Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   
ابو رفيق، مناضل عنيد
   

منذ اشهر معدودة، كنت جالساً في مكتبي، واذ بالباب يقرع ليدخل واحد من مناضلي هذه الحقبة الأخيرة، واحد من المناضلين الشرسين بكل ما للكلمة من معنى، وذلك لتعدد صفاته ولتعدد أماكن نضاله من اجل الحرية وسعادة الانسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.

انه "ابو رفيق"، أو "علي العبد"، اسمان عرف بهما منذ بداية حياته النضالية وتاريخه المجيد، دخل هذا الرجل السبعيني المحدق سمرة، ليطلب مني مساعدته في طباعة ورقة لملاحقة أمور ترميم منزله في بلدته حولا المحررة.

نظرت اليه متأملاً مراقباً عينيه الشاخصتين والمتمسكتين بالحياة الى اقصى الدرجات، وايمانه الراسخ بالصمود والتعلق بالأرض والوطن، هذا الرجل غير الآبه بعدد سنيّ حياته، حينها استذكرت حقبة مرت من عمري، حيث وجدت داخل عائلة احتكت بشكل مباشر مع عديد من هؤلاء المناضلين الشجعان الذي تركوا بصماتهم على جدران منزلنا، ومن ابرزهم أبو رفيق، الانسان المرح الهادئ الذي لا ينفعل ابداً تجاه الأخبار السيئة أو اثناء قيادة المعارك. بل جل ما يميزه الدقة والوضوح في التفكير والتقرير والقيادة.

وبعد مرور هذه الشهور المعدودة، أجد نفسي ملبياً طلب طباعة ورقة متعلقة بذلك المناضل العنيد، ولكن هذه المرة، ويا للصدمة، ورقة ينعي فيها الحزب الشيوعي اللبناني، واحداً من ابرز مناضليه، وتزف بها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية الى شعبها الصامد، خبر رحيل رجل من مؤسسيها العظماء، إنه علي عبد الحسين حسين، أو "أبو رفيق"، حيث كنت ولأول مرة اتعرف الى اسمه الحقيقي.

عند عودتي الى منزلي، وانا مستلقٍ أفكر وأسترجع الذكريات، استدرت خلف سريري أتأمل صورة نادرة لبعض المقاتلين في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، في مكان ما مقابل لإحدى تلال جبل الشيخ، وهم يستريحون استراحة المحارب، فوجدت أبا رفيق جالساً في مقدمتهم يعطيهم المعنويات ويرشدهم الى الطريق الصحيح، طريق المقاومة، طريق التحرير والنصر.

لدى سماع خبر وفاته، لم أشعر بالحزن، بل أتاني شعور كبير بالفخر، على انني انتمي الى مدرسة هؤلاء العظماء، وفي طليعتهم ابو رفيق، الذي أراد، في حياته المزدحمة بالأحداث والنضالات، أن يؤكد بأن النضال من أجل قناعات سامية يجب ان يستمر مع الانسان حتى الرمق الأخير من حياته، فهو عاصر فترة النهوض، ثم فترة النكبات ثم فترة التحرير، ثم ما بعد التحرير، وأراد ان يستمر في نضاله الى جانب رفاقه في حولا وفي كل الجنوب، وآخر ما قام به، هو استكمال ترميم منزله القائم في بلدته حولا، البلدة التاريخية، الواقعة على مسافة قريبة جداً من أرض فلسطين المقدسة، هذه البلدة الذي كان أبو رفيق من أوائل المساهمين في دخولها التاريخ، تاريخ الصراع مع العدو، وتاريخ تفجير أكبر الانتصارات والملاحم في وجه عدو مستكبر ظالم مغتصب.

أبو رفيق أكمل ترميم منزله، مثبتاً بأنه متعلق بأرضه الى اقصى الحدود، واستمر في نضاله وفي عمله السياسي والحزبي، مثبتاً بأنه متعلق بجذور تلك السنديانة الحمراء، التي انضم الى جذورها ودفن تحت اغصانها، ليعطيها قوة للصمود والاستمرارية، وليضيء فينا شعلة اكمال الطريق، من دون هوادة، ومن دون تردد أو احباط، بل بشجاعة حتى النهاية لكي نجعل من نهايتنا بداية للآخرين من بعدنا.

هناك جملة كان يرددها المحاربون دائماً وكنت اسمعها في صغري، ولن انساها ابداً، وهي "ان مت يا رفيقي احمل سلاحي واكمل طريقي". فان اكبر عزاء أستطيع تقديمه هو باننا سنكمل طريق النضال بعدك أيها المناضل العنيد.

في 18/8/2002

حسن قاسم

 

Back To Documents