Lebanese Communist Students Web Community |
Established on November, 16th 2002 |
||||
Main | Documents | Gallery | Links & Contacts | Activities | Downloads |
شباب وقياديون في "فهم
الحرب حتى لا تتكرر" |
|||||
قصر الأونيسكو فتح ذراعيه واحتضن لبنان. أياد فتية لكنها قوية
طوقت أبواب الصمت وخرقت جدار النسيان. جاؤوا من ربوع الوطن كله، من أفكار
وانتماءات متعددة ليمزقوا الخوف والثياب السود، وليطلقوا صرخة مدوية في وجه
إلغاء الذاكرة وطمس الحقائق. انهم الشبان الجامعيون الذين ضمتهم قاعة اتسعت، على الرغم من ضيق مساحتها، لجراح وآلام حرب، ما زالوا يدفعون حتى اليوم اثمانها الباهطة من عزلة وانقسام وتعتيم وعنف مكبوت. فكان اللقاء حبة قمح او قطرة ماء غرست في صدور النشء الطالع، كي يكبر زرع المحاسبة والمصالحة والعدالة. خمس عشرة سنة في عمر الوطن الجريح، سُرق فيها الحلم ومات الوفاق وحل الـظلام. فاضت مقلة الارض، فذرفت خيرة ابنائها دموعاً حمراء، ونزفت حسرة وانهار دم ونار ودمار على مذبح العنف العبثي... خمس عشرة سنة، ولم ينتبه "الابطال" المسكونون بشهوة القتل الى انهم لم يغتالوا حاضرهم فحسب بل حاضر اجيال اورثوها هذا العبء الثقيل من الاحقاد. ولان الماضي لا يمضي ولا يشرّع نوافذ المستقبل ما لم تنكسر قيود النسيان الخبيث الناتج من كبت الألم، نظمت لجنة "ذاكرة للغد" بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي حملة بعنوان "فهم الحرب حتى لا تتكرر"، وتتضمن سلسلة لقاءات تتخللها مناقشات بين الشباب وشهود على الحرب. كان أولها يوم الجمعة الماضي مع الوزير غازي العريضي، سمير فرنجية، طلال سلمان وجوزف ابو خليل في حضور ممثلي الاتحاد الاوروبي ونواب وشخصيات. جلسة الافتتاح "تحت وطأة سياسة الامر الواقع، ارتأى اللبنانيون طي صفحة الماضي من دون قراءتها، فقرروا بالتوافق الضمني في ما بينهم ان يخضعوا ذاكرتهم للرقابة الذاتية، مما وضعها في خدمة السلطات السياسية، حامية النسيان (...) سجنّا أنفسنا في الصمت وبالتالي في قبضة الماضي، فنسي اللبنانيون من دون ان ينسوا". هكذا افتتحت رئيسة لجنة "ذاكرة للغد" أمل مكارم اللقاء، مؤكدة ان المبادرة هي "عمل سياسي يتخطى الصراعات السياسية العادية" و"هدفها الأساسي هو تحديد كيفية تجاوز آلام الماضي من أجل مصالحة وطنية قائمة على العدالة، هذه المصالحة لا تتحقق باتفاقات بين سياسيين يستمدون شرعيتهم من النسيان ومن دعم سوريا لهم بل هي من مهمات المجتمع الأهلي. ووصفت قانون العفو بأنه "غلب السياسة على البعد الانساني بتجاهله وجود ضحايا، واستثنى الجرائم المرتكبة ضد السياسيين مما جعله سيفاً مصلتاً فوق رؤوس الحلفاء والخصوم وتلك المعطيات كانت أساسية في اثارة قضية سمير جعجع". تلتها كلمة للمحامي مازن صاغية حذر فيها من شرذمة الشباب بواسطة ذاكرات فردية وقال "ان ما يجعل الحرب اللبنانية مأساة ناقصة، اي محرومة من بعدها الانساني، هو غياب الشعور بالذنب، يقولون لنا لنطو صفحة الماضي فكيف يمكن طي صفحة قبل قراءتها وفهمها؟ وكيف ننكر حرباً أوقعت ما لا يقل عن 187910 قتلى و184051 جريحاً و13455 معوقاً وألوف المفقودين والمخطوفين والنساء اللواتي تم قتلهن بعد اغتصابهن واعداداً هائلة من المهجرين؟ (...) اردد هذه الارقام للتذكير بأن الضحية لم تكن الطوائف بل الافراد مهما كانت طائفتهم او رأيهم". وذكّر بأنه في لبنان، بعكس كل دول العالم، تمت مكافأة ابطال الحرب بأن تربعوا في سدة السلطة. "لقد عشت في ملاجئ الشرقية والغربية على السواء أثناء سني الحرب، وهذه تجربة فريدة من نوعها ولم يعشها الا القلائل في لبنان" هكذا تحدث الزميل سمير قصير بتأثر، مضيفاً: "بلى، هناك فرق جوهري بين الحرب والسلم الأهلي، فلقاء كهذا كان مستحيلاً، وكان على المشاركين فيه ان يواجهوا الرصاص والقنص والقذائف والحواجز"، شارحاً كيفية انعقاد الحلقات، ففي الحلقة الأولى ستكون المقاربة عامة وتصبح "تعقيبية" في الحلقات المقبلة بمعنى انها تتناول مراحل الحرب بطريقة مفصلة، متمنياً الابتعاد عن التهم الجاهزة وطرح اسئلة دقيقة ومركزة. حرب الحروب الجلسة الاولى كانت مع الوزير غازي العريضي "الانسان والمناضل قبل السياسي" كما قال الدكتور سعود المولى الذي ادار الجلسة. وشارك فيها الطلاب: "غالية فياض (سنة رابعة علوم سياسية - جامعة القديس يوسف)، السي مفرج (سنة رابعة علوم سياسية - الجامعة اللبنانية) وعلي مراد (سنة رابعة حقوق - الجامعة اللبنانية)، تمحورت فيها الاسئلة حول اسباب الحرب ومسؤولية اليسار اللبناني في مسارها وموقف الحزب الاشتراكي من الوجود السوري. "لقد شاء القدر ان اشهد اول اطلاق رصاصة في هذه الحرب، فقد كنت مقيماً في عين الرمانة، ثم انخرطنا فيها من موقعنا السياسي"، هكذا اوجز العريضي تجربته. وخلاصة القول: "ان التضحيات التي قدمها اللبنانيون لم تكن في حجم الاطروحات والمشاريع التي تحققت، قيل عنها انها حرب الآخرين على ارضنا وانها حرب اهلية او حتى اقليمية لكنني اقول انها حرب الحروب، كل الحروب واخشى ان يستخلص البعض بأن لبنان لا ينتج الا الحروب"، وقسم العريضي اسباب الحرب بين داخلي حيث شعر فريق من اللبنانيين بأن النظام يعطي فريقاً آخر امتيازات، وخارجي تمثل في الخلاف حول هوية لبنان منذ سنة .1943 "اما الموضوع الفلسطيني فقد كان اساسياً لكنه لم يكن رئيسياً، فقد استخدم الفلسطينيون كأيد عاملة، ولم تثر مسألة التوطين الا حين حملوا لواء قضيتهم (...) هم ارتكبوا اخطاء لكن يجب عدم تحميلهم اكثر مما يتحملون". مسألة النقد الذاتي "الذي يجب الا يكون 6 و6 مكرر"، اثارها الطالب مراد وتساءل عن دور اليسار اللبناني، ورد العريضي: "هذا النقاش لا يختصر بدقائق، فالحرب انتهت ويجب العمل على عدم تكرارها". وعن ارتباط الصفة الاسلامية بالحركة الوطنية قال ان "الحركة الوطنية لم تضم مجموعات اسلامية بمشروع اسلامي، وهي وضعت مشروع الاصلاح المرحلي للوصول الى العلمانية". الطالبة مفرج من التيار العوني طرحت انتقال الحزب الاشتراكي من المعارضة الى الموالاة في موضوع الوجود السوري، فكان الرد انه يجب "عدم ارتكاب خطأ سياسة الكبار، حين يأخذون جزءاً من تصريح ويعتبرونه مؤرخاً لحقبة معينة (...) الجنرال عون كيف دان دخول الاميركان ثم ذهب الآن اليهم". هدوء وموضوعية الجلسة الثانية تميزت بالهدوء الذي اضفاه الضيف "السابح عكس التيار" سمير فرنجية. وادارها الزميل عماد مرمل وشارك فيها: رودريك ابي خليل (سنة رابعة علوم سياسية - الجامعة اللبنانية)، جوانا نصار (سنة رابعة علوم سياسية - جامعة القديس يوسف) وعلي شكر (كلية الحقوق - الجامعة اللبنانية). طرح مرمل السؤال: "هل كانت الحرب قدراً محكوماً، وتجربتك مع الوجود الفلسطيني هل تندم عليها؟"، فأجاب فرنجية بصوت متزن: "لسنا البلد الاول المقسم، اوروبا عرفت حروباً فاق ضحاياها 100 مليون (...) لكن المأساة اننا دفعنا الثمن ولا يسمح لنا باستخلاص الدروس. الغاية ليست محاسبة الغير بل التطلع نحو المستقبل، نحن نظرياً دخلنا في مصالحة لكن فتح الملفات يستخدم سياسياً". اما اسئلة الطلاب فتناولت شدة ظاهرة العنف اثناء الحرب، ونظرية المؤامرة والحوار بين اللبنانيين. لم يستغرب فرنجية وجود العنف بل سرعة انتشاره، فقد كان الرد على اي حادثة قصفاً عشوائياً يوسع دائرة العنف وهي "ظاهرة عشائرية" وقد تكون ناتجة من قرب الاطراف المتصارعين بعضهم من البعض الآخر. "كلمة المؤامرة مزعجة ولها طابع خفي، ولكن يجب كشف الامور والخروج