Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

شيوعية ما بعد الحداثة، شيوعية ما بعد الماركسية

   

على أبواب مؤتمره التاسع المزمع عقده في آذار المقبل، يمرّ الحزب الشيوعي اللبناني في مخاض عسير يكمن في تأزّم متعدد المستوى، نظري وسياسي وتنظيمي. فالغياب الفاقع للنقاش النظري حول مآل هوية الحزب الفكرية بعد أكثر من عقد على انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، أفسح في المجال واسعا لانبثاق اكثر من برنامج سياسي ينافس الواحد الآخر رتابة وخواء. الامر الذي أدّى الى سيادة الهم التنظيمي كهاجس أوحد بالنسبة الى جميع قياديي الحزب، بل حتى بالنسبة الى الاكثرية الساحقة من قواعده.
قبيل انعقاد المؤتمر، يبدو ان هناك تيارين عريضين، عموما، يسودان في اوساط الحزب. ولئن كان تيار القيادة يسعى جاهدا الى التقرب، في السر كما في العلن، من سلطة الوصاية السورية على لبنان من خلال اروقتها وزواريبها، ويستخدم الذين يقدمون مقاربة جامدة للماركسية كأدوات لأضفاء بُعد نظري على برنامجه السياسي، يحاول تيار المعارضة، او المقاطعة (كذا)، مداعبة التكتلات العريضة الحديثة المنشأ والطائفية من حيث التكوين، ويختزل "تطوير" الماركسية بجملة واحدة ألا وهي: "يجب الاعتماد على المنهج الماركسي وليس على الايديولوجيا الماركسية".
ليس همّنا في هذه العجالة التطرق الى وضع الحزب في كماشة التقهقر والانحلال هذه بفكيّها الطائفي والاستتباعي على الصعيد السياسي، والجامد والمختزل على الصعيد النظري، انما ما نبغيه هنا هو دعوة المؤتمرين الى تخصيص هامش ولو بسيط لمناقشة احدث ما توصلت اليه اعمال المشتغلين على تطوير النظرية الماركسية، والتي تمخضت عما يمكن تسميته بـ"شيوعية ما بعد الماركسية" بما هي شيوعية ما بعد الحداثة. فالشيوعية بصيغتها الماركسية الناشئة في القرن التاسع عشر والتي استمرت لعقود في القرن العشرين، كانت اولا واخيرا نتاج عصر الحداثة المتميز بهيمنة التركيبات الثنائية كثنائية الدولة والدين، الأنا والآخر، الغرب والشرق، البورجوازية والبروليتاريا، المركز والأطراف، وما شابهها من ثنائيات أخرى. فالدياليكتيك - باعتباره علاقة تحديد وتأثير بين طرفين اثنين - في المادية الماركسية ليس الا نتاج عصر الحداثة المشار اليه. اما عصر ما بعد الحداثة، الذي اتضح في مرحلة ما بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، فيتميز بـ"واحديته" المتضمنة تعقيدات وتشابكات ليست بثنائية. في هذا السياق، يحدثنا انطونيو نيغري ومايكل هاردت عن تشكيل العالم اليوم كامبراطورية لا تتضمن مركزا ولا اطرافا (بالمعنى البنيوي - الشبكي لا السياسي)، والصراع بينها وبين نقيضها المتمثل بالـ"كثرة" Multitude إنما تحكمه علاقة الكمون Immanence ولا مكان للدياليكتيك فيها.
لذا، وامام هذا الانتقال من الحداثة الى ما بعدها، صار لزاما على الشيوعيين اليوم ان يطلَّعوا على عملية انتاج شيوعية ما بعد الحداثة التي تتجاوز الماركسية - ولا تلغيها على نحو يحفظ الاعتماد على ادوات التحليل الشمولي التي تمتلكها، ويعيد النظر في دياليكتيكية ماديتها وتاريخيتها - وليس في المادية بذاتها طبعا - في ضوء الحيثيات المستجدة في عصر ما بعد الحداثة كالانتاج البيوسياسي Production biopolitique اي انتاج الحياة الاجتماعية نفسها التي يتقاطع فيها ويتكامل الاقتصاد والسياسة والثقافة.
ليس كل جديد صحيح بالضرورة. قد يكون المشتغلون على "شيوعية ما بعد الماركسية"، كنيغري وهاردت على سبيل المثال لا الحصر، مخطئين في بعض الاحيان. لذا ليس المطلوب التبني الدوغمائي لطروحاتهما وطروحات غيرهما، على غرار ما كان يذهب اليه بعض الشيوعيين في الامس عند كل مقاربة جديدة، كالتعاطي مع مساهمات التوسير مثلا. بل المطلوب فقط، هو مناقشة مصصطلح "شيوعية ما بعد الماركسية" علّه يعيد احياء موقع الحزب الشيوعي اللبناني كعمود فقري للحياة الثقافية والفكرية اللبنانية بعيدا كل البعد عن الفراغ النظري والافلاس السياسي السائدين فيه اليوم. ان غرضنا من الدعوة الى تنشيط النقاش النظري يكمن في الاقتناع بأنه اذا ما انعدمت الهوية الفكرية للحزب، فان الاخير محكوم حتما بالوقوع في مستنقع البرامج السياسية الخاوية التي تهدد جديا حجة وجوده وفرادته في لبنان اليوم، عنينا اطارا سياسيا للانتاج الفكري والثقافي. و"ما هذا بنادٍ!"

سامي دورليان

 

Back To Documents