Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

أثر اليونان في الرياضيات

أخذ اليونان كثيرا عن المصريين وكانوا على اتصال بالبابليين وقد زادوا على ما أخذوا وأضافوا إضافات هامة تعتبر أساسا لبعض فروع المعرفة. اشتغلوا في الهندسة فلم يتركوا فيها زيادة لمستزيد, فهم الذين أقاموا لها البراهين العقلية والخطوات المنطقية فرتبوا نظرياتها وعملياتها. ولانكون مبالغين إذا قلنا إن العالم مدين لعلماء الإغريق بالهندسة المستوية التي نعرفها الآن. وما الأمم التي أتت بعدهم إلا عالة عليهم في هذا العلم على الرغم من إدخال علماء هذه الأمم مسائل كثيرة ووضعهم أعمالا صعبة وحلولهم عمليات بطرق ملتوية وإيجادهم براهين لمسائل لم يبرهن عليها علماء اليونان، ولسنا بحاجة إلى القول بأن كتاب أقليدس في الهندسة هو أهم الكتب التي وضعت في هذا العلم بل هو المعين الذي استقى منه علماء الغرب والشرق على السواء والنهل الذي لا يزال ينهل منه علماء الهندسة ويرجع إليه الأساتذة والمعلمون. أما محتوياته فقد وضعها أقليدس في أبواب وهي كما يلي: 1- تطابق المثلثات، المتوازيات، نظرية فيثاغورس. 2- بعض المتطابقات والبرهنة عليها هندسيا مثل (أ + ب) 2 = أ 2 + 2أب +  ب2 والمساحات. 3- الدوائر. 4- الأشكال المرسومة داخل الدائرة أو خارجها. 5- التناسب هندسيا، وقد بحث هذا الباب كيفية حل المعادلات الكسرية هندسيا. 6- تشابه المضلعات. 7، 8، 9- الحساب ونظريات الأعداد القديمة. 10- الكيمياء التي ليس لها مقياس مشترك. 11، 12، 13- الهندسة المجسمة. وفوق ذلك رغب علماء الأغريق في معرفة منحنيات غير الدائرة تتكون من تقاطع المخروط الدائري بمستو فدفعتهم الرغبة إلى درس قطوع المخروطات على أنواعها من شكل أهليجي إلى قطع مكافئ إلى قطع زائد ودرسوا خواصها. ولعل ميناكيموس وأريستوس وأقليدس وأرخميدس وأبولو نيوس أكثر العلماء اهتماما بهذه الموضوعات. وعلى ذكر أبولونيوس نقول أنه حل المسألة المسماة باسم " مسألة أبولونيوس " وهي: كيف ترسم دائرة تمس ثلاث دوائر معلومة. وفي آثار علماء آخرين نجد بحوثا تقرب من نظرية إفناء الفرقtheory of Exhaustion وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد. وينسب إلى نيكوميدس أنه كشف الconchoid  وهو منحنى يمكن بواسطته تقسيم الزاوية الى ثلاثة أقسام متساوية. أما ديوكلس Diocles  فهو أتى بcissoid   وقد استعمل هذا المنحنى في إيجاد الوسطين المتناسبين لمستقيمين معلومين. أما الحساب والجبر فلم يصل علماء الإغريق بهما درجة اهندسة، ويرجح  أن السبب الأول إلى ذلك يرجع إلى عدم وجود نظام للتعدادكالنظام العشري الذي يسهل الأعمال وحل المسائل الرياضية. وصرف فيثاغورث وغيره من العلماء اهتمامهم إلى الأعداد فكانوا ينظرون إليها نظرة تقديس ويرون أن لها خواص وأن لكل منها معنى. ووضعوا نظريات عن الأعداد وخصائصها وقسموها إلى زوجية وفردية وعرفوا شيئا من الأعداد التامة والناقصة والمتحابة وعرفوا كثيرا عن التناسب, ويعتقد أنهم عرفوا التناسب:- أ – ب     =  أ ب –ج         ج وكذلك    أ  :    أ  +  ب     =     2أ ب         : ب . 