Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

الحركة الطالبية بين انشقاقات الداخل وانقسامات الخارج
غياب عن الاستحقاقات الجامعية المصيرية ... واصطفاف وراء شعارات سياسية بالية!
 

   

لم تكن المنظمات الطالبية والشبابية يوما في مثل سقوطها الحالي وانحدار مستواها وانعدام الرؤية لديها. وإذ تبدو الخلافات السياسية مفهومة على مستوى العلاقات العامة بين هذه المنظمات، فإن ما يستعصي على المنطق ان يشهد معظمها انقسامات داخلية وانشقاقات، فيما الجامعة اللبنانية تكاد في نزعها الاخير تُسلِم الروح وليس ثمة من يبكيها.



كان متوقعا للحركة الطالبية ان تستعيد بعد الحرب موقعها الذي ناضلت منه قبلها لقضايا وطنية وجامعية وأكاديمية. ومع انفتاح الوطن على نفسه عقب اتفاق الطائف انتظرت الاوساط الجامعية ان تلتف القوى الطالبية حول نفسها لاعداد برنامج اكاديمي تناضل على اساسه من اجل اعادة احياء الدور الرائد للجامعة التي نكّلت الحرب ببنيتها فهشّمتها وهمّشتها.

لكنّ واقع المنظمات الطالبية والشبابية اليوم لا يشير إلا الى مزيد من الانقسام والتشرذم والسطحية في اوساطها، فتغيب غيابا تاما عن استحقاقات كثيرة ابرزها مصير الجامعة، ولكنها تحضر بقوّة في اي تجييش مطلوب يريده لها زعماء الاحزاب المنتمية اليها، فتصطف القوى الطالبية ضد نفسها، وترفع شعارات بالية ويروح بعضها يرمي بعضها الآخر بتهم العمالة والتزلف والارتهان.

انما الطامة الكبرى ليست في ذلك فحسب، بل في ان غالبية هذه المنظمات أمست منقسمة على نفسها، وكل واحدة صارت اثنتين وثلاثاً وأكثر، تتبادل في ما بينها تهم الانقسام والتبعية.

فهل الأسس التي ترجع اليها الانقسامات "متينة" ومنطقية ومبررة، وتصب في خانة الاختلاف السياسي والاكاديمي ويروم منها المعنيون بها المصلحة الطالبية العامة، ام هي هشة ووضيعة تفضح "ابطالها" وتبيّن سطحية تفكيرهم واهدافهم؟



الانقسام العام

انقسام الحركة الطالبية نوعان: الاول هو الانقسام العام القائم على تحالفين او خطابين يعكسان الوضع السياسي في البلاد، والآخر الانقسام الداخلي بين المنظمات الطالبية نفسها ويعكس الازمة البنيوية والتنظيمية لعدد من الاحزاب والفراغ السياسي في الاوساط الشبابية.

الانقسام العام تبلور كنتيجة طبيعية للأوضاع السياسية التي رست بعد الطائف، وتمثلت بفريقين يمكن تصنيفهما بفريق السلطة المدعوم من سوريا، وفريق المعارضة المسيحية الذي يرتكز خطابه على معارضتها. هكذا نجد الحركة الطالبية في المسائل السياسية الكبيرة تلتحق بركب اسيادها، فتصير المنظمات الشبابية وقود التعبئة وفتيلها. فإذا دعت المعارضة المسيحية، قبل "قرنة شهوان" والآن، الى تحركات مناهضة للسياسة السورية في لبنان، تدعو "القوى والاحزاب الوطنية" الى تحرك مضاد. فيصطف في الفروع الثانية للجامعة اللبنانية الطلاب العونيون والقواتيون ومعهم "الاحرار" والكتلة الوطنية وسائر المؤيدين لمواقفهم، فيما تنعقد تلقائياً خناصر الوحدة بين طلاب حركة "امل" والحزب القومي وشباب المستقبل و"حزب الله" والجماعة الاسلامية والبقية المؤيدة. اما منظمة الشباب التقدمي فتكون تارة هنا وطوراً هناك، تبعاً للمزاج السياسي لرئىس الحزب التقدمي وقراءته للاوضاع الاقليمية والمحلية، فيما يتذبذب اليساريون في خطاب منقسم وهجين لا احد يفهم مراميه. من دون ان ننسى الصراع بين طلاب "الكتائب" الذين باتوا في العهد الجديد للحزب محسوبين على السلطة، وبين طلاب ما يسمى "القاعدة الكتائبية" المحسوبين على المعارضة.

