Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

الانزلاق المتأخر في خطاب الحرب الأهلية

   

كم كانت دهشتي كبيرة عندما افصح صديق لي في "حزب الله" عن حقيقة موقفه المعارض والقلق من استمرار عمليات المقاومة في مزارع شبعا في تلك الفترة التي توالت فيها التهديدات الاميركية والاسرائيلية ضد لبنان وسوريا.

وكان مدعاة لدهشتي خروج موقف هذا الشاب عن خطاب "اهل البيت" في تأكيداتهم المتكررة على المضي قدما لتحرير هذه البقعة الهجينة جغرافيا في تداخلها، بين سوريا ولبنان.

وقد كنت من اولئك الذين درجوا على التعامل مع "حزب الله" على انه رافعة للمشروع الايراني في المنطقة، واداة اقليمية ساهم في توضيح معالمها ذات يوم سفير سوريا لدى واشنطن وليد المعلم عندما اعتبر ان "حزب الله" "حركة مقاومة وطنية لن تكون عقبة في طريق السلام اذا كان يلبي المصالح السورية واللبنانية" وان "قيادة الحزب تدرك بأن اتفاقا مقبولا مع سوريا ولبنان يكون ملزما لها على السواء".

والحق يقال ان "حزب الله" رغم انقضاء عامين على التحرير لم يساهم قطعا في تبديد صورته هذه بل جازف اخيرا بمكتسبات الانتصار والاجماع الوطني حول المقاومة، في جهوده لابقاء الجبهة الجنوبية "سيفا مصلتا فوق رؤوس الاسرائيليين" على ما يقول امينه العام السيد حسن نصرالله.

وقبل ذلك تعامل الحزب مع محطة الخامس والعشرين من ايار وكأن شيئا لم يتبدل معيدا تأكيد خياراته في العمل المسلح لاسترجاع ما تبقى من ارض "مكتومة" في مزارع شبعا من دون الالتفات كثيرا الى هموم الداخل اللبناني وحساسياته خصوصا بالنسبة الى تذليل ما يفرّق اجماعه وتعايشه من عقبات. ومما باعد بينه وبين شرائح اجتماعية اخرى شاطرته يوما التوق الى التحرير والاصلاح، دخول الحزب بقدرة قادر في محدلة انتخابية مع غريم محلي مثقل بتجاوزات الحرب واعباء اهدار المال العام، مرتضيا لنفسه لعب دور الخاسر الامني في المناطق المحررة ومفسحا في المجال امام شقيقه "العاصي" احتكار عملية "الانماء" من دون مساءلة.

اما حركة "حزب الله" حيال "المعارضات المسيحية" فظلت هي الاخرى محكومة بالسقف الاقليمي ولم يستطع الحزب كسب تعاطف الشارع المسيحي، لا بانفتاحه المبكر على بكركي ومحاولته اظهار نفسه في موقع المتمايز عن حلفاء سوريا التقليديين، ولا حتى بتساهله مع الاحكام المخففة التي صدرت بحق المتعاملين من ابناء رميش وعين ابل. وكان لتبدل المعطيات الاقليمية والدولية اثرها على هذه العلاقات اذ شعر الحزب، وفي كل مرة طالب فيها فريق من اللبنانيين بارسال الجيش الى الجنوب، بأنه مستهدف.

وتنامى توجس "حزب الله" مع توسع دائرة المطالبين باعادة انتشار الجيش السوري وتصحيح الخلل في العلاقات بين الدولتين. ولعل هذا ما جعل الحزب يقف الى جانب السلطة في اعتقالات السابع من آب. وتولت استعراضات الحزب شبه العسكرية التفريط بما تبقى له من رصيد لدى قيادات مسيحية تتسم بالاعتدال، لتتوج القطيعة بتصريح ثأري اطلقه امينه العام السيد حسن نصرالله في احتفالات العاشر من محرم حين قدم حزبه حزب سوريا في لبنان.

وهنا انزلق الحزب وربما من غير قصد في اتون التناحر الداخلي اللبناني ليستعيد في ادبياته الصادرة حديثا مفردات الحرب الاهلية متهما "قوى سياسية لم تكن ترى في الوجود الاسرائيلي احتلالا" بالمراهنة من جديد على الدور الاسرائيلي لأنها لا تزال "تنظر الى المقاومة كخصم  من شأن تعاظم دوره ان يقوض تطلعها الى صوغ لبنان الكانتون المتغرب المعزول عن محيطه"(*).

والمستغرب ان عثرات "حزب الله" الداخلية لا تتوافق مع تجربته الريادية في فترة ما قبل التحرير، والتي يجمع اللبنانيون ولو ادعاء احيانا في الثناء عليها، لأنها صارت مع دخول الحزب الى البرلمان اللبناني في العام 1992 تجسد تجربة اسلامية متميزة بانفتاحها على تيارات فكرية وسياسية بعيدة عن موقع الاسلام الاصولي.

والمتتبع لتاريخ هذا الحزب ونشأته وسيرورة حركته لا بد ان يسجل لقيادته القدرة على استيعاب المتغيرات وذلك يتبدى بوضوح في سرعة انتقال خطاب الحزب، في عدم واقعية طرح الدولة الاسلامية والنظرة الى النظام اللبناني كصيغة من صيغ الاستكبار العالمي، الى موقع من داخل الاطر الدستورية عبر خطاب اصلاحي قبل ان يصبح لاحقا الحليف الاول للرئاسة الاولى في العهد الثاني من جمهورية الطائف، والممانع للرأس الثاني في السلطة التنفيذية، في مفارقة تأييد واعتراض تشبه في مزاجيتها طقوس الكر والفر المتبعة في حرب الانصار التي غدت اليوم غير مشروعة في زمن الحرب على "الارهاب"، وفي لحظة التحولات السلمية في الخطاب العربي الرسمي بشقيه "الجمهوري والملكي".

هل يغرق "حزب الله" في العلاقة الملتبسة مع السلطة ام يستدرك كما فعل "صاحبنا القلق من توتر الجبهة الجنوبية" ويتعظ من تجارب اصولية سابقة ترهلت بفعل انتفاء مبرراتها الوظيفية والامثلة على ذلك كثيرة من المحيط الى... بحر قزوين.

ـــــــــــــــــــــــ

(*)moqawama. org/.arabic/v

بسام ناصر الدين

 

Back To Documents