فاطمة بنت عبد الملك
اسمها ونسبها:
هي فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، وأخت الخلفاء الأمويين: الوليد وسليمان وهشام أبناء عبدالملك. وزوج عمر بن
عبد العزيز الخليفة الصالح والذي جعله المؤرخون خامس الخلفاء الراشدين، وفيها قال
الشاعر :
ولا يعرف امرأةٌ بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها، رحمها الله [1]. يقول المؤرخون: لا نعرف
امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها.. كانت من أحسن النساء، النسيبة، الحسيبة،
بنت الخليفة، ربيبة القصور، كانت ذا عقل كبير، وتدين عظيم.
صفاتها :
وروى عنها المغيرة بن حكيم الصنعاني اليماني، وعطاء بن أبي رباح، وأبو
عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، ومزاحم مولى عمر. وكانت دارها بدمشق دار الضيافة
التي أصبحت مأوى للعميان في العقبة خارج الفراديس.[3]
أورد صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني روايات لا يمكن
أن تصدق على امرأة حرة مسلمة عادية ، فكيف بها أن تصدق على فاطمة بنت عبد الملك وزوج
الخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز ، ولا أورد الحكاية هنا إلا لكي تنتبه
المرأة المسلمة من الوقوع في مزالق المؤرخين ، وخاصة ما ورد في كتاب الأغاني عن
بعص الخلفاء والصالحين من انغماسهم بالخمر والمجون والغواني.
" روى عن أبي بكر القرشي أنه قال:
كان عمر بن ابي ربيعة جالسا بمنى في فناء مضربه وغلمانه حوله، إذا أ قبلت
امرأة برزة [4] عليها أثر النعمة، فسلمت، فرد عليها عمر السلام، فقالت
له :أنت عمر بن أبى ربيعة؟ فقال لها: أنا هو، فما حاجتك؟ قالت له: حياك الله وقرّبك،
هل لك في محادثة أحسن الناس وجها، وأتمّهم خلقا، وأكملهم أدبا، وأشرفهم حسبا؟ قال:
ما أحب إليّ ذلك! قالت: على شرط. قال: قولي. قالت: تمكنني من عينيك حتى أشدهما
وأقودك، حتى إذا توسّطت الموضع الذي أريد حللت الشّدّ، ثم أفعل بك عند إخراجك حتى
أنتهي بك إلى مضربك. قال: شأنك، ففعلت ذلك به. قال عمر: فلمّا انتهت بي إلى المضرب
الذي أرادت كشفت عن وجهي، فإذا أنا بامرأة على كرسي لم أرى مثلها قطّ جمالا
وكمالا، فسلّمت وجلست.
فقالت: أأنت عمر بن ربيعة؟
قلت:أنا عمر.
قالت: أنت الفاضح للحرائر[5]؟
قلت: وما ذاك جعلني الله
فداءك؟
قالت: ألست القائل:
فخرجت خوف يمينها فتبسمت
فعلمت أن يمينها لم تحرج[6]
فـتناولت رأسي لتعرف مسّه
بمخضب الأطراف غير مشنّج
فلثمت فاها آخذا بقرونها
شرب النزيف ببرد ماء احشرج[7]
وذكرت فاطمة التي علقته عرضا فيا لحوادث الدهـــــــر
وفي هذه
القصيدة مما يغني فيه قوله:
وكأن فاها عنــــــد رقدتهـا تجري عليه سلافة الخمر
وروى عن أبي معاذ القرشي قال:
لما قدمت
فاطمة بنت عبدالملك بن مروان مكة جعل عمر بن أبي ربيعة يدور حولها ويقول فيها
الشعر ولا يذكرها باسمها فرقا من عبدالملك بن مروان ومن الحجاج، لأنه كان كتب إليه يتوعدّه إن ذكرها أو عرض باسمها.
فلما قضت حجها وارتحلت أنشأ يقول:
لا أطـــــيق الكلام من شدة الخو ف ودمعي يسيل كلّ مسيل
ذرفــــــت عينها وفاضت دموعي وكلانا يلقي بلبّ أصـــيل
لـــــــــو خلت خلتي أصبت نوالا أو حديثا يشفي من التنويل
ولـــــظل الخــــلخال فوق الحشايا مثل أثناء حية
مقــــــتول
فلقـــد قالت الحــــــبيبة لــولا كثرة
النــاس جدت بالتقبيـــل
كلام فاطمة بنت عبد الملك في زوجها عمر بن
عبدالعزيز:
روى أن محمد بن الليث عن عطا قال: قلت لفاطمة بنت عبد الملك: أخبريني عن
عمر بن عبد العزيز. فقالت: أفعل ولو كان حياً ما فعلت؛ إن عمر – رحمه الله- كان قد
فرغ للمسلمين نفسه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج يومه، دعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله، ثم صلى ركعتين، ثم
أقعى[8]واضعا
رأسه على يديه، تسيل دموعه على خديه، يشهق الشّهقة يكاد ينصدع لها قلبه، أو تخرج
لخلها نفسه، الشيء كان منك ما كان؟ قال: أجل فعليك بشانك، وخلّني و شأني، فقلت:
إني أرجو إن أيقظ، فقال: إذن أخبرك إني نظرت فوجدتني قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها
وأسودها، ثم ذكرت الفقير الجائع، والغريب الضائع، والأسير المقهور، وذا المال
القليل، والعيال الكثير، وأشياء من ذلك، في أقاصي البلاد وأطراف الأرض، فعلمت أن
الله عز ّوجل سائلي عنهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حججي، لا يقبل الله
منّي فيهم معذورة، ولا تقوم لي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حجّة، فرحمت
والله يا فاطمة نفسي رحمة دمعت لها عيني، وجمع لها قلبي، فأنا كلما ازددت ذكراً
ازددت خوفاً فأيقظي أو دعي.
ولما مات عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – عنها، تزوجها داود بن سليمان بن
مروان وكان قبيح الوجه، فقال في ذلك موسى شهوات:
أبعد الأغرّ بن عبد العزيز قريع قريش إذا يذكر
تـزوجت داود مختارة ألا ذلك الخلف الأعور
فكانت إذا سخطت عليه تقول: صدق والله موسى إنك لأنت الخلف الأعور، فيشتمه
داود.
وفاتهـا:
توفيت فاطمة بنت عبد الملك -
يرحمها الله – في خلافة هشام بنت عبد الملك.
المراجع:
أعلام النساء
، عمر رضا كحالة، ج4.
بلاغات النساء لأبي الفضل
أحمد بن أبي طاهر.
الأغاني للأصفهاني ، ج1، ج3
، ج6.
[1] انظر ابن كثير ، البداية و
النهاية، 9/200 .
[2] ابن كثير ، البداية و
النهاية 9/201.
[3] انظر عمر رضا كحالة ، أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام ،
[4] – امرأة
برزة: التي تفوق صاحباتها فضلا وشجاعة.
[5] -
جمع حرة: نقيض
الأمة. ومنه حديث عمر للنساء اللاتي كن يخرجن إلى المسجد.لأردنكن حرائر أي
لألزمنكن البيوت فلا تخرجن إلى المسجد لان الحجاب إنما ضرب على الحرئر دون الإماء.
(اللسان ص 181ج4).
[6] لم تحرج : لم تضيق .
[7] –شبه
الحسي تجتمع فيه المياه. -الجبّانة: الصحراء، التّور: هو من الأواني مذكر. الخلوق: طيب معروف يتخذ منو
الزعفران وغيره من أنواع الطيب.علقتها: أحببتها.
ممكورة: المكر حسن خدالة الساقين.
[8] -تساند إلى
ما وراءه.