أقسى النعوت والصفات وابشعها واكثرها مقتاً ومدعاة للغثيان، يرميها كل فريق على الآخر. يقف ممثلو المنظمات الشبابية والهيئات الطالبية على منابر ليست لهم، ليقولوا كلاماً ليس لهم. لكن المهم لدى كل منهم، ان يتحقق الشحن والتجييش المطلوبان، لتزداد الهوة بين طلاب لبنان وتتعمق الانقسامات، فينتشي عند ذلك زعماء الاطراف السياسيون الذين يرون في شبابهم ذخيرتهم الدائمة للرمي على خصومهم حين يعجزون هم او يهابون. هكذا مثلاً، ينعكس هذا الجو مناطقياً، فلا يعود غريباً في انتخابات الجامعة اللبنانية - الاميركية مثلاً ان يفوز "طلاب السلطة" في فرع بيروت، و"طلاب المعارضة" في فرع جبيل.

وكما لو انهم نسوا ماذا يمثلون ومَن، يمضي مسؤولو المنظمات الشبابية في معارك سياسية متبادلة، هي في الواقع صنيعة بعض مَن يحرصون على ابقاء اجواء التعبئة والتعبئة المضادة قائمة في الأوساط الشبابية. لكن عند الاستحقاقات الاكاديمية، يصمت الجميع ويغيبون عن ميدانهم الحقيقي، او يكتفون ببيانات استنكار وشجب، وفي اقصى الحالات باعتصامات مفبركة ومفضوحة في كلياتهم.

هكذا مرّت زيادة الرسوم لطلبة الديبلوم ومضاعفتها مرات، كون الاعتراض انحصر بطلاب كلية واحدة تحركوا بلا جدوى. وهكذا ايضاً بقيت الجامعة اللبنانية سنة وأشهراً بلا عمداء، وتتعرض يومياً للابتزاز والتشهير والاحباط، والمنظمات الشبابية والطالبية صامتة صاغرة، لا تحتج بغير البيانات التي فاضت من سلات المهملات لدى المعنيين. وهكذا ايضاً وايضاً، يُضرب كل معيار أكاديمي في تعيين العمداء وأخيراً مديري الفروع، وليس ثمة من يعترض باستثناء المتضررين المباشرين الذين لا يلقون من زملائهم في فروع اخرى دعماً ولا تضامناً، كون القضية الاكاديمية البحتة صارت محض سياسية بسبب التجييش التلقائي الذي يتفاعل في الأوساط الطالبية.

فهل أمست مجالس الفروع صوراً وهمية للحركة الطالبية الهجينة هذه، وباتت اشكالا واهية لا دور لها ابعد من حفظ سطوة احزابها وتياراتها؟ وماذا يمنع المنظمات الشبابية على اختلاف سياساتها، من "التيار الوطني الحر" الى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، ومن "القوات" الى "حزب الله" وحركة "امل"، من صوغ برنامج اكاديمي مفصول تماماً عن التوجهات السياسية ومحصور بالتصدي الطالبي لاجراءات اعدام الجامعة اللبنانية، فيكون الموقف من تجاوز المعايير الاكاديمية في تعيين العمداء والمديرين مثلا، موقفاً واحداً رافضاً يُجبر المعنيين على اعادة النظر في نهجهم؟ ولماذا لا يكون الموقف موحداً بين هؤلاء من موضوع توحيد الجامعة اللبنانية على أسس اكاديمية واضحة يطرحها الطلاب المختلفو الاتجاهات السياسية للنقاش العلمي الموضوعي، ويتخذون في ضوء ذلك موقفاً واحداً يواجه بقوة اي اخلال بالمعايير الاكاديمية؟ واي منطق شاذ واعوج ذاك الذي ينجح في فرز الحركات الطالبية وجعلها تصطف بعضها ضد البعض الاخر في موضوعات محض اكاديمية لا دخل للتفاصيل السياسية فيها؟

لا شك في انه الافلاس السياسي وانعدام الرؤية لدى الاحزاب وطلابها. فأن تكون بعض الحركات الطالبية تتحرك هنا وهناك لمطلب ما او حتى لقضية حريات كما يحصل غالباً في الفروع الثانية، فهذا ليس في شيء من موضوع توحيد الحركات الطالبية حول برنامج اكاديمي. والتحركات التي تُنظم لمجرد مواجهة تحركات اخرى، هي، في الواقع، المدمِّر الاساسي لما تبقى من روح طالبي في قلب الجـامـعـة الـلـبـنـانـيـة وفي اوساط الجامعيين عموماً.



