Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

2 حزيران... نحن هنا

   

في كل ما شهدته معركة انتخابات المتن من وقائع مثيرة، كان المشهد الابرز في فصولها صورة الشباب المحتفلين بالنصر امام مبنى ال أم. تي. في حيث عبروا عن فرحهم بالاناشيد الوطنية والحزبية، والهتافات المنادية بالحرية والسيادة والاستقلال، جامعين صور قادتهم في لوحة واحدة عبّر عنها أحد هتافاتهم: <<الله، قوات، عون وبس>>.
كالعادة، لم يدفع ما جرى، القوى السياسية في المجتمع اللبناني، خاصة تلك التي تحمل الفكر الايديولوجي الواحد، الى قراءة معاني هذه الظاهرة بشكل موضوعي لاستخلاص دروسها، فكانت تفاعلات انتخابات المتن بالنسبة إليها، <<تجييشا طائفيا>>، واستحضارا ل<<رموز الحرب>>، وكان الشباب <<مغررا بهم>> و<<منجرين وراء الشعارات>> خلف <<قيادات هي وحدها المسؤولة عن الحرب>>... الى آخر تلك الاسطوانة الايديولوجية المستهلكة.
غير ان مقاربة هادئة وموضوعية لاحتفالات ال أم. تي. في تقود الى استخلاص بعض العبر والدروس الضرورية. فالشباب فجروا غضبا مكبوتا منذ اثنتي عشرة سنة من الاضطهاد والقمع والتجاهل، وجاؤوا يفرحون بترجمة نضالهم حقيقة سياسية للمرة الاولى، فأنشدوا اغانيهم في أول مناسبة للفرح، بعدما كانت هذه الاغاني حكرا على مناسبات يسودها الغضب والتشنج كالاعتصامات والانتخابات الطالبية.
طبعا، اللامبالون والمتجاهلون كثر. فأولئك لم يذوقوا طعم العذاب والاهانة على يد من يفترض ان يحميهم، لم تدق بابهم في الليالي عناصر المخابرات، لم يعلق أحد منهم على <<بلانكو>> ما، وبالتأكيد لم يسمعوا ضباطا يشككون في لبنانيتهم من خلال سؤالهم عن جنسيتهم كما حصل مع معتقلي 7 آب، لم يتحسسوا عذاب الأمهات، لم تعصب أعينهم ولم يصفعوا ولم يلاحقهم هاجس التوقيف.
هيّص الشباب ورقصوا حاملين صور بشير الجميل وميشال عون وسمير جعجع وداني شمعون، غنوا معاً <<عونك جايي من الله>> و<<بقيت عا وعد البشير القوات اللبنانية>> و<<عالصخر مخفر كتايب>>، وتجاوز القوات والعونيون خلافاتهم فهتفوا <<الله، قوات، عون وبس>>. وهذا ايضا طبيعي ومتوقع رغم موروثات الماضي، فشباب هذين التيارين يُضطهدان معاً ويتشاركان ظلمات السجون، فهل من المنطقي ان يستمرا في التناحر فيما السلطة تتفرج هازئة منهما؟
ومن الطبيعي ان يثير مشهد احتفالات ال أم. تي. في هواجس بعض اللبنانيين من <<مشروع مسيحي>> ما، غير ان القراءة العقلانية تؤكد عدم صحة هذه الهواجس. فالشباب المحتفلون لم يطرحوا مشاريع هيمنة طائفية، لم يدعوا للعودة <<الامتيازات>> مثلا، وكل صراخهم وهتافاتهم وأناشيدهم تعبّر عن رسالة واحدة جاؤوا ليبعثوها بالصوت العالي: نحن هنا.
نحن هنا، بخصائصنا ومميزاتنا وطروحاتنا، نحن هنا على حقيقتنا وكما نريد ان نكون، لا كما يريدنا الغير، تنظيمات إضافية مصفقة لنظام الفكر الواحد.
جئنا لنمد يدنا لحوار حقيقي على قاعدة الاعتراف بالآخر والنقد الذاتي، كما حصل مع الاشتراكيين والمجموعات اليسارية و<<طلاب شيوعيون>>، ونقول لا لحوار كاذب تفرض فيه علينا شروط مسبقة ونتلو <<فعل ندامة>> عن حرب يتحمل جميع اللبنانيين مسؤوليتها.
هذه هي ببساطة معاني ما جرى أمام ال أم. تي. في والحديث عن <<استحضار الحرب>> و<<التحريض الطائفي>> مبالغ فيه، ان لم يكن صادرا عن سوء نية. ف<<المدافع>> بالمعنى الرمزي ، التي كانت حاضرة في بعض الاغاني، لم تكن موجهة ضد أحد في لبنان، بل كانت <<تصرخ>>: <<ايدك عن لبنان>>، المستهدف إذاً هو من يضع يده على لبنان لا المواطن اللبناني مهما كان انتماؤه.
الشارع المسيحي يغلي، صحيح. ولكن مسؤولية هذا الغليان تقع على من أشعل النار. وإذا كانت تقع على القوى المعارضة مهمة تبديد الهواجس، حقيقية كانت أو وهمية، فمهمة القراءة الموضوعية لمعاني الانتصار الانتخابي تقع على عاتق جميع اللبنانيين.
الكرة الآن في ملعب السلطة والقوى السياسية التي تعتبر نفسها منتصرة وبمنأى عما يجري، وسياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمل باتت نتائجها خطيرة، فإما أن تُفهم دروس 2 حزيران، فتطلق ورشة حوار لبناني حقيقي لتحقيق مصالحة وطنية راسخة ومعالجة العلاقات اللبنانية السورية، وإما ان يستمر تجاهل <<الغليان>> مما يفاقم الأزمة الوطنية التي لن تحلها مبادرات استيعابية و<<تنفيسية>> لم تعد أهدافها تنطلي إلا على السذج.
فحذار تجاهل معاني الانتخابات، حذار الاستمرار في سياسة التهميش وكسب الوقت، حذار صم الآذان عن صراخ الشباب، لأن الهيكل الذي بنته سلطة الوصاية السورية وربيبتها اللبنانية مهدد بالسقوط في أي لحظة على رؤوس الجميع، فلنعمل على حماية انفسنا لأن السقوط سيكون مدوياً.

   
Date Unknown Assafir
   

Back To Documents