2 أ + ب وكان بعض  علمائهم يعتقدون أن لكل مسألة أو حقيقة في الحساب ما يقابلها في الهندسة، وأنه يمكن التعبير عنها وحلها هندسيا. لم يكن علم الجبر عند علماء الاغريق علما مستقلا كما هو الآن أو كما كان معروفا عند العرب بل كانوا يعتبرونه جزاءا من الحساب وبحثا من بحوثه. وقد عرفوا شيئا عن بعض المتطابقات في الجبر وبرهنوا عليها هندسيا . منها:- ( أ + ب )2  = أ2 + 2أ ب + ب2 ( أ + ب ) ( أ – ب ) = أ2- ب2 أ ( س+ ص+ع ) = أس + أص + أع ( أ – ب )2 = أ2 – 2أ ب  + ب2 وهناك حلول لبعض المعادلات ذات الدرجة الثانية وجدت في بعض كتب اليونان فقد حل هيبوكراتيس Hippocrates   عمليات أدت إلى حل المعادلة:- س2 + ( 3  )½    أس =   أ2                   2 وحل إقليدس أعمالا تؤول إلى: (1) س ص = ل2 ، س –ص = أ (2) س ص = ل2 ، س+ ص = أ (3) س ص = ل2 ، س2 – ص2 = أ2 وكذلك نجد في كتابه عن الهندسة، أنه حل أعمالا هندسية ت}دي إلى حلول: س2 + أس = أ , س2 + أس = ب2 ثم جاء "هيرون" فنجد أنه حل المعادلات الآتية:- 144 س( 14 –س ) = 6720 ويرجح أنه استعمل حلا تحليليا لإيجاد المجهول، كما استعمله أيضا في حلول معادلات أخرى. ولآن نأتي إلى " ديوفانطس " وكتابه في الحساب فنجد أنه يحتوي على بعض رموز استعملها المؤلف في الجبر، وعلى معادلات من الدرجة الأولى والثانية، وعلى حالة خاصة لمعادلة تكعيبية واحدة، وكذلك على معادلات آنية - في أوضاع خاصة – من الدرجة الثانية ووجد جذورها، ولم يأخذ بالجذور السالبة والصماء، كما أنه لم يجد غير جذر واحد حتى ولو كان للمعادلة جذران موجبان. - ومن المعادلات التي حلها:  84 س2 + س = 7 وذكر أن الجذر هو ¼. - ويمكن القول إن المعادلات التي أتى على نمطها هي:       م س2 + ب س = ج       م س2 = ب س + ج       م س2 + ج = ب س ووضع لكل نوع حلا يختلف قليلا عن حل النوع الآخر. ويعجب كاجورى كيف أن ديوفانطس لم يستطع أن يجد جذري المعادلة حتى ولو كانا موجبين! وتناولت بحوث " ديوفانطس " المعادلات ذات الدرجة الأولى والثانية والمعادلات غير المعينة أو السيالة وكانت بحوثه في الأخيرة مبتكرة ذات قيمة رياضية ، ولقد أتى على المعادلة السيالة الآتية:- أ س2 +ب س + ج = ص2 وأوجد بعض الحلول الخاصة لأمثال هذه المعادلة. ومع أن الموضوعات التي تناولها كتابه هذ1 هامة إلا أن هناك ما يقلل من أهميتها الرياضية فقد كان يستعمل طريقة خاصة لكل مسألة، ولم يأت على حل عام أوطريقة عامة يمكن اتباعها في حل بعض المسائل، كما أنه كان يكتفي بحل واحد بينما نجد أن المعادلات التي عالجها تقبل حلولا عديدة. ونجد أيضا أن ديوفانطس قد أستعمل طرقا لجمع المساحات إلى الأطوال كما كان يفعل البابليون. ومن هنا كما يقول كالربنسكي: " يظهر الاتصال بين حضارة اليونان وحضارة بابل واضحا جليا" . وحل بعض العلماء الأغريق معادلات من الدرجة الثالثة، ولكن من النوع البسيط وقد حل أرخميدس بعض المعادلات بواسطة تقاطع المنحنيات. وأتى ديوفانطس على مسألة أدت إلى المعادلة الآتية:- س2 + س = 4س2 + 4 ولا يخفى أن حل هذه المسألة بسيط جدا باستعمال التحليل. وعلى كل حال فقد عنى اليونان بالجبر واعتبروه جزءا من الحساب، وعلرفوا شيئا عنه ولكن بصورة غير منظمة، وكان يغلب على حلول مسائلهم الحالات