ولد الشاعر في منطقة دبي،
وفي
العام 1931 درس في المدرسة الأحمدية وفق النمط التقليدي الذي كان سائداً
في الثلاثينيات والأربعينيات وبعد هذه المرحلة البدائية من التعليم أخذ
الرجل يشتغل على تثقيف ذاته من خلال الصحف والمجلات والكتب الأدبية
والفكرية التي كانت تصدر في مصر ولبنان والعراق.
كان
المدني شديد النهم للعلم وطلبه، ورغم قسوة الحياة التي كان يعاني منها في
حينه، وشظف العيش وقلة ذات اليد إلا أن كل تلك العوامل لم توهن عزيمته بل
انبرى متحدياً لها فخرج من بلده إلى البصرة، فبغداد حيث المدارس
والجامعات "مكملاً دراسته الثانوية وملتحقاً بكلية الشريعة، حيث أمضى
فيها أربع سنوات متخرجاً في إجازة في علوم الشريعة واللغة العربية" وبعد
مرحلة بغداد التي كانت تمثل بداية الانعتاق نحو آفاق البحث والعلم، التحق
الشاعر بجامعة أدنبرة في بريطانيا ليدرس التاريخ الحديث فتوثقت صلته بأحد
اساتذتها الكبار الذي أشار عليه بالالتحاق بجامعة كامبردج للتحضير لشهادة
الدكتوراه على الفور وبعد سبع سنوات من الدراسة في كامبردج حصل على شهادة
الدكتوراه وكان موضوعها": فكرة التوحيد في الإسلام" وبذلك كان أول طالب
من دولة الإمارات العربية المتحدة يحصل على مثل الشهادة في العام 1967م،
ودرس كذلك الفرنسية وآدابها في السوربون".
استفاد
أحمد أمين من فترة وجوده في بريطانيا واستغل كل سانحة، فحاول "الاتصال
بكبار الشعراء والفلاسفة والمؤرخين والنقاد والأدباء البريطانيين، إذ كان
حريصاً على اللقاء الشخصي بهم ومجادلتهم في أمور الشعر والتاريخ والفلسفة
والأدب والنقد"، فقد التقى بالمؤرخ الكبير أرنولد توينبي أكثر من عشر
مرات في كمبردج ومرتين بالشاعر ت.س.ايليوت، والتقى بالفيلسوف برتراند
راسل والناقد فورستر، وغيرهم.
انخرط
ولأول مرة في الحياة العملية فعين مدرساً في بغداد، "وأخذ يتصل بالحياة
الأدبية العراقية عن كثب ناشراً قصائده الأولى في الصحف العراقية، وقد
فازت واحدة من قصائده في مسابقة نظمتها صحيفة "فتى العراق" في الموصل وقد
توج هذه الاستفادة خلال اتصاله بأبرز شعراء الحداثة في العراق والوطن
العربي بدر شاكر السياب والذي قال عنه: " بدر شاكر السياب كان صديقي
الحميم، وقد التقيته للمرة الأولى في العام
1949
كان التقاء في مكتبة متواضعة في البصرة يتردد عليها شعراء البصرة والكويت
في ذلك الوقت، وصاحب هذه المكتبة شاعر "معروف" أيضاً اسمه "هشام
الجواهري" وبعد الدراسة الجامعية في بريطانيا عاد أحمد أمين إلى الإمارات
العربية المتحدة، ودخل ميدان العمل فتنقل بين عديد من المهام الوظيفية
والتي لم يمكث في أي منها أمداً طويلاً، فقد تقلب المدني في عدة وظائف
حيث عمل مدرساً في بغداد ثم مدرساً في المدرسة الصناعية بالشارقة،
ومذيعاً في أول إذاعة تفتح في الإمارات وهي إذاعة صوت الساحل، من منطقة
المرقاب بالشارقة ثم أميناً للمكتبة العامة التابعة لبلدية دبي ثم فتح
أول فصول محو الأمية في العام 1970م، وفي المكتبة العامة في دبي، ثم
انتقل إلى وزارة الدفاع في العام 1972م كما عمل أيضاً في مجلة الأمن التي
تصدرها قيادة شرطة دبي وفي القسم الثقافي بجريدة الاتحاد والقسم الثقافي
بجريدة الخليج، وكاتباً بجريدة الفجر ولكنه استسلم للمرض ولظروفه الصحية
منذ العام 1977م حيث استقال من عمله كمدير للسكرتارية بوزارة الدفاع ومنذ
تلك السنة انزوى فيها عن الحياة العامة مضطراً ولم تكن هناك مجالات جادة
للاستفادة من الرجل".
"كان
د.مدني زميلاً وصديقاً للعديد من الشعراء العرب وشاهد عصره على حركة
التجديد، خاصة إنه كان في تلك الفترة المبكرة من عمره طالباً جامعياً في
بغداد بؤرة التجديد الشعري وعاصمة رواده الكبار من أمثال السياب نازك
الملائكة والبريكان، وسليمان" العيسى" .
