2

 نصوص في التسبيح التكوني :

 وكما استفاد أهل هذه النظرية مقولة من الآيات القرآنية كذلك إستفادوا من النصوص الواردة عن المعصومين تلك النصوص التي يتضح منها تأييد هذه النظرية وإليك بعضها :

في تفسير العياشي عن أبي الصياح عن أبي عبد الله u قال ( قول الله )وإن من شيء إلا يسبح بحمده  ( قال : كل شيء يسبح بحمده وأنا  لنرى  أن تنقض الجدر وهو تسبيحها )[1].

وفيه عن النوفلي عن الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما إسلام قال (نهى رسول الله صلى الله علي وآله وسلم يوسم البهائم وأن يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها)[2].

وفيه عن مسعدة بن صدقه عن جعفر ع أبيه عليهما السلام أنه دخل عليه رجل فقال : فداك أبي وأمي أني أجد الله يقول في كتابه )وأن من شيء إلا يسبح بحمده ولاكن ل لا تفقهون تسبيحهم   (

فقال له :  ( هو كما قال الله تبارك وتعالى) قال أتسبح الشجر اليابسة؟ فقال : ( أما سمعت كيف ينعطف ؟ وذلك تسبيحه فسبحان الله على كل حال )[3]

وفي الدر المنثور أخرج بن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله علي وآله وسلم قال : (النمل يسبحن )[4].

وفيه أخرج النسائي عن بن عمر قال : نهى رسول الله قتل الضفدع وقال : ( نقيقها تسبيح )[5].

وفيه أخرج الخطيب عن أبي حمزة الثمالي قال : ( كنا مع علي بن الحسين u فمر بنا عصافير يصحن فقال : ( أتدرون ا تقول هذه العصافير ؟) فقلنا : لا , أما أني إنا نعلم الغيب ولكني سمعت أبي يقول : سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين يقول :   أن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوة يومها وأن هذه تسبح ربها وتسأل قوت يومها )[6].

وفي مناقب ابن شهرآوب عن علقمة وابن مسعود : كنا نجلس مع النبي صلى الله علي وآله وسلم يسمع الطعام يسبح ورسول الله يأكل , رواه مكرز العامري[7].

وفي حديث أبي ذر:  فوضعن على الأرض فلم يسبحن وسكتن ثم عاد فحملهن فسبحن [8].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : كيف نعل أنك رسول الله ؟ فأخذ كفاً من حصى فقال : ( هذا يشهد أني رسول الله ) فسبح الحصى في يده وشهد أنه رسول الله [9].

 وفيه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله u قال: ( ما من طير يصاد في بر أو بحر ولا شيء يصاد في الوحش إلا بتضييعه في التسبيح )[10].

   التسبيح التشريعي

2) التسبيح التشريعي :

التسبيح عند المتشرعة هو قوله : سبحان الله لورود الاستحباب بذكرها في نصوص كثيرة ومعنى عبارة (سبحان الله ) : الاعتقاد القلبي بتنزيه الله سبحانه وتعالى ,

أي التصديق بأنه تعالى مطهر ومنزه عن أي نقص وعيب , أن يكون حال المسبح هكذا وأن يظهر هذا المعنى على لسانه بقوله : سبحان الله فيعبر به عن اعتقاده.

يعني ذلك هو إستيقان الشخص بأن جميع أفعال الله سبحانه وتعالى مطهرة ومنزهة عن النقص والخلل [11].

فمعنى سبحان الله : أنه منزه وخالٍ من كل عيب أو نقص في ذاته أو في صفته أو فعله .

أما تسبيحه في ذاته : فيتمثل في أن ذاته المقدسة أزلية  و أبدية وأن وجوده عين ذاته وأن عظمته تتجلى في جميع  موجوداته ليس وليس بجسم فيشاهد فليس كمثله شيء , ولا شريك له , ولا يفتقر إلى مكان , ولا هو بمحتاج إلى أحد الموجودات بل أن الموجودات كلها محتاجة إليه .

وأما تسبيحه في صفته :

   فإن تمام الصفات الكمالية تعود إليه سبحانه , وأن قدرته وعلمه لا حدود ولا حجم ولا نهاية لها , وهذا العلم وتلك القدرة التي لا حدود لها , هي عين ذاته , أي لا زائدة عليه ولا عارضة على ذاته سبحانه , ولم يعطيه إياها أحد بل هو الذي أعطى العلم والقدرة لجميع الكائنات .

