلك دون حولٍ لهم ولا قوة . وكذلك يفعل به فهذا العدل الإلهي فإذا به تعب السنين وسفر الشهور و سهر الليالي والأيام يتطاير في لحظات يتصاعد منه الدخان ويدخل في صدر ذاك التاجر المخدوع بحب الدنيا و رغبة في المال ونزعة إلى الشهوات ، ليعلمه أن قد أزفر آخر أنفاسه وسط ذهول الجميع بعد توقفهم عن محاولة إطفاء الحريق دون جدوى نافعة ووقفوا مذهولين لهول الموقف فما بال هذا التاجر يسقط أرضاً وقد وصلت إليه أيدي المساعدة ، وعلى الرغم من عدم جدوى تلك المساعدة إذا به يضع يده على قلبه ، وخرج القلب يلفظ آخر دقاته خرج مسرعاً من جسده يقول الحمد لله الذي أحياني بعد أن أماتني فقد كنت في سباتٍ عميق أرصد هذا التاجر وهو يخدع ذاك ويغوي تلك ويسرق مال هذا وتحررت من قيده ولن يفر القلب وحده تاركاً الروح بعد انفصالهما سنيناً طوالاً لأبل يصحبها معه فهما على صداقة أزليه لم يفرق بينهما إلا هذا التاجر المخادع ويمسكان القلب والروح بيد بعضهما ويفران وسط تصفيق الجميع .

وفجأة بعد موت ذلك التاجر تكف النار عن صب لجام غضبها في بقايا حطام الدكان وتفر هاربة .
وسط نهارٍ أشرق بعودة الخير من جديد ويحل نهاراً مشبعاً بسماء صافية متداخلة معها غيوم قليلة تحمل كسفاً من الخير تلقي قطراتها على أرض المدينة لتنشر السعادة من جديد .

 

الرئيسة

أدبيات

مقالات