أصدر
المدني عدداً من الدواوين الشعرية كان أولها: حصاد السنين عام 1968م وكان
باكورة إنتاجه الشعري وفق شعر التفعيلة، أو عرف بالشعر الحر، وكان أيضاً
باكورة الشعر الحر لدى شعراء الامارات العربية، وأشرعة وأمواج عام
1973م، ثم الديوان الثالث: عاشق الأنفاس الرياحين عام 1990م، وهناك
العديد من القصائد التي لم تنشر له بعد وقد قام أحمد محمد عبيد على جمعها
وطبعت في كتاب باسم: قصائد ضائعة لاحمد المدني صدرت عن المجمع الثقافي في
أبوظبي عام 2001م وبذلك فإن الشاعر أحمد أمين المدني "يعتبر رائد
التحديث في شعر الإمارات، وعاملاً أساسياً لانتقال حركة التجديد وشعر
التفعيلة، وبذلك فتح الباب على مصراعيه لحركة الشباب في التأثر بالحداثة
الشعرية، وبالمساهمة الفعالة في حداثة شعر الإمارات".
تأثر
أحمد المدني بالعديد من الشعراء الرواد الذين كانت تربطه بهم صلات
مباشرة، " وصرف وقته في ملازمة الشاعر مبارك العقيلي، وكان يحضر مجالس
مبارك العقيلي، والشاعر أحمد بن سليم، والأديب الكويتي عبدالله الصانع،
إضافة لحضوره الدائم للمجلس المهم واليومي في دكان مبارك المسقطي في شارع
سوق الذهب، والذي كان يجتمع فيه العديد من كبار الشعراء والأدباء
والمثقفين، يتدارسون ويتناقشون ويتناشدون الشعر، وكان منهم: مبارك
العقيلي، أحمد بن سليم،عبدالله الصانع، عبيد التاير، خليفة بن سعيد
المطروشي، الشيخ راشد بن بطي آل مكتوم، راشد بن سعيد يابس رأس، بن عمان ،
والشاعر خلفان بن يدعوه، والسيد هاشم الهاشمي، والشاعر محمد بن زنيد
وغيرهم".
ساهم
المدني في الحياة الثقافية في دولة الإمارات العربية المتحدة من أوسع
أبوابها، فقد كتب العديد من الدراسات، ووضع عدداً من الكتب، وحاضر في
كثير من الندوات ولم يتوقف نشاطه العلمي على ميدان الشعر فقط وإنما كان
له مساهماته الكثيرة في البحث والأدب والمجتمع وغير ذلك من الشئون
الحياتية التي عاصرها ومن مؤلفاته:
-
فكرة التوحيد
في الإسلام، وهي رسالته للدكتوراة في بريطانيا
-
شعراء
الإمارات المعاصرون.
-
دراسات في
الشعر الأندلسي.
-
التركيب
الديني والاجتماعي، وقد نشره بالعراق، إلا أنه فقد .
-
دراسات في
الفلسفة .
-
دراسة عن
الشعر النبطي بالإمارات باسم : الشعر الشعبي في دولة الإمارات العربية
المتحدة .
هذا وقد
قام أحمد محمد عبيد بجمع العديد من المقالات والدراسات التي تيسر له
الحصول عليها في حنايا الصحف والمجلات العربية، وسوف تصدر في كتاب آخر
باسم: الأعمال النثرية لأحمد المدني. لقد ساهم أحمد المدني بالكتابة في
كثير من الصحف والمجلات العربية، داخل وخارج دولة الإمارات العربية
المتحدة "فقد كتب في مجلة الآداب البيروتية منذ الخمسينيات وفي صحف
العراق مثل: فتى العراق،العاصفة، الأهالي ، القبس، الزمان، وفي لبنان:
الأديب، والآداب، ومجلة الشعر ، وفي المغرب العربي كمجلة الفكر التونسية،
وفي سوريا كمجلة الضاد، أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد كان
من أوائل من كتبوا في مجلتي أخبار دبي والأزمنة الحديثة، ثم بالصحف
السيارة المحلية كالبيان والاتحاد، والخليج، والفجر، وغيرها من الصحف
والمجلات .. "
"كتب
الكثير عن المدني فالبعض كتب عنه في حياته، وكتب الكثيرون عنه بعد أن
غيبه الردى،
منهم عبدالله الطائي في كتابه الموسوم: الأدب العربي في الخليج العربي،
ومحمد عامر البحيري، ومحمد نوراني في مجلة أخبار دبي، ود. نصر عباس في
مجلة المنتدى، وابراهيم سعفان، أسامة فوزي، عبدالغفار حسين الذي كتب عنه
في مجلة المجمع التي كانت تصدر في دبي قبل قيام الاتحاد " .