Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

انور ياسين في رحاب الحرية

   

لكم طال الغياب يا أنور، ولكم كانت السنوات الستة عشر التي مرت من عمرك وعمرنا وعمر الوطن، طويلة وقاسية.

ستة عشر عاماً مرت ببطء، انت تنتظر الحرية في سجن عسقلان، ونحن ننتظرها في سجن الوطن، مرت السنوات، ونحن مستمرون في الحلم، حلمك، حلم الحرية وسعادة الانسان، وكم نتمنى لو ان هذا الحلم سيتحقق هذه المرة.

اعلم يا انور انك وأمثالك حررتم الوطن، ولكن اعلم ايضاً ان الوطن ما زال في الأسر ولكنه اسر من نوع آخر. اعلم اننا انتهينا من الحرب الأهلية، ولكننا تحت حرب اشد وطأة، نحن في حرب مع القمع والامتيازات، في حرب مع الضرائب، والرسوم، والبطالة، والغلاء، والهجرة.

اعلم يا انور ان الذين قاتلت وأُسرت لكي يندثروا، حكمونا، وان الذين ضحيت والآلاف من اجل ان ينسحقوا تحت اقدام الفقراء، يستبدون بالفقراء، ويحتلون الكراسي. اعلم يا انور ان الذين قاتلت معهم، بعضهم استشهد، وبعضهم الآخر مشتت في بقاع الأرض ينتظر فك أسره.

لست اقول ذلك، لكي افسد عليك فرحتك بالحرية، ولكنك يجب ان تعلم جيداً، انك بصمودك في المعتقل، احييت فينا روح الاستمرار، وأنرت ليالينا المعتمة، وجعلتنا نزداد ايماناً بوطن حر وشعب سعيد.

اعلم يا انور اننا كبرنا على حكاية صمودك واندفاعك في اعالي جبل الشيخ، ثائراً مناضلاً مقاتلاً لا يعرف الهزيمة ولا يذوق طعم الخسارة، بل يثور ليقاتل ويطلق الرصاص ابتهاجاً بنصر قريب، غير آبه لا بالأسر ولا بالتعذيب، غير خائف من الشهادة، بل يرتعش فرحاً عندما تطأ قدماه كل شبر من ارضنا العزيزة.

وطأت أهلاً في ارض وطنك الحبيب، بعد طول غياب، وأهلاً بك معنا في نضال جديد، لأجل استكمال المسيرة، وفاء لك ولتضحياتك، وللمسيرة الحمراء المكللة بالدماء، وبالعظمات، وبالأساطير.

لا تنظر يا انور الى الهزائم، ولا تستمع للحديث عن الانقسامات والتفتت، ولا يغرنك تصريح شاتم هنا، وتصاريح شاتمة هناك، لا نريد ان يلم بك ما ألم بنا من ضعف وضياع وخلافات. كنا نتمنى لو انك تجدنا الآن صفاً واحداً، ننعم بالديمقراطية والحرية، ولكن أسفاً انور، نعتذر عن هذه الاهانة، ونعتذر عما اقترفت ايدينا.

بالأمس كنا نستمع اليك والى كلماتك القوية الواثقة، والآن نستطيع ان نقول، أيها الرفاق، تعلموا من انور، تعلموا الثقة بالنفس وعدم التسرع. هذه هي المدرسة التي خرجتنا جميعاً، نستعيد مجدها الذي اضعناه بأيدينا، بتلك الكلمات المنيرة التي اطلقها أحد ابطالنا واساطيرنا، أنور ياسين.

قد انرت الفضائيات، وشاشات التلفزة، حتى ان احد الرفاق قد نقل الينا صوتك عبر شبكة الانترنت، كنت لنا عودة الروح ونحن نقبع بعيداً عن الوطن، بعد ان عصفت بنا رياح الهجرة.

ثق يا انور ان طريقك الذي اخترته وضحيت من اجله، هو طريق ما زال ايماننا به قوياً، ثق ان الكثيرين من الرفاق والقادة، ممن لن تجدهم امام عينيك، ما زالوا يؤمنون بطريق المقاومة والحرية، ولكنهم في منازلهم أو في منفاهم مغيبون قصراً، كئيبون، حزينون، لما آلت اليه الأوضاع، لم يتركوا الشعلة، ولا خانوا القضية، ستراهم يوماً ما، في طريق حياتك الطويلة الباقية، ستراهم عندما تضاء الطريق من جديد، ستراهم في معارك أخرى وساحات أخرى، ونرجو الا تراهم في الانحياز، والاصطفاف، وفجوات الحقد العميقة التي نمت بين بعض رفاق الأمس.

لك الحرية والمجد، ولك زفة العريس القادم من عرس الوطن، لك الورود والأزهار وحبات الأرز تنثر على جبينك، ولك ضمة امك المناضلة لك، وصمود اخوتك وأهلك ورفاقك.

ولنا ان نحلم بمستقبل أسرت وضحيت من اجله، ولنا ان تستمر في قلوبنا شعلة مضاءة، تعطينا روح الاستمرار، تلك الروح التي اشتعلت يوم تحرير سهى، وسليمان، ونبيه، والآخرين من الأبطال.

حسن قاسم

 

Back To Documents