وأما تسبيحه في فعله :

فأن جميع مخلوقاته مقرونة بالحكمة والهدف والقصد من الخلق , فلم يخلق الله خلقه عبثاَ , وأن ذاته المقدسة وصفاته لا حد لها , فهو تعالى منزه وأجل وأعلى من خطرات الأوهام وفكر المخلوقين وأن تسبيح وتنزيه الحق جل وعلا لا يقدر عليه ولا يدركه أعلم الناس , ومن هنا يجب القول : ( سبحان الله كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه ولعز جلاله )[12].

قال سيد الموحدين أمير المؤمنين uفي الخطبة الأولى من النهج يوضح فلسفة التوحيد في بيانه الرائع :

0 أول الدين معرفته , وكمال معرفته التصديق به , وكمال التصديق به توحيده , وكمال توحيده الإخلاص له , كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه , لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف , وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة , فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه , ومن قرنه فقد ثناه , ومن ثناه فقد جزأه , ومن جزأه فقد جهله , ومن جهله فقد أشار إليه , ومن أشار إليه فقد حده , ومن حده فقد عده , ومن قال "فيم" فقد صمنه , ومن قال "علام؟" فقد أخلى من , كائن لا عن حدث وموجود لا عن عدم مع كل شيء لا بمقارنة , وغير كل شيء لا  بمزايلة , فاعل لا بمعنى الحركات والآله , بصير إذ لا منظور إليه من خلقه , متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده )[13].

     فضل التسبيح

نصوص في فضل التسبيح :

   حثت الشريعة الغراء على التسبيح و أبانت فضله في العديد من النصوص الشريفة ومنها :

  قال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم : ( " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " سيد التسابيح فمن قال في يومه ثلاثين مرة كان خيراً له من عتق رقبة وكان خير له من عشرة آلاف فرس يوجهها في سبيل الله وما يقوم من مقامه إلا مغفوراً له الذنوب وأعطاه الله بكل حرف مدينة في الجنة )[14].

  وقال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم : (  من قال مائة مرة سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر  كتب أسمه في ديوان الصديقين , وله ثواب الصديقين وله بكل حرف نور على الصراط ويكون في الجنة رفيق الخضر u)[15].

  وقال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم  : ( من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حين يصبح ومائة مرة حين يمسي غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر )[16].

وقال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم : ( خصلتان لا يحصيها رجل مسلم إلا دخل الجنة : يسبح لله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ويسبح عند مقامه عشراً ويحمده عشراً ويكبره عشراً )[17].

   وعن أبي عبدالله u قال: (  رسول الله صلى الله علي وآله وسلم " أكثر من : سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر فأنهن يأتين يوم القيامة مقدمات و ومؤخرات و معقبات فيهن الباقيات الصالحات )[18].

  وعن أبي عبدالله u قال : (  قال رسول الله صلى الله علي وآله وسلم : من قال "سبحان الله" غرس الله له منها شجرة في الجنة , ومن قال "لا إله إلا الله " غرس الله له منها شجرة في الجنة , قال رجل من قريش يا رسول الله إن شجرنا في الجنة لكثير , قال : نعم , ولكن إياكم أن ترسلوا نيراناً فتحرقونها وذلك أن الله تعالى يقول )يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم  ( )[19].

  عن سعد النهدي عن ابن محبوب عن ابن عطية عن ضريس عن الباقر u عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله علي وآله وسلم مر برجل يرس غرساً في حائط له فوقف عليه فقال (ألا أدلك على غرس أثبت أصلاً وأسرع إيناعاً وأطيب ثمراً وأنقى ) قال بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله فقال : ( إذا أصبحت وأمسيت فقل : سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر, فأن لك بذلك إن قلته بكل تسبيحه عشر شجرات في الجنة من أنواع الفواكه وهن  من الباقيات الصالحات )[20].

عن أبي جعفر u قال : ( من فال :( سبحان الله من غير تعجب , خلق الله منها طائراً له لسان وجناحان , يسبح الله عنه في المسبحين حتى تقوم الساعة ,ومثل ذلك الحمد لله و لا إله إلا الله والله اكبر )[21]

عن الصادق عليه السلام قال: ( قال أمير المؤمنين u  : ( التسبيح نصف الميزان, والتحميد يملأ الميزان والله أكبر يملأ ما بين السماوات والأرض )[22].

روي عن سليمان بن داود u كان معسكره مائه فرسخ في مائه فرسخ, وقد نسجت الجن له بساطاً من ذهب

وأبريسم فرسخان في فرسخ , فكان يوضع منبره في وسطه , وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضه , فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة , وحولهم الناس الجن والشياطين, وتظلله الطير بأجنحتها , وكان يأمر الريح العاصف يسيره , والرخاء يحمله , فيحكي أنه مر بحراث فقال : لقد أوتي ابن داود ملكاً عظيماً فألقاه الريح في أذنه , فنزل ومشى إلى الحراث وقال: إنما مشيت إليك لئلا تتمنى مالا تقدر عليه ثم قال : ( لتسبيحه واحدة يقبلها الله تعالى خير مما أوتي آل داود ) , وفي حديث آخر :( لأن ثواب التسبيحه يبقى وملك سليمان يفنى ) [23].