الخاصة، وقد اتبعوا في بعضها طرقا تحليلية. لا شك أن دراسة الكرة الأرضية والكواكب والنجوم من العوامل التي ساعدتعلى نمو علم المثلثات وتقدمه، فلم يكن هذا العلم معروفا عند الأمم التي سبقت اليونان. وعلى الرغم من أن " Aristarchus  " الفلكي حاول أن يجد المسافات بين الأرض والشمس والقمر وأن يحسب أقطارها، وعلى الرغم من استعماله نسبا مثلثية في إجراء عملياته، على الرغم من هذا كله فإن العلماء يعتبرون أن علم المثلثات لم يبدأ فعلا إلا من هيبارخوس " Hipparchus "  الذي وضع مؤلفات يتبين منها أنه عرف بعض النسب المثلثية وعلاقات بعضها مع بعض. وكان هو وغيره من الرياضيين يفرضون المثلث مرسوما داخل دائرة عند حله. وقد حل مسألة تستدعي استعمال قانون يشتمل على بعض النسب المثلثية. ويؤكد هيث Heath أن هيبارخوس وبطليموس عرفا المعادلة: جا2 ب + جتا2 ب = 1 أما هيرون؛ فقد برع في حساب المثلثات واستعمل بعض القوانين لإيجاد مساحة المضلعات المنتظمة، وهذا على رأى " سمث " D. E. Smith   يشير –على ما يظهر – إلى بعض النسب المثلثية وأنه يعرف شيئا عن ظتا 180              ن ( ن  - عدد أضلاع المضلع المنتظم ). ولدى الاطلاع على مآثر مينلاوس  Menelaus  تبين أنه درس المثلثات الكروية وكتب عن الأوتار كما برهن على بعض علاقات بين أضلاع المثلث _ المستقيم الأضلاع والكروي – وزواياه. وإلى مينالاوس تنسب النظرية الآتية:- إذا كان في المثلثين الكرويين أبﺣ ، د ﻫ و _ قياس الزاوية  ( أ) = قياس الزاوية ( د) ، و _ قياس الزاوية  (ﻫ ) = قياس الزاوية ( و) حينئذ ينتج أن : وتر ضعف القوس  أب    =  وتر ضعف القوس د ﻫ وتر ضعف القوس بﺣ           وتر ضعف القوس ﻫ و أثر الهنود في الرياضيات: لعل أبرز شيء قام به الهنود في الرياضيات نظامهم العشري في الترقيم، فقد ساروا فيه على أساس القيم الوضعية، وكان هذا من أهم الخدمات التي قدموها للحضارة والعالم. وإلى هذا النظام يعزو العلماء بروزهم في الحساب والجبر وبراعتهم فيهما, كان لديهم أشكال متعددة للأعداد فلما جاء العرب واطلعوا على هذه الأشكال كونوا منها سلسلتين وهما المنتشرتان الآن في أكثر أحاء المعمورة. لقد تقدموا ببحوث الحساب شوطا، وظهر من كتبهم الحسابية طرق عديدة لحل المسائل، واتبعوا في بعضها طريقة الخطأين كما اتبعوا في بعضها الآخر طرقا متنوعة فيها إبتكار وطرافة. وقد كان الدافع إليها التسلية والمتاع العقلي. اشتغلوا في المتتاليات العددية والهندسية، وكشفوا طرقا لبحوث التباديل والتوافيق، وتفننوا في المربعات السحلرية كما تناول اهتمامهم مسائل الخصم والشركات. وعلى الرغم من أن أكثر مسائلهم التي وردت في مؤلفاتهم إنما كانت للتسلية والمتاع العقلي – كما قلنا – إلا أن بعضها عملي، وهي أكثر عملية من المسائل التي أتى بها علماء الأغريق. أما في الجبر ، فقد عرفوا الأعمال الأربعة، فكانوا يضعون لكل مجهول رمزا خاصا به يميزه عن المجهول الآخر. ويعتقد الباحثون أنهم أول من قال بالكميات السالبة وميزوا بينها وبين الموجبة. وحلوا معادلات من الدرجة الثانية، وجمعوا بين المعادلات الثلاث ، وهي بحسب الرموز الحديثة كما يلي : - أ س2 + ب س = ﺣ ، ب س + ﺣ = أ س2 ، أ س2 + ﺣ =ب س وكونوا معادلة عامة واحدة هي : - ل س2 + ع س +  ق  = 0        ولوها بطريقة تقرب من التي نعرفها الآن ، وكان ذلك في القرن السابع للميلاد. ووجد علمائهم – بعد             الخوارزمي الرياضي العربي _ من قال بوجود جذرين للمعادلات ذات الدرجة الثانية فبهاسكارا Bhaskara  -  وهو من الذين ظهروا في القرن الثاني عشر للميلاد – أخذ بالجذر الموجب مع اعترافه بوجود جذرين ، وقال عن الجذر السالب أنه غير موافق. وقد سبقه  " الخوارزمي " في إيجاد الجذرين إذا كانا موجبين، واشتغل الهنود بالمعادلات السيالة أوغير المعينة.  وقد حل أريابهاتا Aryabhata  معادلات من هذا النمط واستعملوا طرقا مبتكرة في حلها ، وكانوا يحاولون إيجاد كل الحلول الممكنة وقد اعتمد على هذه الحلول العلماء العرب في بدء نهضتهم ، كما أعتمد عليها علماء أوروبا في عصر الإحياء. وفي الهندسة عرف الهنود ما يتعلق بإنشاء المربعات والمستطيلات والعلاقات بين الأقطار والأضلاع،  وكذلك نجد أن لهم إلماما بالأشكال المتكافئة. وتدل بعض مآثرهم على أنهم عرفوا نظرية " فيثاغورث" . ومن المسائل التي وردت في مؤلفاتهم إنشاء مربع يساوي مربعين أو الفرق بين مربعين معلومين، وكذلك إنشاء مربع يساوي دائرة معلومة. واستعانوا بكثير من القوانين الهندسية التي وضعها علماء الأغريق أمثال " هيرون " وغيره، وقد استخرجوا على أساس معادلة" هيرون " مساحة الشكل الرباعي المرسوم داخل دائرة ، وأوجدوا قطريه بالنسبة إلى أضلاعه. ووقعوا في أغلاط كثيرة في مساحات الأجسام وحجومها، وكانت أكثرالقوانين التى استعملوها لهذا الغرض غير صحيحة. وأعطوا للنسبة التقريبية قيمة قريبة من القيمة الحقيقية ، فقد أعطى أريابهاتا للنسبة المذكورة قيمة 177  3 ولكنه كان يستعمل لها 3 أو ( 10 ) ½    . واستمر اشتغال الهنود بالعلوم الرياضية إلى ما      1250 بعد ظهور الإسلام بثلاثة قرون . أما في المثلثات فقد صرفوا لها بعض عنايتهم واهتمامهم وذلك لاتصالها بعلم الفلك، وعرفوا شيئا عن بعض قوانينها أتى على خلاصتها العلامة سمث ، وهي كما يلي بحسب الرموز الحديثة. جا 30 °= 1/2  ،  جا 60 °  =( 1 – ( 1/4)) ½ ، جا2 س =   + ( جا 2س ) 2  +   ( أ – جا( 90 -2س )  ) 2 2 2 ووضعوا بعض الجداول التي تتعلق بالجيب. خاتمة: وقبل أن نختم هذا البحث لابد من الأشارة إلى أن بلدانا أخرى اشتغلت بالعلوم الرياضية ، كالصين واليابان والرومان ، وكان لها بعض المآثر لم نر ضرورة لسردها ، إذ ليس فيها ما يستدعي الاهتمام بصفة خاصة. والذي لا شك فيه ، أنه كان بين البلاد المختلفة التى نمت فيها العلوم الرياضية اتصال، وأن كلا منها كان يعتمد على من سبقه، ويحاول إدخال تحسينات على ما أخذ أو اقتبس ، كما كان يسعى للزيادة والابتكار. وفي رأيى أن التطور الذي أصاب العلوم الرياضية ن والذي أدى إلى تقدمها ونمو فروعها الرئيسية من الحساب إلى الهندسة إلى الجبر إلى المثلثات، كان نتيجة لعاملين أحدهما : رئيسي وأولي، وهو رغبة سامية نبيلة في توسيع المعرفة العامة والوقوف على أسرار الكون وتزويد العقل بالمتاع واللذة. والثاني : هو أتصال هذه الفروع – في بعض نواحيها – بشؤن الإنسان العملية ومصالحه المادية.