Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

وصل التكفير صيدا على يد <<يسارها>>

   

حادثة جديدة في صيدا. هذه المرة ليست الحادثة تفجيراً لأخر محلات المدينة التجارية التي تبيع المشروبات الروحية، وليست مقتل إحدى الرعايا الأجانب في ظل ظروف غامضة. إنها حادثة إعتداء بالضرب على شاب عند مدخل أحد المراكز الثقافية في المدينة. وكان الإعتداء عنيفاً والقطَب في جبين الشاب تشهد على عنفه.
المعتدى عليه هو شاب يساري من رواد المركز، والمعتدي: <<مجموعة من الزعران من بينهم مرافق إحدى الشخصيات السياسية الشابة اليسارية الهوى القيمة على المركز>>، بحسب المعتدى عليه. يؤكد المعتدى عليه أن الاعتداء لم يكن محض صدفة وإنما كان أمراً مبيتاً، خصوصاً وأنه تلقى تهديدات <<تنصحه>> بعدم التواجد في المركز. أما التهمة التقليدية والحجة التي باتت تتكرر عند كل حادث من هذا النوع فهي <<إلحاد المعتدى عليه>> وعدم احترامه للدين والعزة الإلهية، يضاف إليها، هذه المرة، مناقشته لأمور دينية لا تجوز مناقشتها.. الأمر الذي يسيء لصورة المركز وسمعته.
الحادثة قد تبدو عابرة وغير جديرة بالذكر مقارنة مع ما تشهده المدينة بصورة دائمة من أحداث أمنية. ولعل ما يميزها هو وقوعها في مدينة تضافرت فيها مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والدينية والامنية لترسم حدودا ضيقة للحريات والحياة الشبابية على مختلف أشكالها. ذلك بالإضافة إلى أن تلك الحادثة قد وقعت عند مدخل هذا المركز الذي يعتبر متنفساً شبه أخير لبعض مثقفي صيدا وشبابها الناشطين. فجاءت الحادثة لتضع علامة استفهام حول مستقبل العلاقة بين هذه الفئة من الناس والمركز.
ها هي ظاهرة العنف والاعتداء بالضرب وأسلوب تكفير الآخر وتجريمه تنتقل من شمال البلاد إلى العاصمة فتصل صيدا.. لكنها لم تصل صيدا بيد أصولية أو بهراوة الأجهزة الأمنية بل على أيدي فئة تدعي اليسارية والعلمانية.
أكثر ما يثير الدهشة في الحادثة هو حرص كل من المعتدي والمعتدى عليه على لملمة الموضوع وحله ضمن أضيق الأطر الممكنة ومن دون إثارة أية ضجة حوله، على الرغم من كون المعتدى عليه مقرباً من أحد التنظيمات اليسارية البارزة التي تؤكد أن معظم نشاطات المركز الثقافية لم تكن تقوم إلا اعتمادا على أعضائها في المدينة، وأن للحادث خلفية سياسية اذ ان الهدف من وراء الاعتداء هو إبعادهم عن المركز.
في صيدا، نجحت الأصولية الإسلامية بأن تمنع بيع الخمور من خلال الترهيب وبحجة الحفاظ على <<الطابع الاسلامي للمدينة>> فيما تشهد مئات زجاجات البيرة الملقاة على شاطئها على وجه الحقيقة فيها. هي نفسها صيدا التي يرفض مثقفوها اتخاذ أي موقف حيال هذه الممارسات الميليشياوية التي اتسعت دائرتها لتصل مداخل المراكز الثقافية فيها.
فحساسية الموقف وخصوصية الحالة الصيداوية وتفويت الفرص على الخصوم الذين يتحينون اللحظة للاصطياد في الماء العكر وغيرها من المبررات تبقى جاهزة دائما في صيدا ولا تفضي إلا إلى نتيجة واحدة: ضرورة التزام الصمت.
هذه هي صيدا: مدينة تنطوي على مجموعة من التناقضات تحكمها معادلة دقيقة تقوم على تجاذبات سياسية وعائلية لا يجوز التدخل فيها على الرغم من حضورها القوي في حياته اليومية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يبقى للمثقفين واليساريين والتحرريين في صيدا ضرورة في ظل صمتهم المطبق ورفضهم الدفاع عن حريتهم وعجزهم حتى عن الإشارة إلى المسؤول بأصبع الاتهام؟

حسين زيباوي

 

Back To Documents