الشيخ
صقر بن سلطان القاسمي واحد من أعمدة التراث الأدبي المتفجر في الخليج في
الخمسينات من هذا القرن إلى نهاية السبعينات .. فهو شاعر وأديب ذو ثقافة
واسعة قبل أن يكون ذا منصب أو جاه .
ولد
وترعرع في بيت الامارة .. فكان شغفه بالعلم أكثر من شغفه بالأمارة ..
وتربى تربية عربية إسلامية نماها ورعاها والده سلطان بن صقر القاسمي ..
فعلمه ما وسعته الظروف .. وأوجد له مكتبة قل أن يوجد لها نظير .. تعلم
القراءة والكتابة في الشارقة بالمدرسة القاسمية ، ثم أخذ والده يجلب له
المدرسين الذين أخذوا بيده حتى غدا من المتعلمين الأكفاء ، فدرس تاريخ
عمان ، والفقه واللغه العربية والعروض على أيدي مدرسين متبحرين في فنونهم
حتى نبغ فجادت قريحته بالشعر .
وقد
اتاح له مركز الإمارة أن يسافر إلى لبنان ومصر والهند وأن يشارك في
العديد من المؤتمرات ، فأعطته تلك الرحلات فرصة الاجتماع بالأدباء
والشعراء في كل قطر يزوره حتى أنك لتجد مجلس الشيخ صقر يغص بالأدباء
والشعراء بدلا من أن يكون مشغولا بالوزراء والمستشارين ، ولقد خلد رحلاته
هذه بقصائد فهو يتحدث عن لبنان ويقارن بين وجه الجميل والطبيعة الخلابة .
وهو
يحب مصر حباً لا مثيل له ، اذ كانت أكثر رحلاته إلى ربوع أرض الكنانة حيث
يداعب أنفاس النيل ، ويلتقى بعمالقة الفكر في العالم العربي فأصبحت لها
مكانة خاصة في قلبه سجلها في عدة قصائد .
والشعر لدى الشيخ صقر ليس تعابير راقصة أو كلمات رنانة ، كما أنه ليس
كلاماً منظوماً يقصد به الإرضاء ، فالشعر لديه عصارة للفكر وسلاح للحق .
وهو
غاضب من الشعر الحر الذي لا يتقيد بوزن ولا قافية ، خاصة مما ينشر في
الصحف ويعتبر ذلك اعتداء على اللغة العربية ، ويدعو إلى العودة إلى اللغة
الفصحى والتقيد بقوانينها ، والحفاظ عليها ، لأنه لا يرى في هذا الشعر
إلا عبث لا طائل تحته .
تتجاذب شاعرنا أطراف الوطنية الحقه ، فهو عربي من الدرجة الأولى ، يود
رفعة شأن بلاده ، كما يحب لوطنه الكبير التقدم والرقي ، يحب وحدة وطنه
كحبه للوحدة العربية ، يبكي هموم فلسطين كما يبكي هموم وطنه ، عندما
يتذكر النكبات الحاضرة يربطها بالأمجاد الماضية متمسكا بالتراث محافظاً
عليه ، لان التراث العربي هو نبع الأصالة والقوة والفخر .
والذين يسمعون أن شاعرنا من بيت الامارة يظنون أنه منطو في برج عاجي لا
علاقة له بالآخرين إلا علاقة الحاكم بالمحكوم ، أو علاقة الواجب الذي
يؤديه الشاعر نحو أبناء وطنه بينما هو إنسان عادي له طموحاته وآماله . له
أعداء كما أن له أصدقاء ولم تكن حياته نعيما كلها بل لا بد لها من
النقصات ، وهو يعطي رأيه في الحياة كأي إنسان ، عرك الحياة وعركته ، ورأى
عيوب المجتمع عن كثب ، وهو لا يحب اليأس ويدعو إلى التفاؤل والابتسام
للحياة .