فكرة منطقية ....
لا أدري إن كنت جئت هنا بالصدفة أم نتيجة للحسابات المعقدة كالتي قمت أنا بها ..
هل تذكر القلادة التي كان الرجل يلبسها ؟
هل تذكر قائمة الحروف الهيروغليفية ؟
إن الترجمة تقول بلا شك إن المكتوب هو (روان).. والصندوق الثالث كتب عليه (روان)..
هل لهذا معنى ما ؟.. لا أدري .. إن الغريق يتعلق بالقشة .. والرجل لا يخلو من روح الدعابة، ولا أشك في أنه يكره ألا يضع لي لغزاً صعباً..
لهذا أختار الصندوق الثالث ....
لم يكن الموجود في الصندوق هو زوجتي ..
بالتأكيد لم يكن هي ..
هذا الشيء الذي ينهض وقد سقط الجلد عن نصف وجهه وتسلخ بالكامل.. وقد فقد إحدى عينيه والأخرى أوشكت على هذا .. إنها مومياء ..
ونظرت في هلع إلى الوراء لأرى الساحر يضحك.. يضحك في سرور كأنه يشاهد طفلاً يتعثر مع مشيته الأولى.. وقال:
ـ" ذكي جداً !.. لم أخدع نفسي حين توقعت أن تتذاكى علي .. لقد وقعت في الشرك .. والدرس الذي يجب أن تتعلمه ـ وهو آخر درس لك على كل حال ـ هو أن علاقات الأشياء لا توجد بالصدفة .. لا يجب أن يكون الصندوق هو المقصود لمجرد أن الكلمة عليه تشبه تلك التي على قلادتي .. هذه هندسة بولغ فيها .. هذه هي النظرة الغائية للكون التي تفترض أن كل شيء مرسوم لفلسفة ما، والناس كفت عن الغائية من عهد (جالينوس).."
لم أتابع كل هذه المحاضرة الفلسفية لأنني كنت أتراجع إلى الوراء في رعب ..
أتراجع إلى القفص ...
في اللحظة التالية سمعت صوت الجنزير يوضع .. وأدركت أن من يحبسني هو هذا المسخ الذي نهض من الصندوق ..
رحت أهز القضبان في هلع .. أهزها في هستيريا ..
قال الساحر وهو يبتسم:
ـ" لا مخرج لك فأنت لا تملك قدرات (موهون) العظيم .. يمكنك أن تجرب الحياة شهراً هنا، ولن أقول خمسمائة عام !!"
وشعرت بالظلام يتغلغل إلى المكان بينما هو يقول بصوته الرهيب:
ـ" سوف تعتاد عيناك الظلمات سريعاً.. عندها ستجد قلماً وورقاً في القفص .. يمكنك أن تكتب لمن يجدون جثتك هذه القصة .."
واضاف وصوته يبتعد:
ـ" إنها مسلية لكن نهايتها محزنة .. وأنا أحب القصص المحزنة .."
لهذا يا رفاق أكتب هذه السطور الأخيرة قبل أن أجرب حظي ..
لابد أن أفلح في اصطياد أحد هذه الوطاويط إذا أردت أن أظل حياً.. ألا ترون هذا معي ؟
النهــــــــــــــــــــــــــــايـــــــة