... والانقسام الداخلي

ولكن يبطل العجب من واقع التشرذم السياسي الطالبي هذا، اذا القينا نظرة سريعة على "داخل" المنظمات الشبابية نفسها. ذاك ان فراغ الخطاب الاكاديمي للمنظمات الطالبية والشبابية لا يعود مستساغاً لدى الطلاب جميعهم، فتبرز انشقاقات وانقسامات داخلية، تكون انعكاساً لأزمات الأحزاب الأم. هكذا مثلاً، تدور منذ مدة خلافات هادئة تارة وحامية طوراً داخل منظمة الشباب التقدمي على خلفية التغييرات في المواقف السياسية للنائب وليد جنبلاط، والتي كانت سبباً اساسياً في هزيمة طلابه في انتخابات الجامعة الاميركية. وفي موقع آخر، تدور نقاشات وتجاذبات حامية في اوساط مصلحة الطلاب في "القوات اللبنانية" لأسباب تنظيمية على مستوى الحزب المحظور، وكذلك لأسباب سياسية نتيجة التطورات التي شهدتها الساحة المسيحية في العامين الأخيرين. وفي اوساط "حزب الله" الطالبية ايضاً، اسئلة عن جدوى مراوحة نشاط طلابه في اطار الخطاب التعبوي للمقاومة على حساب الانخراط الفعلي في التصدي للاستحقاقات الجامعية الاكاديمية. اما في اوساط اليسار، فالانقسامات على اشدها وخصوصاً في "اتحاد الشباب الديموقراطي" وكذلك في اوساط المنشقين عنه. فثمة "طلاب شيوعيون" والمجموعات اليسارية الاخرى مثل "بلا حدود"، وفي مقلب آخر "حركة الشعب" ومستقلون مقربون من اليسار. وتشهد الاوساط الطالبية في حركة "امل" و"القومي" و"التيار العوني" مثلاً تماسكاً ملحوظاً، لكنه لا يخفي اختلافات مرحلية تتعلق ببعض الاستحقاقات الطالبية وابرزها ما يتعلق بالانتخابات الطالبية والتحالفات.

هل الاختلافات والانقسامات المذكورة داخل المنظمات الشبابية والطالبية سيئة في المطلق ام هي ايجابية تغني النقاشات الداخلية؟

في الواقع هي بين السلبية والايجابية. فسلبيتها في انها لا تعتمد لاصلاح الامور خطاباً واضحاً يحدد ما تريده تماماً وما توجهاتها ومراميها، مما يحوّل النقاشات الداخلية في احيان كثيرة حوار طرشان ينتهي باجراءات "تأديبية" وفصل اعضاء وتجميد عضوية آخرين، من دون التوصل الى نتائج ايجابية لافتة. اما ايجابيتها فتكون في بعض المحاولات الاصلاحية التي تطرح عناوين للنقاش، فيدور هذا في اجـواء داخـلـيـة مـلائـمـة تـبـعـاً لـلـحـزب المعني وطبيعة المـعـترضـيـن فـي اوسـاطـه الـطـالـبـيـة. فمنهم من يعترض لأسباب واضحة وهدفه الاصلاح، وآخرون يعترضون لاثارة الانشقاق لمصلحة توجهات مختلفة. وثـمـة انـشـقـاقـات تـتـخذ ابـعـاداً سـيـاسـيـة مـهـمـة، كتلك الحاصلة في الاوساط اليسارية حيث يتهم الطلاب المنشقون عن "اتحاد الشباب الديموقراطي" الحزب الشيوعي بمساومات سياسية في الداخل ومع سوريا، ويتهمهم الحزب بالعمل لمصلحة تكتلات طائفية ويقصد بها "قرنة شهوان" وتيارات المعارضة المسيحية.

ما المطلوب من الحركات الطالبية والمنظمات الشبابية لتكون على قدر المسؤولية؟

ليس المطلوب طبعاً ان يعتكف الطلاب عن السياسة وشؤونها، ولا ان يخرجوا من احزابهم او يوقفوا تأطير انشقاقاتهم. انما المطلوب، وفق آراء اكاديميين وطلاب مستقلين وحتى حزبيين، الجلوس الى طاولة "اكاديمية" تضع برنامجاً منفصلاً عن التوجهات السياسية ويحدد نقاطاً اساسية تخوض الحركة الطالبية معاركها موحدة، وابرزها انقاذ الجامعة اللبنانية من حالتها الراهنة، ورفض التجاوزات الاكاديمية في التعيينات المتعلقة بها، والدفاع عن مصالح الطلاب ورفض المس بحقوقهم، ودفع مجلس الجامعة الى ألاّ يرتضي لنفسه دور الدمية الذي يؤديه بطيبة خاطر، واطلاق برنامج شامل لتغيير بعض المناهج وتطوير بعضها الاخر لتكون في المستوى الاكاديمي اللائق بسمعة الجامعة، الى عناوين اخرى.

وهذه كلها عناوين يمكن الاتفاق في شأنها، ويمكن عبرها اعادة اللحمة الى الوسط الطالبي والشبابي، الا اذا ارتضت الحركات الطالبية لنفسها ان تبقى على تشرذمها وانقساماتها، وبالتالي على استهتارها بدورها وتجاهلها لتاريخها العريق وتنكرها لانجازاتها.
 

   
08/11/2002 Annahar
   

Back To Documents