عن علي بن الحسين u قال : ( من قال: "سبحان الله العظيم وبحمده " من غير تعجب كتب الله له مائة ألف حسنه , ومحا عنه ثلاثة آلاف سيئة ورفع له ثلاثة آلاف درجه )[24].

عن الصادق u قال: ( من سبح تسبيحه الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ويبدأ بالتكبير)[25].

وروي عنه أيضاً أنه قال: ( إنا  نأمر صبياننا بتسبيح الزهراء عليها السلام , كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي , وعنه عليه السلام قال: ( تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في كل يوم دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة  ألف ركعة في كل يوم )[26]

وعن الباقر u أنه قال: (ما من عبد  عبد الله بشي من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ولو كان شي أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام )[27].

موارد التسبيح

من موارد التسبيح:

أمرت الشريعة الإسلامية بتسبيح الله وحثت عليه في موارد عديدة نذكر  منها ما يلي

التسبيح في الصلاة :

1-التسبيح في الركوع: وهو قوله : (سبحان ربي العظيم وبحمده ) أو ( سبحان الله ) ثلاثاً [28].

2-التسبيح في السجود: وهو قوله :( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) أو (سبحان الله ) ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً [29].

3-التسبيح في التشهد الأول : أن يسبح سبعاً بأن يقول : ( سبحان الله سبحان الله ) [30].

4-التسبيح في الركعة الثالثة والرابعة : يتخير المصلى إماماً كان أو مأموماً في ثالثة المغرب  وأخيرتي الرباعيات بين الفاتحة والتسبيح وصورته : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) مره أو أكثر على الخلاف في المسألة , والتسبيح أفضل من القراءة في الركعتين الأخيريتين سواء كان منفرداً أم إماماً أم مأموم).

5-التسبيح في الركعة الأولى والثانية : يستحب للمأموم أن يشتغل بالتسبيح أو التحميد أو غير ذلك من الأذكار[31]1 (في الصلاة الخفاتية ).

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ( إني أكره للمرء أن يصلي خلف الإمام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كانة حمار ) قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا ؟ قال: (يسبح)[32].

وروي عنه أيضاً أنه قال: ( إذا كنت إمام قومك فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوليتين وعلى الذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام) [33].

التسبيح في القنوت:

وأقله ثلاث تسبيحات , وفي خبر ابن أبي السماك في حديثه يجزئ من القنوت ثلاث تسبيحات ) , وفي خبر أبي بصير سألت الإمام الصادق u عن أدنى القنوت فقال : ( خمس تسبيحات )[34].

ومن القنوت الموجب لقضاء الحوائج على ما ذكره بعض العلماء أن يقول : (  سبحان من دانت له السماوات والأرض بالعبودية , سبحان من تفرد بالوحدانية اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم اللهم أغفر لي المؤمنين والمؤمنات وأقضي حوائجي وحوائجهم بحق حبيبك محمد وآله الطاهرين صلى الله عليه وعليهم أجمعين )[35].

صلاة جعفر الطيار :

وتسمى صلاة التسبيح وهي من الصلوات المستحبة استحباباً مؤكداً ,وتتكون من صلاتين كل منهما تشتمل على ركعتين ويضاف إلى الصورة العامة ويقال : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر )خمس وسبعين مرة في كل ركعة , وخمس عشرة مرة بعد القراءة (أي بد الفاتحة والسورة التي عقبها) , وعشر مرات في الركوع , وعشر مرات بعد رفع المصلى رأسه من الركوع وهو قائم , وعشر مرات في السجدة الأولى وعشر مرات بين السجدتين وعشر مرات في السجدة الثانية وعشر مرات عند الجلوس بعد السجدة الثانية , ونفس الشيء يقال في الركعة الثانية ثم يتشهد ويسلم ويكرر الشيء نفسه في الصلاة الثانية [36] مع زيادة الدعاء التالي في السجدة الثانية : ( سبحان من لبس العزة والوقار سبحان من تعطف بالمجد وتكرم به سبحان من لا ينبغي إلا له سبحان من أحصى كل شيء علمه سبحان ذا المن والنعم سبحان ذي القدرة والكرم اللهم أني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك و باسمك الأعظم وكلماتك التامة التي تمت صدقاً وعدلاً, صلى على محمد وأهل بيته وأفعل بي كـــذا و كــــذا )[37].