من قلة الادراك والشطارة اللبنانية بالمعنى السلبي (...) وحدة اللبنانيين هي وحدة الواعين في الطوائف كافة، اما المتطرفون فموجودون في الجهتين". هكذا اجاب عن السؤال الثاني. وعن الحوار، ابتسم فرنجية قائلاً: "اثناء الحرب، كان الحوار بأن يخبر كل قصته للآخر، فيدير الثاني وجهه (...). كانت كلمة حوار تثير اشمئزاز الناس. الحياة ليست خيرا وشرا بل تسوية، العنف كان جزءا من تقاليدنا والحوار هو منطق ما بعد الحرب. اعترافات طلال سلمان الجلسة الثالثة التي أدارها الزميل سمير قصير، استضافت صاحب جريدة "السفير" طلال سلمان وساد فيها جو من الصراحة، وحادثة مضحكة مبكية تمثلت في قيام احدى السيدات قدمت نفسها بأنها المستشارة نبيلة صعب فتح الله، بالتدخل في الحوار بدون اذن مسبق وتعكير الاجواء حتى ختام الجلسات. بداية، تحدث سلمان عن تجربة جريدة "السفير" فقال: "لقد رأينا وكتبنا، والشاهد ليس أبكم، بالتأكيد لم نكن نرى الصورة كاملة، وبالتأكيد اننا أخطأنا ولم نستوعب الحرب (...)". ووصف المقابلة الاولى التي تصدرت الصحيفة حين صدرت في عام 1974 مع ياسر عرفات بأنها كانت "سبقا صحافيا بالمعنى المهني البحت". وعما اذا كان دعم الفلسطينيين "وظيفيا" في السبعينات في ظل التضييق على حقوقهم المدنية اليوم، أجاب سلمان: "الامر المهم هو مواجهة التوطين"، معترفا بانحياز "السفير" اثناء الحرب لانه لم يكن هناك مكان للموضوعية". هل ساهمت الصحافة في تأجيج الحرب؟ "من السهل اتهام الصحافة، لم يكن أحد يقدّر ان الحرب ستمتد حتى التسعين وكان هناك نقص في الرؤية وتحليل أسباب الحرب (...) ظللنا نعتبر ان الخلاف لن يؤدي الى المذابح". وعن ارتباط "السفير" بليبيا، قال: "في عام 1973 كان هناك مشروع وكنت من ضمنه، كان هناك نوع من التلاقي مع القذافي (...) انتهى اليوم". وعن مصادر التمويل لم ينف سلمان ان أي جريدة لبنانية لا تستطيع تحقيق أرباح بمفردها نظرا لضيق سوق الاعلانات. صرخة أم ثكلى الجلسة الرابعة استضافت جوزف ابو خليل وشارك فيها اربعة طلاب: رائد شرف، سامر غمرون، كيفورك بابيان وغسان عبد القادر. ابو خليل الذي ترأس تحرير جريدة "العمل" أثناء الحرب، قال انه خاض الحرب بالكلمة وتحمل أعباءها وانجازاتها، لانه كان "في صميم الصراع السياسي". واختلف في الرؤية مع الوزير العريضي حول أسباب الحرب لانه اعتبر السبب الاول "دخول الفلسطينيين الى لبنان (...) بعد اغلاق حدود الدول العربية في وجههم مما ادى من الناحية السياسية العملية الى الغاء الدولة وانتزاع قرارها، فتعطيل الجيش أدى الى سقوط المؤسسات". "هل كان من الممكن تجنب الحرب؟"، سأل أحد الطلاب، فأجاب ابو خليل: "لقد قمنا بالمستحيل، وكان هناك مئات اتفاقات لوقف اطلاق النار، تدخلت سوريا بوعد ارغام الفلسطينيين على التقيد باتفاق القاهرة، لكنها غيرت سياستها 180 درجة (...) كان المطلوب من هذا البلد ان يبقى ساحة للعرب ولاسرائيل". ولم يتهرب من مسؤوليته الشخصية في تجييش الشارع المسيحي اثناء الحرب، كما فعل الاطراف كافة، معتبرا ان البلد "لم يعط الوقت الكافي لينهض وكان هناك غبن في النظام السياسي، فما حدث مع المسلمين يحدث الان مع المسيحيين، والسلطة تعاملت مع المناطق كملحقات، لا سيما المسلمة منها". ومضيفا "ان الحر ب ما زالت مستمرة لان المصالحة وبناء دولة المؤسسات لم تتم". وكانت سيدة فقدت ابنها أثناء الحرب صرخت في وجه ابو خليل، محمّلة اياه وحزبه دم ابنها. فساد القاعة هرج ومرج ثم خرجت السيدة. وختم قصير اليوم الطويل، معتبرا ان التجربة كانت مشجعة ومثمرة اذ "وصلنا في بعض الجلسات الى اوضاع انسانية جدا، ولا بد من استكمال الحوار". |
|||||
01/11/2003 |
Annahar |
||||
Back To Miscallenious Activities Main |